سياسة ترمب تجاه الاحتجاجات في بلاده تواجه بانتقادات داخلية وخارجية (AP)
تابعنا

يواجه الرئيس ترمب آثار التصريحات والقرارات التي توصف بـ"العنصرية" والتي صبغت حياته السياسية في عدد من القضايا، بالوقت الذي تشهد فيه عدد من ولايات البلاد احتجاجات انطلقت شرارتها من مدينة مينيابوليس بولاية مينيسوتا (شمال)، بعد مقتل جورج فلويد، المنحدر من أصول إفريقية على يد شرطي أبيض.

"عنصرية" ترمب كما بات يسميها البعض، طالت على مدى سنوات عدداً من الجبهات بينها حظره دخول مواطني دول مسلمة لبلاده، إضافة لسياسات قاسية في التعامل مع اللاجئين، ومهاجمته أربع نواب ديموقراطيات في الكونغرس من أصول إفريقية وآسيوية، وغيرها.

إجراءات وتصريحات الإدارة الأمريكية تضاربت إزاء طريقة تعاملها مع الاحتجاجات، إذ أعلنت وزارة الدفاع "البنتاغون"، مساء الثلاثاء نقل حوالي 1600 من قوات الجيش إلى منطقة العاصمة واشنطن لدعم السلطات المدنية هناك بعد اندلاع مواجهات عنيفة مع المحتجين.

في الوقت الذي استبعد فيه ترمب خلال مقابلة مع تلفزيون Newsmax إمكانية اللجوء إلى الجيش للتصدي للاحتجاجات التي دخلت يومها العاشر.

وقال ترمب في المقابلة رداً على سؤال في الإطار، "لا أعتقد أننا سنضطر لذلك".

صدام داخلي مع المنتقدين

ترمب شن هجوماً لاذعاً على اتهامات وزير الدفاع الأمريكي السابق جيمس ماتيس، الذي اتهم الرئيس بالسعي إلى تقسيم البلاد من خلال طريقة تعامله مع الاحتجاجات.

جاء ذلك في تغريدتين لترمب، قال فيهما: "لعل الأمر المشترك الوحيد بيني وبين أوباما هو أننا حظينا بشرف طرد جيمس ماتيس، أكثر جنرال مبالغ في تقديره، طلبت منه تقديم الاستقالة وكان شعوري رائعاً حول ذلك، كان لقبه أنه فوضوي ولم يعجبني وغيرته إلى لقب الكلب المسعور".

وتابع في تغريدة أخرى "قوته (ماتيس) لم تكمن في العسكرية، بل في العلاقات العامة الشخصية. لم يعجبني أسلوبه في القيادة أو الكثير من الأمور الأخرى به، والكثيرون يوافقونني على ذلك، سعيد أنه ذهب".

يشار إلى أن ماتيس قال في تصريح نشرته مجلة "The Atlantic" على موقعها الإلكتروني إن "ترمب هو أول رئيس في حياتي لا يحاول توحيد الأمريكيين، بل إنه حتى لا يدعي بأنه يحاول فعل ذلك"، مضيفاً "بدلاً من ذلك، هو يحاول تقسيمنا".

من جانبه أعلن وزير الدفاع الأمريكي، مارك إسبر، الأربعاء عدم تأييده مقترح ترمب، استخدام قانون التمرد، لمواجهة الاحتجاجات ضد مقتل جورج فلويد.

وقال إسبر، في مؤتمر صحفي إنه "لا يؤيد استخدام قانون التمرد"، الذي يسمح للرئيس بنشر القوات المسلحة وقوات الحرس الوطني الفيدرالية في ظروف معينة.

وبُعيد تصريحات إسبر، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كايلي ماكيناني إن وزير الدفاع لا يزال في منصبه، بعدما أثيرت تكهنات بأن ترمب يريد إبعاده بسبب تصريحات له بشأن الاحتجاجات.

وقالت ماكيناني في إيجاز صحفي "حتى الآن، الوزير إسبر لا يزال في منصبه، وإذا فقد الرئيس ثقته فيه فسنعلم جميعاً بهذا في المستقبل".

سناب شات وتويتر على خط الأزمة

مواقع التواصل الاجتماعي كـ"تويتر" و"سناب شات" تعاملت بصرامة مع منشورات الرئيس الأمريكي خلال الأزمة، حيث اعتاد ترمب استخدام هذه المواقع كوسيلة لترويج أفكاره وانتقاد معارضيه.

تطبيق "سناب شات" أعلن الأربعاء، توقفه عن دعم ما ينشره ترمب، مشيراً إلى أنه يحرّض على "العنف العنصري".

وأفاد التطبيق في بيان "لا نروج حالياً للمضمون الصادر عن الرئيس على منصة ديسكافر التابعة لسناب شات والموجهة للشباب".

وأضاف "لن ندعم الأصوات التي تحرض على العنف العنصري واللامساواة عبر الترويج لها مجاناً على ديسكافر".

وقبل ذلك وجهت "تويتر" ضربة لترمب الجمعة، حيث قيّدت الوصول لتغريدة له وصفتها بأنها "تُمجد العنف".

وكان الرئيس الأمريكي يعلق على احتجاجات في مدينة مينيابولس، محذراً من أن "قطاع الطرق هؤلاء يدنسون ذكرى جورج فلويد، ولن أدع ذلك يحدث. تحدثت للتو إلى حاكم مينيسوتا تيم فالز وأخبرته أن الجيش معه طوال الطريق٫ أي صعوبة وسنفرض السيطرة، ولكن عندما يبدأ النهب، يبدأ إطلاق النار".

ووضعت شركة تويتر تحذيراً يخفي التغريدة قبل إمكانية الضغط على علامة الاستمرار لرؤيتها، كما منعت التعليق عليها أو الإعجاب بها أو إعادة تغريدها، قائلة "قررنا أنه قد يكون من المصلحة العامة الإبقاء على إمكانية الوصول إلى التغريدة".

تسجيل هدف "بالخارج"

ترمب يحاول في المقابل تسجيل نقاط إيجابية له في ملفات أخرى خارجية بعد فشله في إدارة الملفات الداخلية كالاحتجاجات الجارية وضعف منظومة بلاده الصحية وطريقة تعاملها في مواجهة تفشي فيروس كورونا.

صحيفة "The Wall Street Journal"، كشفت الأربعاء، أن إدارة ترمب تتخذ مساراً جديداً في محاولتها حل الخلاف المستمر منذ ثلاث سنوات بين قطر وجيرانها في الخليج عبر الضغط على الإمارات والسعودية لفتح أجوائهما أمام الخطوط الجوية القطرية.

وحول إمكانية نجاح المحاولة الأمريكية قالت الصحيفة "تواجه المحاولة الأخيرة مقاومة قوية من المملكة العربية السعودية، مما يحبط آمال الولايات المتحدة في حل الخلاف".

ويشير مراقبون إلى أن ارتفاع عدد طالبي معونة البطالة في الولايات المتحدة تعدى حالياً 38.6 مليون شخص وتعطل الحملة الانتخابية الرئاسية بسبب تفشي كورونا، دفعا ترمب لإشعال معارك جانبية لعله يستعيد بعضاً من شعبيته المتآكلة.

الانتخابات الأمريكية الـ 59 المقرر إجراؤها في 3 نوفمبر 2020، لا تأتي فقط في ظل سقوط مدوّ لاستهتار ترمب في التعامل "الفوضوي" مع بدايات انتشار الوباء في البلاد، بل بأزمة "عنصرية" تهدد ترمب في الحصول على ولاية ثانية.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً