بوتفليقة أكد في رسالة استقالته أنها جاءت لتجنب "انزلاقات وخيمة" (Reuters)
تابعنا

أعلن الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، مساء الثلاثاء، تقديم استقالته من منصبه لينهي بذلك مسيرة 20 سنة في الحكم تحت ضغط انتفاضة شعبية غير مسبوقة في تاريخ البلاد دعمتها قيادة الجيش.

وقال بوتفليقة في رسالة استقالته التي قدمها للمجلس الدستوري ونشرت مضمونها وكالة الأنباء الرسمية، مساء الثلاثاء، إن استقالته من منصبه قبل نهاية ولايته في 28 أبريل/نيسان، جاءت لتجنب "انزلاقات وخيمة".

وأوضح بوتفليقة "لقد أقدمت على هذا القرار، حرصاً مني على تفادي ودرء المهاترات اللفظية التي تشوب..، واجتناب أن تتحول إلى انزلاقات وخيمة..".

وتابع "قصدي من اتخاذي هذا القرار إيماناً واحتساباً، هو الإسهام في تهدئة نفوس مواطنيَّ وعقولهم لكي يتأتى لهم الانتقال جماعياً بالجزائر إلى المستقبل الأفضل الذي يطمحون إليه طموحاً مشروعاً".

وألمح بوتفليقة إلى وجود قرارات ستصدر لاحقاً بشأن سير المرحلة الانتقالية بالقول "لقد اتخذت في هذا المنظور الإجراءات المواتية عملاً بصلاحياتي الدستورية وفق ما تقتضيه ديمومة الدولة وسلامة سير مؤسساتها أثناء الفترة الانتقالية التي ستفضي إلى انتخاب الرئيس الجديد للجمهورية".

ما بعد بوتفليقة

وجاءت خطوة بوتفليقة وفق الفقرة الرابعة من المادة 102 من الدستور التي تنص على أنه "في حالة استقالة رئيس الجمهورية أو وفاته، يجتمع المجلس الدستوري وجوباً ويُثبِت الشغور النهائي لرئاسة الجمهورية". وتُبلّغ فوراً شهادة التصريح بالشغور النهائي إلى البرلمان الذي يجتمع وجوباً.

ويتولّى رئيس مجلس الأمة مهام رئيس الدولة لمدة أقصاها 90 يوماً، تنظّم خلالها انتخابات رئاسية. ولا يَحِق لرئيس الدولة المعيَّن بهذه الطريقة أن يترشح لرئاسة الجمهورية.

ووفق الدستور فإن المجلس الدستوري سيجتمع في أقرب وقت للنظر في رسالة استقالة بوتفليقة.

وجاء قرار بوتفليقة بعد وقت قصير من إعلان قائد أركان الجيش الجزائري الفريق أحمد قايد صالح تمسُّك المؤسسة العسكرية بتطبيق المواد الدستورية المتعلقة بشغور منصب رئيس الجمهورية، منتقداً ما سمّاه "التعنُّت من قبل جهات لا تهمها سوى مصلحتها"، وورد ذلك في بيان لوزارة الدفاع، الثلاثاء، بعد اجتماع القيادة الكاملة للجيش.

تحذير من السيناريوهات القادمة

من ناحيته قال رئيس الوزراء السابق علي بن فليس لـTRT عربي "لا بد من الذهاب للجديد والجديد لا يُبنى على أمور تركتها القوى غير الدستورية التي حكمت البلاد على مر السنوات الماضية". مؤكداً أن الجزائر عاشت ثورة مدنية سلمية حضارية لمدة ستة أسابيع.

وأضاف بن فليس "لا نريد أن نقارن ما جرى في الجزائر بما جرى في البلدان العربية الأخرى، يخطئ التقدير من يقارن ما حصل في الجزائر بما حصل فيما يسمى بالربيع العربي".

وشدد "لا بد من الذهاب عاجلاً إلى انتخابات رئاسية نظيفة يُتفق على كيفية إجراءاتها في غضون ستة أشهر"، وأكد بن فليس أن "المرحلة الانتقالية لا بد أن تكون مشروعاً رئاسياً وعلى كل السياسيين الذين يريدون الترشح أن يعرضوا على الشعب تصوُّرهم لتلك المرحلة".

واستبعد بن فليس التدخل الأجنبي في الجزائر، مؤكداً أن المرحلة الانتقالية هي التي ستمنع التدخل الأجنبي فيها.

من جهة أخرى، قال عبد الرزاق مقري رئيس حركة مجتمع سلم لـTRT عربي، "إن الشعب لا يقبل وجود وجوه نظام بوتفليقة لتسيير المرحلة"، وأضاف أن "الشعب يريد أن ينتقل بعد بوتفليقة إلى جزائر جديدة تتجسد فيها الإرادة الشعبية من خلال الانتخابات الحرة والنزيهة".

وحول احتمالية تكرار السيناريو المصري في الجزائر، قال "لا يوجد خطر للوصول إلى السيناريو المصري بأن تتحكم المؤسسة العسكرية مباشرة في السلطة لكن الخوف هو الرجوع للسيناريو الجزائري ما قبل بوتفليقة إذ كان للمؤسسة العسكرية دور أساسي في تعيين الرؤساء والتزوير الانتخابي".

وأكد "نريد أن تتجسد الإرادة الشعبية وأن تلتزم المؤسسة العسكرية بصلاحياتها الدستورية، وهذا ما تؤكده قيادة الأركان الآن وهو ما يجب أن يتطور إلى أمر عملي في المستقبل".

من جهتها أكدت رئيسة حزب الاتحاد من أجل التغيير زبيدة عسول في تصريحات لـTRT عربي رفضها "لتدخل الجيش في القرار السياسي بالجزائر"، لكنها استدركت بأن "المرحلة حازمة وأن الجيش لا بد أن يرافق هذه المرحلة، ولكن بعد استقالة الرئيس لا بد من التفاوض مع المجتمع المدني والسياسيين الذين يقررون كيف تدار المرحلة الانتقالية".

بدوره عدّ أستاذ القانون في جامعة وهران بوسلام ناصر في تصريحات لـTRT عربي أن تعنُّت بوتفليقة في قضية الاستقالة جعل المؤسسة العسكرية تعود بقوة كبيرة إلى المشهد السياسي بعد أن عمل بوتفليقة على تحييدها أثناء عهدته الثانية والثالثة.

وكان رئيس الأركان قايد صالح قال في وقت سابق، الثلاثاء، إن الجيش سيرفض أي قرار خارج الدستور، في إشارة إلى البيان الصادر عن رئاسة الجمهورية، الإثنين، والذي تعهُّدت فيه بقرارات هامة قبل رحيل بوتفليقة.

وأشار صالح إلى أنه "لا مجال للمزيد من تضييع الوقت وأنه يجب التطبيق الفوري للحل الدستوري المقترح المتمثل في تفعيل المواد 7 و8 و102، ومباشرة المسار الذي يضمن تسيير شؤون الدولة في إطار الشرعية الدستورية".

وتابع "قرارنا واضح ولا رجعة فيه، إذ إننا نقف مع الشعب حتى تتحقق مطالبه كاملة غير منقوصة، وبصفتي ابن الشعب وبناء على المسؤولية التاريخية الملقاة على عاتقي، فلا يمكنني إلا أن أنحاز لهذا الشعب الذي صبر طويلاً، وحان الوقت أن يسترجع حقوقه الدستورية المشروعة وسيادته الكاملة".

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً