لافتة بغزة تحمل صورة الجندي الإسرائيلي شاؤول أرون الذي تقول حماس إنها أسرته خلال حرب الاحتلال على غزة 2014 (AA)
تابعنا

تتداول الأوساط الإسرائيلية الحديث عن صفقة تبادل بين إسرائيل وحماس، تسلم الأخيرة بموجبها الجنود الإسرائيليين الأسرى في غزة، مقابل الإفراج عن معتقلين فلسطينيين، وهو أمر يشب تارة فتكثر التصريحات بشأنه ويخمد تارة أخرى.

هذه المرة، دعت إسرائيل من جديد إلى الاستئناف الفوري للمحادثات غير المباشرة بشأن إعادة اثنين من جنودها ورفات جنديين آخرين تزعم أنهما توفيا في الحرب بينما لم تفصح حماس عن مصيرهما، فيما رجّحت بعض التحقيقات والآراء أن أحدهما على الأقل على قيد الحياة، لكن حركة حماس نفت وجود "تقدُّم نوعي" في مفاوضات تبادل الأسرى عبر الوسطاء مع إسرائيل.

وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في بيان، إن فريق نتنياهو للأمن القومي "على استعداد لاتخاذ إجراءات بناءة بهدف إعادة القتلى والمفقودين وإنهاء هذه القضية، ويدعو إلى حوار فوري عبر الوسطاء".

وذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية نقلاً عن تقرير نشرته صحيفة "دي تسايت" الألمانية، أن "دبلوماسياً سويسرياً على صلة بقائد حماس في قطاع غزة، يحيى السنوار، بالإضافة إلى مسؤولين رفيعين في المخابرات الألمانية، وجنرال مصري كان قد شارك في صفقة شاليط عام 2011، سيشاركون في عملية المفاوضات بين حركة حماس وإسرائيل حول صفقة تبادل الأسرى بين الطرفين".

وأضاف التقرير: "الدبلوماسية الألمانية ستقود محور الوساطة مع الأطراف المصرية المشاركة في المفاوضات".

معارضة داخلية إسرائيلية

وفي أوّل رد إسرائيلي على الأنباء عن الوساطة الألمانية والسويسرية، قال وزير المواصلات وعضو المجلس الوزاري للشؤون الأمنية والسياسيى (كابينيت) بتسلئيل سموتريتش، في مقابلة مع صحيفة "يديعوت أحرونوت": "حتى اليوم لم يتلقَّ المجلس الوزاري أي تفاصيل حول صفقة تبادل أسرى قريبة، حتى إن نتنياهو رفض أن يزودني بأي معلومات حول الموضوع".

وأضاف: "مضطر إلى القول بأن لدي خوفاً ما بشأن الموضوع، على الرغم من مسؤوليتنا التي تتطلب إعادة المفقودين في غزة، فإنني أرفض أن يُفرَج عن أسرى فلسطينيين في سجوننا وبخاصة الأسرى الذين ساهموا في قتل إسرائيليين، يمكننا أن نقدم شيئاً لحماس، مثل المساعدات الإنسانية وبشروطنا أيضاً".

وسبق أن ساهم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تشريع قانون لا يسمح للحكومة الإسرائيلية بـ"دفع ثمن" كبير مقابل إجراء صفقة تبادل أسرى، وهو ما يشير إلى أن نتنياهو يريد صفقة على مقاسه وبشروطه الخاصة، ولعل هذا ما يفسر عدم الخوض في قضية التبادل خلال السنوات الست الماضية. إذ يتبنى نتنياهو وجهة نظر خاصة تتعلق بعدم ضرورة الإفراج عن الآلاف من الفلسطينيين مقابل جندي إسرائيلي.

بإمكان إسرائيل أن تضيق الخناق على حماس كي نتوصل إلى معادلة أخرى، ساعتها قد تكون المساعدات عاملاً مفيداً.

وزير المواصلات الإسرائيلي - بتسلئيل سموتريتش

تكتيك حماس.. المزيد من الأسرى

ويشاطر الكاتب الإسرائيلي يوسي بن مناحيم، الوزير الإسرائيلي الرأي في مقال نشرته صحيفة "يسرائيل هيوم" زعم فيه أن "حماس تسعى لعرقلة جهود التوصل إلى صفقة تبادل أسرى مع إسرائيل بشكل سريع، من أجل الحصول على مكاسب إضافية مثل الإفراج عن العدد الأكبر من الأسرى في السجون، كما حصل أثناء صفقة التبادل مع جلعاد شاليط في 2011".

وأضاف: "حماس معنية بالحصول على إنجازات حتى قبل إبرام صفقة تبادل، على غرار الإفراج عن أسرى فلسطينيين مقابل معلومات عن الأسرى الإسرائيليين في غزة".

من جانبه، قال الصحافي الإسرائيلي إيهود حمو في تقرير بثته القناة 12 الإسرائيلية مستنداً إلى مصادر رفيعة المستوى في المخابرات المصرية، إن "وفداً من حركة حماس سينطلق إلى القاهرة خلال الأيام القريبة القادمة لبحث صفقة تبادل أسرى مع إسرائيل بشكل غير مباشر عبر وسيط مصري".

وأضاف: "في مقابل ذلك رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو دعا لجنة الوزراء المعنية بالأسرى والمفقودين إلى اجتماع".

وأشار إلى أن حراكاً يجري في هذه الأثناء لإبرام صفقة تبادل أسرى بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، إذ إن "حكومة نتنياهو باتت معنية بإعادة الأسرى المفقودين في غزة إلى تل أبيب".

بدورها، أشارت الصحافية الإسرائيلي نوعا لينداو في مقال نشرته صحيفة "هآرتس" إلى أن منسق الأسرى والمفقودين في ديوان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يورام بلوم أجرى اتصالات خلال الأسبوع الماضي مع ممثلين عن عائلتَي الجنديين المفقودين في غزة هدار جولدين وأرون شاؤول، ووضعهم في تطورات المشهد".

وبعد الاجتماع المذكور، والتواصل مع عائلات الأسرى الإسرائيليين من قبل يورام بلوم، قالت عائلة الجندي هدار جولدين لصحيفة هآرتس: "توجد فرصة لإعادة ابننا من يد حماس وكذلك الجندي شاؤول أرون وإبراهام منغستو والأسير سيّد، علينا أن نكثف العمل من أجل تحقيق هذه الفرصة على الأرض، وإضاعتها يمكن اعتباره تضييعاً للمسؤولية الوطنية".

وأكدت العائلة أنها تلقت اتصالاً هاتفياً من منسق الأسرى المفقودين في ديوان نتنياهو: "لقد وضعنا في تفاصيل الوضع بخاصة فيما يتعلق بالتواصل مع الجهات المختلفة".

حكومة ائتلافية.. هل تنجح الصفقة؟

وتقول مصادر سياسية إسرائيلية رفيعة المستوى لصحيفة معاريف، إن "تشكيل الحكومة الائتلافية بين نتنياهو وغانتس من شأنه أن يساهم أكثر في تنفيذ صفقة تبادل أسرى مع حماس، فوجود غانتس في الحكومة يدفع بهذا الاجتماع ويهيئ الظروف في إسرائيل من أجل إبرام مثل هذه الصفقة".

وتضيف: "غانتس كان رئيس هيئة أركان الجيش خلال الحرب الأخيرة على غزة التي وقع فيها الجنود بالأسر، لذلك يشهر بأن مسؤولية إعادتهم تقع على عاتقه ولديه نيّة من أجل إغلاق هذا الملف".

ونقلت الصحيفة عن مصدر سياسي قوله: "حتى قبل أن تقسم الحكومة الجديدة التي سينضم إليها غانتس اليمين وتباشر عملها عُقد اجتماع لبحث قضية المفقودين في غزة وهذا ما يمكنه أن يثبت وجود توجه فعلي لعقد مثل هذه الصفقة".

وأوضح: "إبرام صفقة تبادل أسرى تدفع فيها إسرائيل ثمناً باهظاً لم يكن في يوم من الأيام لغماً سياسياً، في الظروف الراهنة التي تستتب فيها الساحة السياسية في إسرائيل بشكل واضح قد يكون إنجازاً للحكومة، أو ربما يتقسم العبء بين رئيس الوزراء ووزير دفاعه".

دعوات زائفة

وتعتبر حركة المقاومة الإسلامية حماس الدعوات الإسرائيلية ما هي إلا دعاية لإسكات أهالي الجنود الأسرى، ولا تجد في تلك المبادرات أي جدية، فقد سبق واستجابت الحركة لدعوة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى إجراء حوار فوري عبر وسطاء، وقالت إنها مستعدة لتقديم "مقابل جزئي" لإسرائيل لتفرج عن معتقلين فلسطينيين، وبالأخص المرضى والنساء وكبار السن، فتكون الصفقة ذات طابع إنساني.

ونقل موقع حركة حماس الإلكتروني عن مصدر رسمي، قوله: "في ظل حالة الضخ الإعلامي التي يمارسها المستوى السياسي الصهيوني وإعلامه الموجه، نؤكد عدم وجود تقدم نوعي في مفاوضات التبادل عبر الوسطاء".

الاحتلال الإسرائيلي يهدف إلى التملص من استحقاقات المبادرة التي طرحتها حماس، وتضليل عائلات الأسرى الصهاينة، والضغط على معنويات الأسرى الفلسطينيين وعوائلهم.

حركة المقاومة الإسلامية "حماس"

ورفض موسى دودين المسؤول في حماس الثلاثاء، عرض نتنياهو باستئناف المحادثات، وقال إنه ليس جاداً، وحذر رئيس الوزراء الإسرائيلي من أن الاسرائيليين قد يضطرون إلى التفاوض في ظل أوضاع أكثر تعقيداً في المستقبل.

احتلال يحاصر غزة ويستغل أوضاعها الإنسانية

وتربط إسرائيل أي مساعدات تقدَّم في المستقبل بشأن فيروس كورونا في غزة، بالتقدم في جهود استعادة رفات الجنديين، اللذين قالت إنهما قُتلا في حرب غزة عام 2014، والآخرَين اللذين دخلا قطاع غزة في واقعتين منفصلتين.

وتقول حركة حماس إن لديها أربعة أسرى إسرائيليين، من ضمنهم الجندي شاؤول أرون والضابط هدار غولدين اللذان اعتقلا خلال الحرب على غزة عام 2014.

ويرفض يحيى السنوار رئيس حركة حماس في قطاع غزة ربط المسألة بالمساعدات بشأن مواجهة فيروس كورونا، لكنه قال في تصريح سابق له لقناة الأقصى التلفزيونية التابعة لحماس: "لكن المقابل الكبير لصفقة تبادل الأسرى هو ثمن كبير يجب أن يدفعه الاحتلال".

صفقة مجزأة

ويرى عدنان أبو عامر الكاتب المختص بالشؤون الإسرائيلية ورئيس قسم العلوم السياسية في جامعة الأمة في غزة، في حديث لـTRT عربي، أن "الدعوات الإسرائيلية بمثابة تحرك جديد لصفقة قد لا تكون كسابقتها، بل صفقة مجزأة".

ويشير إلى أن "الجزء الأول يتعلق بالجانب الإنساني والمعيشي، وقد يكون تمهيداً للجزء الثاني وهو إبرام صفقة كبيرة جداً، وهذا الأمر بحاجة إلى وقت طويل لتباعد المواقف بين حماس وإسرائيل، وعدم تفرغ المستوى السياسي الإسرائيلي في ظل انشغاله بفيروس كورونا".

TRT عربي
الأكثر تداولاً