استهدفت طائرة إسرائيلية بـ3 صواريخ، منزل الصحفي يوسف أبو حسين، في حي الشيخ رضوان (AFP)
تابعنا

يعدّ عدوان إسرائيل على قطاع غزة، واعتداءاتها على الفلسطينيين في القدس والضفة الغربية والداخل، علامة سوداء جديدة تلطخ تاريخها الأسود الذي لم يخل يوماً من انتهاكات ومجازر يعدّ بعضها جرائم حرب.

وكما في كل عدوان، تستهدف إسرائيل المقاومة والمدنيين على حد سواء، كما تعمد إلى قطع سبل الحياة عن الفلسطينيين في غزة خصوصاً (قصف وتدمير إمدادات الماء والكهرباء والغذاء)، وقطع قنوات نقل فظائعها إلى العالم عبر استهداف الصحافة. فكيف تستهدف إسرائيل الصحفيين بموازاة عدوانها؟

"قصف الحقيقة" والتضييق على ناقلها

بالموازاة مع غاراتها المستمرة على قطاع غزة منذ أيام، استهدفت طائرة إسرائيلية بـ3 صواريخ، منزل الصحفي يوسف أبو حسين، في حي الشيخ رضوان، وهو مذيع في إذاعة "صوت الأقصى" المحلية، ما أدى إلى مقتله.

ونعت إذاعة صوت الأقصى، الشهيد، وقالت إنه "أحد فرسان الكلمة والحقيقة ويعمل مذيعاً فيها منذ سنوات"، فيما نعى "اتحاد الإذاعات والتلفزيونات الإسلامية" أبو حسين، وقال إن هذا الاستهداف الجبان لن يخرس صوت فلسطين (...) وستستمر التغطية بكل مهنية، ومسؤولية".

يأتي ذلك بعد أيام قليلة من تدمير المقاتلات الإسرائيلية الحربية، برج "الجلاء" الذي يضم عدداً من المكاتب الإعلامية الدولية في مدينة غزة، منها مكتب قناة الجزيرة القطرية، ووكالة أسوشيتد برس الأمريكية، بعد تدميرها أبراجاً أخرى تضم مكاتب إعلامية محلية.

من جهة أخرى، تستمر سلطات الاحتلال الإسرائيلي في التضييق على الصحفيين الذين يغطون الأحداث في حي الشيخ جراح في القدس، فيما التقطت كاميرات وسائل الإعلام اعتداءها على الهواء مباشرة على صحفي لشبكة CNN الأمريكية كان موجوداً لتأدية مهامه في الحي.

وتقول مؤسسات معنية برصد الانتهاكات ضد الصحفيين إن إسرائيل "تتعمد استهداف الإعلاميين الفلسطينيين"، فيما قال الاتحاد الدولي للصحفيين إنه "يجب محاسبة إسرائيل على جرائمها في حق الصحفيين في فلسطين".

كما وثقت مصورة صحفية فلسطينية تدعى لطيفة عبد اللطيف اعتداء جنود الاحتلال الإسرائيلي عليها، قرب باب العمود في القدس، بالضرب ونزع حجابها.

وحسب إحصائية للمكتب الإعلامي الحكومي بقطاع غزة ومصادر محلية أخرى، فقد أصابت قوات الاحتلال الإسرائيلي أكثر من 10 صحفيين بجروح متفاوتة، فيما دمرت 32 مقراً ومؤسسة إعلامية، و5 منازل يقطنها صحفيون بقطاع غزة، حتى تاريخ 15 مايو/أيار الجاري.

"جريمة حرب محتملة"

تعليقاً على استهداف الصحافة والصحفيين، طالبت منظمة "مراسلون بلا حدود"، الاثنين، المحكمة الجنائية الدولية، بإجراء تحقيق في القصف الإسرائيلي الذي استهدف "برج الجلاء" في قطاع غزة، باعتباره "جريمة حرب محتملة".

وقالت منظمة "مراسلون بلا حدود" الدولية (مستقلة) لحرية الصحافة ومقرها باريس، في رسالة إلى المدعي العام للمحكمة، إن: "مكاتب 23 مؤسسة إعلامية دولية ومحلية قد دمرت خلال الأيام الستة الماضية".

وأوضحت المنظمة أن لديها سبباً قوياً للاعتقاد بأن "الاستهداف المتعمد للجيش الإسرائيلي للمنظمات الإعلامية، والتدمير المتعمد لمعداتها، يمكن أن يمثل انتهاكاً لأحد قوانين المحكمة"، وأضافت أن هذه الهجمات الإسرائيلية تعمل على "تقليص، إن لم يكن تحييد، قدرة وسائل الإعلام على إبلاغ الجمهور".

وفي السياق نفسه، قال الأمين العام لـ"مراسلون بلا حدود"، كريستوف ديلوار، في تغريدة عبر تويتر، إن "ما يؤكده الجيش الإسرائيلي أن الوجود المزعوم لحركة حماس في المباني من شأنه أن يجعلها أهدافاً عسكرية مشروعة، هو أمر غير قانوني على الإطلاق، حيث إنها تضم أيضاً منازل للمدنيين، ومكاتب إعلامية".

استهداف ذو أوجه متعددة

يقول يوسف أوزقير، الأستاذ في كلية الإعلام بجامعة "إسطنبول ميديبول" التركية، إن إسرائيل في علاقتها مع الإعلام طبقت استراتيجية تعتمد على 3 ركائز؛ تتشكّل الركيزة "من خلال تغييب أي تدفق إخباري من فلسطين بما في ذلك قطاع غزة، وتحويل هذه المناطق إلى سجن في الهواء الطلق"، سواء بتنفيذ "سياسة تعتمد على العنف لدفع الصحفيين لمغادرة المنطقة"، أو من خلال "قصف واستهداف الصحفيين".

فيما تعتمد الاستراتيجية الثانية على "القصف بالمعلومات المضللة" إذ "تعمل إسرائيل على إسكات صوت الحقيقة من خلال تشغيل آلة التضليل الإعلامي"، والتأثير في عدد من كبريات الشبكات الإخبارية العالمية التي باتت "لا ترى الاحتلال والمجازر الإسرائيلية، وتبني خطابها من خلال وضع الفلسطينيين في قلب المشكلة، لخلق تصور معاكس لدى المتابع الغربي غير القادر على متابعة الأحداث عبر وسائل الإعلام البديلة.

وتُشكّل شركات وسائل التواصل الاجتماعي الركيزة الثالثة في استراتيجية إسرائيل التي تهدف إلى التعتيم على الحقائق وإخفاء جرائمها ضد الشعب الفلسطيني، إذ تتعاون إسرائيل مع هذه الشركات من أجل منع تداول المحتويات التي تعكس حقيقة الأحداث في فلسطين على مواقع التواصل الاجتماعي، مستغلة علاقاتها العالمية وجماعات الضغط الصهيونية.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً