يعتزم رئيس الحكومة التونسية إجراء تعديل وزاري كبير قد يخرج من خلاله حركة النهضة من الائتلاف الحاكم (Reuters)
تابعنا

منذ أن قفزت شبهة تضارب المصالح التي تحوم حول رئيس الحكومة التونسية إلياس الفخفاخ إلى المشهد بدأت التحالفات والاتفاقات التي احتاجت أشهراً للتوصل إليها بالانهيار، خاصة مع إصرار حركة النهضة على ابتعاده عن المشهد إلى حين النظر في قضيته.

هذا الإصرار من الحركة التي تمثل الأغلبية البرلمانية، تجسد في قرار مجلس الشورى المنعقد آخر الأسبوع الماضي، والذي فوض رئيس الحركة راشد الغنوشي ببداية المشاورات مع رئيس الجمهورية من أجل إيجاد بديل للفخفاخ.

الأمر الذي لم يرق لقيس سعيد على ما يبدو، إذ خرج بعد يوم من القرار مستقبلاً رئيس الحكومة والأمين العام للاتحاد العام التونسي، حيث شدد على احترام الدستور وعدم دخوله في أي مفاوضات جديدة ما دام الفخفاخ يتمتع بالصلاحيات الكاملة.

الفخفاخ يلعب كل أوراقه

لم يتأخر رد فعل الفخفاخ على قر ار مجلس شورى "النهضة" بشأن إطلاق مشاورات لتشكيل حكومة جديدة، إذ قرر إجراء تعديل وزاري، مع تلميحات بإزاحة "النهضة" من الحكومة.

وقال الفخفاخ في بيان إنه سيجري تعديلاً وزارياً "خلال الأيام القليلة المقبلة"، معتبراً دعوة "النهضة" إلى تشكيل حكومة جديدة "تهرباً للحركة من التزاماتها وتعهداتها مع شركائها في الائتلاف في خضم مساع وطنية لإنقاذ الدولة واقتصاد البلاد المنهك".

وأردف أنه "بذل مساعي عديدة ومتكررة، خلال الأسابيع المنقضية، لتثبيت دعائم الائتلاف الحكومي، غير أن هذه الجهود اصطدمت بمساعٍ موازية وحثيثة من طرف حركة النهضة غايتها إدخال تعديلات جوهرية" على الحكومة.

واعتبر الفخفاخ أن دعوة "النهضة" إلى "تشكيل مشهد حكومي جديد يعتبر انتهاكاً صارخاً للعقد السياسي الذي يجمعها مع الأطراف الأخرى ومع رئيس الحكومة، واستخفافاً باستقرار مؤسسات الدولة"، كما أنها تؤكد "غياب المسؤولية في هذه المرحلة الحرجة"، وفق البيان.

وزاد بقوله: إن "حركة النهضة تعللت في موقفها الداعي لإحداث تغيير في المشهد الحكومي بقضية تضارب المصالح التي وقع النفخ فيها مع تأليب الرأي العام وتضليله بخصوصها".

🔴 تونس في 13 جويلية 2020 بيان رئيس الحكومة على اثر الندوة الصحفية لحركة النهضة صبيحة هذا اليوم والبيان الصادر عنها...

Posted by ‎Présidence du Gouvernement Tunisien - رئاسة الحكومة التونسية‎ on Monday, 13 July 2020

بيان الفخفاخ يأتي مباشرة بعد كلام الرئيس قيس سعيد الذي أعلن فيه رفضه التشاور لتشكيل حكومة جديدة ما دام رئيس الوزراء الحالي لم يقدم استقالته أو توجه إليه لائحة اتهام.

وقال سعيد خلال لقائه الفخفاح ونور الدين الطبوبي الأمين العام لأكبر منظمة نقابية: إن "الحديث عن تسيير مشاورات بين رئيس الدولة وعدد من رؤساء الأحزاب حول تشكيل حكومة جديدة هو من قبيل الافتراء".

وأضاف: "لن تحصل أي مشاورات مع أي كان ما دام رئيس الحكومة كامل الصلاحيات".

وتابع: "إن استقال (رئيس الحكومة) أو تم توجيه لائحة اتهام له في ذلك الوقت رئيس الجمهورية يمكن أن يقوم بمشاورات".

لقاء رئيس الجمهورية قيس سعيد مع رئيس الحكومة السيد إلياس الفخفاخ و الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل السيد نور الدين الطبوبي

Posted by ‎Présidence Tunisie رئاسة الجمهورية التونسية‎ on Monday, 13 July 2020

التحقيق مستمر

على وقع هذا الصراع بين حركة النهضة وإلياس الفخفاخ، لا يزل ملف "تضارب المصالح" قيد النظر والتدقيق من قبل هيئة مكافحة الفساد التي يرأسها شوقي الطبيب.

وأعلنت الهيئة إحالة وثائق تتعلق بالتصريح بالمكاسب وشبهات تضارب مصالح متعلقة بالفخفاخ إلى كل من القضاء ورئيس البرلمان.

وقالت الهيئة، في نشرتها الإخبارية الأسبوعية: إنها "أحالت الوثائق المتعلقة بالتصريح بالمصالح والمكاسب لرئيس الحكومة إلياس الفخفاخ، إلى وكيل الجمهورية لدى القطب القضائي الاقتصادي والمالي (هيئة قضائية مختصة بمكافحة الفساد المالي والاقتصادي)".

وأضافت: أنها "أحالت أيضاً وثائق ومعطيات لها علاقة بشبهات تضارب مصالح في صفقة عمومية أحد أطرافها شركة يمتلكها الفخفاخ إلى الغنوشي، بناء على طلبه بصفته رئيس البرلمان".

وكانت هيئة مكافحة الفساد أعلنت، في 30 يونيو/ حزيران الماضي، وجود "شبهة تضارب مصالح" للفخفاخ بشأن امتلاكه أسهماً في شركات تتعامل مع الدولة تجارياً، وأبرمت معها صفقات، وهو ما يمنعه القانون.

النشرة الإخبارية الأسبوعية للهيئة الوطنية لمكافحة الفساد -عدد ② , لشهر جويلية 𝟮𝟬𝟮𝟬 #INLUCC #ما_تخليش_الفساد_يفكلنا_تونس #بلغ_عن_الفساد_80102222 🇹🇳👁️📱☎️📢

Posted by ‎Inlucc Tunisie الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد تونس‎ on Monday, 13 July 2020

سعيد والغنوشي.. معركة الكواليس

لا يمكن لأيٍ من المتابعين للمشهد السياسي في تونس، فصل ما يحصل بين حركة النهضة وإلياس الفخفاخ، عن العلاقة بين رئيس البرلمان راشد الغنوشي ورئيس الجمهورية قيس سعيد.

بدأت معالم هذه العلاقة تظهر منذ واقعة اتصال راشد الغنوشي بصفته رئيساً للبرلمان برئيس حكومة الوفاق الليبية فايز السراج لتهنئته وقتها بتحرير قاعدة الوطية من مليشيات حفتر، الأمر الذي اعتبره كثيرون ومنهم قيس سعيد تجاوزاً له ولصلاحياته، إذ يعتبر الدستور التونسي الدبلوماسية والعلاقات الخارجية من صلاحيات رئيس الجمهورية.

رد قيس سعيد وقتها كان في كلمة له أمام قادة عسكريين بأن تونس لها رئيس واحد، ويمثلها شخص وحيد في الخارج وهو من يتحدث باسمها، ومنذ تلك اللحظة أصبحت العلاقة تتسم بالفتور والضعف.

إذ لا ينفك قيس سعيد عن انتقاد الأداء البرلماني للنواب، معتبراً إياه مؤسسة بلا فائدة بسبب الانقسامات التي تسكنه، كما لا يفوت فرصة للدعوة فيها إلى مشروعه الانتخابي القائم على حل البرلمان وتغيير النظام السياسي والتحول نحو الحكم المحلي.

الغنوشي بدوره لم يعتد على وجود رئيس غير متفق معه على السياسات الكبرى، ففي أحد التسريبات من اجتماع مجلس الشورى لحركة النهضة وصف الغنوشي الرئيس بأنه غير ملم بالشأن الإقليمي ولا يعرف كيف يتحرك.

هذا الفتور في العلاقة الذي يزداد اتساعاً كل يوم انعكس مباشرة على حكومة السيد إلياس الفخفاخ، الذي أتى به الرئيس بحسب الفصل 89 من الدستور، لكن بحسب الدستور ذاته لا يمكن التخلي عن الفخفاخ إلا في صورة الاستقالة أو سحب الثقة بالأغلبية المطلقة، وفي كلتا الحالتين فإن المبادرة تعود لرئيس الجمهورية لاختيار شخصية أخرى.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً