السيسي كثف دعمه السياسي والعسكري لحفتر في وجه حكومة الوفاق (Reuters)
تابعنا

في كلمة متلفزة بثّتها قناة "ليبيا الحدث"، خرج خليفة حفتر مساء الخميس ليُعلِن بدء "المعركة الحاسمة" للتقدم نحو قلب العاصمة الليبية طرابلس، داعياً عناصر مليشياته إلى التقدُّم بعدما "دقّت ساعة الصفر للاقتحام الواسع الكاسح".

إعلان حفتر هذا جاء بعد 8 أشهر من فشل مليشياته في اقتحام العاصمة الليبية، في ظلّ تصدي قوات حكومة الوفاق الوطني المعترَف بها وصمودها أمام الغارات ومساعي الاقتحام، وهو يأتي بعد ساعات قليلة فقط من نشر "شعبة الإعلام الحربي" التابعة له مقطعاً مصوَّراً على فيسبوك يُظهِر مجندين إلى جانب مدرعات مصرية الصنع.

وأشارت شعبة الإعلام الحربي في منشور على صفحتها على موقع فيسبوك إلى أن هذه الحشود العسكرية تابعة لقوة العمليات الخاصة في اللواء 106 مجحفل، وأرفقت بالفيديو وسم "لبيك طرابلس".

قوّة العمليات الخاصة باللواء 106 مُجحفل إنا بإذن الله لـ منتصرون .. #لبيك_طرابلس #الاعلام_الحربي

Posted by ‎شعبة الاعلام الحربي للقيادة العامة للقوات المسلحة العربية الليبية‎ on Tuesday, 10 December 2019

وفي منشور آخر نشرت الصفحة صوراً للمدرعات المصرية من طراز تاريير "TAG Terrier LT 79"، وكتبت: "صور تُظهِر قوة العمليات الخاصة باللواء 106 مُجحفل وهي بكامل جاهزيتها وتمام استعدادها، والتي ستشارك في العمليات العسكرية لتحرير العاصمة طرابلس".

وتؤكّد المعطيات القائمة على أرض الواقع في الفترة الراهنة، ما سبق وكشفه المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، الذي أشار إلى أن لديه معلومات استخباراتية تشير إلى هجوم وشيك لمليشيات خليفة حفتر على العاصمة طرابلس مدعوماً بسلاح وأفراد من مصر والإمارات وفرنسا، مشيراً إلى أن هذه الدول "ترتب للتورط بشكل أكبر مع مليشيات حفتر للهجوم على العاصمة طرابلس باستخدام الطيران والأسلحة النوعية".

وظل الدعم المصري لمليشيات خليفة حفتر في معاركها ضد الحكومة الشرعية للبلاد، رهن التكهنات والتفسيرات لسنوات عدة، على الرغم من العلاقات العلنية الوطيدة التي تجمع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بحفتر.

وقبل أشهر معدودة فقط كشف رئيس حكومة الوفاق فايز السراج من منبر الأمم المتحدة أن دولاً تقف وراء حفتر وتسانده، حتى في حملته العسكرية التي يشنّها على العاصمة طرابلس.

وكشف السراج أمام زعماء العالَم كافة، أن الإمارات العربية المتحدة، وكذلك مصر وفرنسا، تتدخل في الشأن الليبي الداخلي، وتساهم في دعم خليفة حفتر، وهذا ما كشفته مصادر في حكومة الوفاق الوطني الليبية في تصريحات لـTRT عربي أيضاً.

دعم عسكري على الملأ

في السياق ذاته قال آمر قوة الإسناد في عملية بركان الغضب التابعة لحكومة الوفاق نصر عمر لـTRT عربي، إن "قوات مصرية تدعم هجوم مليشيات خليفة حفتر على العاصمة طرابلس".

وأضاف أن "الدعم المصري بقوات مكوَّنة من 150 آلية تحمل على متنها 350 مقاتلاً وصل جزء منهم إلى محاور القتال جنوبي العاصمة، فيما تمركز البقية في منطقة قصر بن فشير".

الدعم المصري لخليفة حفتر الذي بدأ في الرابع من أبريل/نيسان 2019 بشنّ هجوم على العاصمة لم يكُن وليد اللحظة، إذ سبق وأكّدَت مصر على لسان رئيسها ومسؤوليها دعمهم الجنرال المتقاعد، بل طالب السيسي دول العالَم بوضع حدّ للقيود المفروضة على توريد السلاح إلى "الجيش الليبي" في إشارة إلى مليشيات حفتر.

وقال السيسي في مقابلة مع صحيفة "لا ريبوبليكا" الإيطالية، إن "نتائج إيجابية يمكن تحقيقها إذا دعمنا حفتر، إذا قدمنا أسلحة ودعماً للجيش الليبي يمكنه القيام بمواجهة الجماعات الإرهابية أفضل من أي جهة أخرى".

وتحت ستار "مكافحة الإرهاب" قدّمَت مصر أنواع الدعم السياسي والعسكري كافة للجنرال المتقاعد، وهو الدعم الذي بدأ يتضح أكثر مع استضافة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للجنرال المتقاعد الذي يعرّف نفسه على أنه قائد "الجيش الليبي" في القاهرة.

القاهرة.. اجتماعات سرية وعلنية

في مطلع عام 2015 بدأت الأنباء تتوارد عن نية حفتر زيارة مصر لتوقيع معاهدة "دفاع مشترك"، إذ كشف رمزي الرميح، وهو قائد عسكري مقرَّب من حفتر في حينه، أن حفتر ينوي زيارة مصر على رأس وفد عسكري رسمي رفيع المستوى، لتوقيع اتفاقية للدفاع المشترك "بين البلدين"، وأخرى لتدريب ضباط "الجيش الليبي" في مصر.

ويبدو أن حفتر زار مصر مرات عدة قبل أن يظهر رسميّاً في صور تجمعه بالرئيس عبد الفتاح السيسي، إذ كشفت مصادر ليبية لصحيفة العربي الجديد مطلع 2016 أن حفتر زار مصر "سرّاً" والتقى عدداً من القيادات العسكرية البارزة.

وفي 13 مايو/أيار من عام 2017 ظهر حفتر في القاهرة برفقة السيسي في اجتماع ثنائي رسمي بينهما، وهو الاجتماع الذي أكّد فيه السيسي "موقف مصر الثابت من الأزمة الليبية وسعيها المستمر للتوصل إلى حل سياسي من خلال تشجيع الحوار بين مختلف الأطراف"، حسب وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية.

لقاءات على وقع قصف طرابلس

وتكررت بعد ذلك زيارات حفتر للقاهرة، فجمعه أكثر من لقاء بالسيسي، ولعل أهمّ لقاء بينهما كان اللقاء الذي عُقد بعد نحو 10 أيام فقط من شنّ حفتر عملية عسكرية على العاصمة طرابلس، وهي العملية التي انتقدتها دول العالَم كافة ورفضتها الأمم المتحدة، إذ تُشَنّ ضد حكومة شرعية معترَف بها.

وفي حين تستعر الأجواء في العاصمة طرابلس، وتريق مليشيات حفتر دماء المدنيين وتهجّر آلاف المدنيين، حسب التقارير الدولية، كان حفتر يجتمع مع السيسي في أحد قصور الرئاسة، ولم يجد السيسي حرجاً وقتها من تأكيد "دعم مصر جهود مكافحة الإرهاب، لتحقيق الأمن والاستقرار للمواطن الليبي في الأراضي الليبية كافة".

بعد ذلك بأشهر قليلة فقط، في التاسع من مايو/أيار تحديداً، ظهر حفتر مع السيسي مجدداً في القاهرة، ليتضح أن زيارات الرجل إلى مصر بدأت تتكاثف في ظل تقهقر مليشياته وفشلها في السيطرة على عاصمة البلاد.

وعلى الرغم من أن حفتر يشنّ حرباً على قوات تابعة لحكومة شرعية معترَف بها دوليّاً، فإن السيسي آثر حينها أن يؤكد خلال اجتماعه بالجنرال الذي لا يحظى بأي قبول دولي، ويواجه انتقادات واسعة على ما اقترفته مليشياته من جرائم في البلاد، ما زعم أنه "دور المؤسسة العسكرية في القضاء على أشكال الإرهاب والميليشيات والجماعات المتطرفة كافة".

قاعدة محمد نجيب

إلى جانب الدعم السياسي الواضح الذي تقدّمه مصر لمليشيات حفتر، تقحم مصر نفسها في المعارك الدائرة هناك بين طرفين، أحدهما شرعي يحظى باعتراف دولي، والآخر يسعى للسيطرة على البلاد بقوة السلاح.

بعد أيام معدودة من لقاء حفتر في أبريل/نيسان 2019، زار الرئيس المصري قاعدة محمد نجيب العسكرية التي تقع شمال غربي مصر على مقربة من الحدود الغربية مع ليبيا، والتي افتُتحت عام 2017 كأكبر قاعدة عسكرية في الشرق الأوسط، بحضور حفتر نفسه إلى جانب نائب رئيس دولة الإمارات محمد بن زايد.

ولعل مشاركة حفتر في افتتاح القاعدة، كانت أول دلالة على الدعم المصري لمليشياته في معاركها ضدّ حكومة الوفاق، وهو الدعم الذي كشفته الأمم المتحدة التي أفادت بأن كلّاً من مصر والإمارات تخرق حظر السلاح المفروض على ليبيا، وتقدّم الدعم لمليشيات خليفة حفتر، بل وتتدخل عسكريّاً مباشرة لصالح حفتر حتى في معاركه ضدّ العاصمة طرابلس.

وقدّم كل من مصر والإمارات التدريب والمساعدات العسكرية وفق ما ذكرته تقارير من خبراء الأمم المتحدة الذين يراقبون حظر السلاح المفروض على ليبيا.

وسبق وكشفت مصادر عسكرية في عملية "بركان الغضب" التي أطلقتها حكومة الوفاق المعترف بها، أن مليشيات حفتر تعتمد على قاعدة الجفرة وسط ليبيا لشَنّ غارات على طرابلس ومحيطها، في حين كشفت مصادر عسكرية ليبية أن القاعدة مرتبطة مباشرةً بقاعدة محمد نجيب المصرية التي تتلقى فيها وحدات تابعة لمليشيات حفتر تدريبات منتظمة.

حفتر يظهر إلى جانب السيسي ومحمد بن زايد في افتتاح قاعدة محمد نجيب (ON Live)
TRT عربي
الأكثر تداولاً