الاحتلال الإسرائيلي يواصل استهدافه المنازل في قطاع غزة (Reuters)
تابعنا

ليلة دامية في قطاع غزة، بدأت بقتل الاحتلال الإسرائيلي فلسطينيّاً وزوجته، معلناً اغتيال أحد أهمّ قادة حركة الجهاد الإسلامي، الذي تعتبره إسرائيل "خطراً على أمنها".

لم تكُن البداية في غزة فقط، إذ تزامنت الضربة على قطاع غزة مع أخرى في العاصمة السورية دمشق، استهدفت القيادي في حركة الجهاد الإسلامي أكرم العجوري، ليستمر التصعيد الإسرائيلي ويخلّف "22 شهيداً فلسطينيّاً، 12 منهم استُشهدوا صباح الأربعاء، فيما أصيب عشرات آخرون بجروح"، حسب الناطق باسم وزارة الصحة الفلسطينية في غزة أشرف القدرة.

التصعيد المتواصل ضدّ الفلسطينيين دفع حركة الجهاد الإسلامي إلى الردّ على العدوان وإعلان "معركة مفتوحة مع الاحتلال"، إذ أعلنت سرايا القدس إطلاق عشرات الصواريخ باتجاه المدن الإسرائيلية.

وأشار وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي غلعاد أردان خلال تقييم للوضع الأمني، إلى "مخاوف من تنفيذ الجهاد الإسلامي عمليات عن طريق البحر أو الجوّ، فيما تجري الاستعدادات بمستوى عالٍ جدّاً لكل سيناريو محتمَل".

وأفاد مراسل TRT عربي في غزة بتطور خطير في قطاع غزة، حيث يستهدف الاحتلال الإسرائيلي مناطق مكتظة بالسكان وحيوية، مرجحاً "ارتفاع عدد الشهداء"، وتوسيع نطاق الغارات الجوية الإسرائيلية التي لم تعُد تقتصر على المواقع العسكرية.

دلالة التوقيت

التصعيد في غزة جاء وسط أزمات سياسية إسرائيلية غير مسبوقة، بعد فشل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تشكيل الحكومة، واقتراب انتهاء المهلة الرسمية الممنوحة لزعيم المعارضة بيني غانتس من أجل تشكيلها، لتدخل إسرائيل بذلك نفقاً مُظلماً قد يقودها نحو انتخابات ثالثة في أقلَّ من سنة، ويحاول بذلك نتنياهو الخروج من أزماته بخوض جولة تصعيد جديدة، لإعاقة منافسه غانتس عن تشكيل حكومة.

ويرى متابعون أن السلطات الإسرائيلية تحاول الخروج من مأزقها عبر سياسة الاغتيالات والتصعيد ضدّ الفلسطينيين كما دأبت على تنفيذه الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة.

يؤكّد وزير الدفاع السابق أفغيدور ليبرمان، في تصريحات لصحيفة يدعوت أحرونوت الأربعاء، محاولة نتنياهو استثمار اغتيال القيادي بهاء أبو عطا لصالحه، من خلال توقيت الاغتيال في هذه الفترة التي يشهد فيها أزمة سياسية وقضائية واتهامات فساد.

وأوضح ليبرمان للصحيفة أنه "عندما كنت أشغل منصب وزير الدفاع، اقترحت على نتنياهو أن نغتال القيادي في الجهاد الإسلامي بهاء أبو عطا، لكنه رفض الأمر بشدة".

ويضيف: "بعد مفاوضات أمنية عقدناها وطلبي إذناً باغتياله، رفض نتنياهو بشدة وقدم ذرائع كثيرة، وكل ما كان يهمه هو عدم اغتيال أبو عطا. يجب أن يفهم أن اغتيال أبو عطا كان يجب أن يتمّ منذ زمن، فهو لم يحصل إلا على مزيد من الثقة بالنفس في الأيام الماضية".

وانتقد ليبرمان سلوك نتنياهو في ما يتعلق بغزة، قائلاً: "لا فائدة من الشروع في عملية واسعة النطاق في قطاع غزة الآن دون خطة منتظمة". ونوه بأنه لم يكُن أي نقاش حول خطة شاملة ضدّ قطاع غزة، مضيفاً: "لقد منع نتنياهو مناقشة هذا الموضوع".

وفي النهاية ألقى ليبرمان باللوم على نتنياهو لما وصفه بـ"سياسة الاستسلام" في قطاع غزة، مشيراً إلى وجود فقدان للردع الإسرائيلي الذي يؤثر سلباً أيضا على الساحات الأخرى.

رسائل إلى إيران

سعى الاحتلال الإسرائيلي إلى التخلص من القيادي الفلسطيني بهاء أبو العطا الذي تحدث عنه الإعلام الإسرائيلي كثيراً في الآونة الأخيرة، فهو مسؤول في سرايا القدس، الجناح العسكري التابع لحركة الجهاد الإسلامي، التي تعتبرها إسرائيل مدعومة من إيران، حسب الباحث والمحلل السياسي مصطفى الصواف، الذي يقول إن نتنياهو وجّه رسالة إلى إيران بضربته، "لكن رسالته كانت خاطئة لعدم احتكام الفلسطينيين إلى جهات خارجية".

ويعتقد الصواف في تصريحاته لـTRT عربي أنه "في الظاهر يبدو أن حركة الجهاد الإسلامي هي المستهدَف باغتيال أحد قادتها، لكن في الحقيقة تمسّ هذه الجريمة كل الشعب الفلسطيني، وتحاول إسرائيل إحداث شرخ بين الفصائل الفلسطينية، لكن الردّ سيكون موحَّداً".

الباحث في الشؤون الإيرانية نبيل العتوم يوافق الصواف في الرأي، إذ يرى أن "التصعيد يأتي في سياق سعي إسرائيل لإرسال مجموعة من الرسائل، من بينها رسائل واضحة إلى الجانب الإيراني، فقد نفّذت إسرائيل عدداً من العمليات، بخاصة في سوريا، مستهدفة مواقع تقول إنها تابعة لإيران، بخاصة أن إيران بدأت تمارس دبلوماسية حافة الهاوية من خلال توجيه ما يُعرَف بمحور الممانعة لتصفية الحسابات مع إسرائيل".

ويضيف لـTRT عربي: "إسرائيل ستستغل الآن الظروف الإقليمية والدولية لجَرّ الفصائل الفلسطينية إلى مواجهة، وبالتالي جرّ إيران في نهاية المطاف وتعريتها أمام المجتمع الدولي بأنها دولة غير معنية بالأمن والاستقرار، ومدّ نفوذها إلى المنطقة من خلال المداخل الإقليمية".

توقعات التصعيد

أفادت هيئة البث الإسرائيلية "كان" بأن تقديرات جيش الاحتلال الإسرائيلي تشير إلى أن "جولة التصعيد الأخيرة بين إسرائيل وغزة لم تنتهِ، متوقعة مزيداً من إطلاق القذائف الكثيرة من القطاع تجاه مناطق في إسرائيل".

في المقابل أيّد رئيس الأركان السابق زعيم تحالف أزرق أبيض بيني غانتس، عملية اغتيال الجيش الإسرائيلي بهاء أبو عطا، مشيراً إلى أن "العملية لن يكون لها أي تأثير على العمليات السياسية الجارية"، حسب القناة الثانية الإسرائيلية.

TRT عربي
الأكثر تداولاً