احتفال السوريين بتحرير تل أبيض من التنظيمات الإرهابية (AA)
تابعنا

على الرغم من وضوح أهداف العملية العسكرية التركية نبع السلام، في تطهير منطقة شرقي الفرات من التنظيمات الإرهابية وحماية المدنيين هناك وتخليصهم من معاناتهم على يد أفراد هذه التنظيمات، إلا أن الجامعة العربية عارضت العملية وعقدت اجتماعاً طارئاً لوزراء الخارجية العرب في القاهرة، نددت فيه بما أسمته بـ"التدخل التركي في سوريا".

هذا التحرك الرسمي العربي والإدانة العربية لم يكن بالإجماع، فقد تحفظت 4 دول عربية على قرار الاجتماع الوزاري العربي الطارئ الذي أيدته عدة دول بينها مصر والإمارات والسعودية، والذي شهد غياباً ملحوظاً لنحو نصف التمثيل الوزاري للدول واستبداله بمندوبين دولهم بالجامعة.

ورغم أن سوريا أرض تنفذ عليها دول كواشنطن وروسيا وإيران عمليات عسكرية، ولم تخرج بيانات تدين القصف الذي أودى بحياة آلاف المدنيين هناك، إلا أن البيان الختامي للجامعة العربية، شدد على "وحدة واستقلال سوريا، مطالباً بوقف العملية العسكرية التركية، وبأن يتحمل المجتمع الدولي مسؤوليته والنظر في إجراءات تمس مستوى العلاقات العربية التركية والتعاون في عدة مجالات"، ولم يتطرق البيان مطلقاً للوجود الروسي والأمريكي والإيراني في سوريا ودوافعه.

تأييد عربي رسمي للعملية

العديد من الدول العربية وقفت إلى جانب تركيا، ورفضت ما جاء في بيان جامعة الدول العربية، فقد أيدت قطر العملية واعتبرتها حقاً سيادياً لأنقرة، وهو ما أثار دعوات غير رسمية لاسيما من مصر والسعودية ضدها لتجميد عضويتها بالجامعة.

وأعلنت وزارة الخارجية الليبية في بيانٍ رفْضها البيان الختامي للجامعة العربية الذي دعا إلى النظر في خفض التمثيل الدبلوماسي ووقف التعاون مع تركيا.وقالت وزارة الخارجية بحكومة الوفاق الوطني المعترف بها دولياً في بيان نشرته على موقعها الإلكتروني، "ليبيا ترفض خفض التمثيل الدبلوماسي ووقف التعاون مع الجمهورية التركية".

واتهم المجلس الأعلى للدّولة الليبي، الأحد، جامعة الدول العربية بأن بياناتها وقراراتها باتت رهينة لحسابات وأجندة دول عربية بعينها، وهي مصر والإمارات، اللتان تعملان على زعزعة استقرار ليبيا.

من جانبه، قال القائم بأعمال السفارة الصومالية لدى مصر توفيق أحمد عبد الله، في كلمته أثناء الاجتماع الطارئ إن تركيا "دولة صديقة" لبلاده، "قدمت الكثير للصومال حكومة وشعباً عبر مساهمتها في بناء جميع المؤسسات الحكومية بعد سنوات من الأزمات والحروب الأهلية، وتعزيز قدرات الجيش الصومالي لاستعادة الأمن والاستقرار في البلاد".

وكانت المغرب من بين الدول المتحفظة ضمنياً، فيما تحفظت قطر وليبيا والصومال بشكل مباشر، وتنوعت تحفظاتها بين أن تركيا دولة صديقة، وعدم التعبير عن الموقف الرسمي للبلاد بالضرورة، والتحفظ على النظر في تخفيض العلاقات الدبلوماسية والتعاون مع أنقرة.

البيان الختامي للوزاري العربي في القاهرة، بشأن عملية نبع السلام التركية، لا يعبر بالضرورة عن الموقف الرسمي للمملكة ولم نتحفظ على بنود البيان لعدم رغبة المملكة في الخروج عن الجو العام للاجتماع

وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة

تركيا تستنكر والشعوب إلى جانبها

ما إن أدانت الرئاسة التركية بأشد العبارات، وصف الجامعة العربية في بيانها، عملية نبع السلام ضد العناصر الإرهابية بـ "الاحتلال"، حتى ظهرت الوقفات المؤيدة للعملية التركية.

وقال رئيس مكتب الاتصالات في الرئاسة التركية، فخر الدين ألطون، في بيان إن "تركيا تدرك حقيقة أن أولئك الذين لا يشعرون بالارتياح من دفاع تركيا عن حقوق الشعب الفلسطيني، واعتراضها على الصفقات التي تستهدف القدس، ومعارضتها للانقلابات العسكرية والجرائم المرتكبة في مناطق شتى واستهداف المدنيين في اليمن، فهؤلاء لا يمثلون العالم العربي".

فيما اعتبر متحدث وزارة الخارجية التركية، حامي أقصوي، اتهام أمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط لبلاده بالمحتلة، شراكة في جرائم تنظيم PKK/YPG الإرهابي وخيانة للعالم العربي.

وشهدت عدة مناطق بمحافظة إدلب شمال غربي سوريا مظاهرات مؤيدة لعملية "نبع السلام" التي أطلقتها القوات التركية والجيش الوطني السوري شرقي نهر الفرات.

ونظم آلاف المدنيين السوريين مظاهرات في مدن إدلب ومعرة النعمان وبنش، وعدد من القرى تأييداً للعملية العسكرية.ورفع المتظاهرون لافتات كُتب عليها عبارات باللغتين العربية والتركية من قبيل "مثلما داعش لا يمثل الإسلام، فإن تنظيم PKK/YPG لا يمثل الأكراد"، و"من أجل السلام انطلقت عملية نبع السلام".

وقال المتظاهرون لوكالة الأناضول، إنهم نظموا تظاهراتهم من أجل إظهار دعمهم لعملية نبع السلام، لأنها تمثل كل إنسان حر وشريف، منتقدين صمت العالم حيال جرائم نظام بشار الأسد التي ينفذها ضد الشعب السوري.

وكتب الصحفي والناشط السوري هادي العبد الله آراء السوريين في تقرير أبرز فيه ردة فعلهم وموقفهم من عملية نبع السلام، فيما قالت صحيفة "القبس" الكويتية بأن هدف عملية نبع السلام التي بدأتها تركيا هو إبعاد عناصر المليشيات الانفصالية عن حدودها، وإقامة منطقة آمنة بما يمكّن اللاجئين السوريين من العودة إلى وطنهم.

وأضافت الصحيفة أن تركيا رأت منذ بدء موجات نزوح المدنيين السوريين بأن خير طريقة لحمايتهم ستكون بإقامة منطقة آمنة داخل الأراضي السورية، وعرضت الأمر على إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما منذ ربيع عام 2013، لكن الطلب قوبل في كل مرة بالتسويف والمراوغة والمماطلة.

وأعلنت جبهة العمل الوطني لأكراد سوريا، والجالية السورية الكردية الحرة تأييدهم للعملية التركية، ورفع المشاركون لافتات أشادت بدور الجيش الوطني السوري الداعم للجيش التركي في العمليات ضد التنظيمات الإرهابية.

وفي لبنان، شارك مئات الناشطين اللبنانيين بمدينة طرابلس الجمعة، في وقفة تضامنية مؤيدة لعملية نبع السلام التركية شرق الفرات بسوريا، رفعوا خلالها الأعلام التركية بمنطقة "البداوي"على الطريق الدولي الذي يربط شمالي لبنان بالحدود السورية.

وتشدد تركيا على أهمية وضرورة عملية نبع السلام، إذ أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن بلاده لن توقف عملية نبع السلام مهما كانت الانتقادات الموجّهة إليها.

وأكّد أردوغان في كلمة ألقاها خلال منتدى رؤساء البرلمانات الدولية، أن "الإرهاب وباء العصر بسبب آثاره الخطيرة على الشؤون الداخلية والخارجية، ويجب أن نتخذ موقفاً موحداً ضد التنظيمات الإرهابية التي تهددنا جميعاً"، مشيراً إلى أن "تركيا عانت من الإرهاب لأكثر من 35 عاماً تحت أسماء مختلفة".

وأضاف "نحترم استقلال دول الجوار ولكننا نرفض أن يهدَّد أمننا واستقرارنا من داخلها".وشدد على أن عملية نبع السلام "هدفها القضاء على التنظيمات الإرهابية وتأمين شعوب المنطقة من شرها".

وقال أردوغان "قدّمنا آلاف الشهداء من قواتنا ومواطنينا الأبرياء خلال كفاحنا الطويل ضد الإرهاب، وشهدنا همجية لا تتورع عن استهداف الأطفال والرُضع وطلاب المدارس".

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً