دعوى الجبري حملت اتهاماً لفريق قتل مرتبط ببن سلمان بينه اثنان من المتهمين بالوقوف وراء قتل خاشقجي (Getty Images)
تابعنا

فضائح مستمرة وسيناريوهات سينمائية، هذه هي العناوين التي تصف واقع تحرّك دوائر الحكم في السعودية منذ صعود نجم ولي العهد محمد بن سلمان إلى الواجهة في السنوات الماضية، فلا تكاد تخفت فضيحة حتى تطفو أخرى إلى السطح.

وبين كل هذا تظلّ جريمة اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي في إسطنبول، بالطريقة التي حصلت بها وبأبعادها وصداها الدوليين، أكبر فضيحة عاشتها السعودية في السنوات الماضية، قبل أن يتضح أنها لم تكن استثنائية بعد تكشّف تفاصيل خطة شبيهة كانت تستهدف سعد الجبري ضابط الاستخبارات السعودي السابق.

بين خاشقجي والجبري

خصّصت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية افتتاحيتها، الأحد، للمقارنة بين جريمة اغتيال جمال خاشقجي ومحاولة تصفية سعد الجبري بطريقة مشابهة، قائلة: إنها "فصل غدر سعودي جديد، يجب أن يذكّرنا بأن المملكة تقاد من قبل طاغية لا يرحم" في إشارة إلى محمد بن سلمان.

وقالت الصحيفة إن الدعوى القضائية التي رفعها الجبري ويتهم فيها بن سلمان بإرسال فريق لقتله بعد أكثر من عام من فراره من السعودية، ورفض الجهود المتكررة من قبل ولي العهد لإغرائه بالعودة إلى المملكة، فيها "شبه مريب" بعملية اغتيال خاشقجي، خصوصاً أنها حدثت أيضاً بعد أيام فقط من اغتيال الأخير.

كما أن دعوى الجبري حملت اتهاماً لأسماء عديد من أفراد الفريق المزعوم لمحاولة تصفيته، والذي سمّته الصحيفة "فريق الموت"، من بينهم اثنان من المتهمين بالوقوف وراء قتل خاشقجي.

وأشارت الصحيفة إلى أنه في حال تأكد مزاعم الجبري، فإن قضيته ستكون تأكيداً أن السعودية باتت تحت قيادة ولي عهد يقود "فرق موت"، ويستمر في الهروب من المحاسبة والعقاب على جريمة القتل، في إشارة إلى مقتل خاشقجي.

تصفية الخصوم.. بن نايف كان الهدف

وفي الوقت الذي كانت قضية الجبري فيه مركزية في وسائل الإعلام حول العالم، باعتبارها فضيحة جديدة تظهر حقيقة نظام بن سلمان، انطلقت حملة تشويه موازية في وسائل التواصل الاجتماعي السعودية، إذ نشر مستخدمون سعوديون على موقع تويتر آلاف التغريدات التي تتهم ولي العهد السابق في المملكة محمد بن نايف، وسعد الجبري مساعده الذي كان معه لفترة طويلة، بالفساد.

ونقلت وكالة رويترز عن مصدرين سعوديين قولهما إن ما حصل على تويتر لا يعدو أن يكون حملة لتشويه سمعة بن نايف قبل توجيه اتهام محتمل إليه، في وقت يتحرك فيه ولي العهد الحالي الأمير محمد بن سلمان لتهميش منافسيه على العرش.

وبدأت الحملة يوم الجمعة الماضي بتغريدات تهاجم بن نايف، الذي عُزل وتمت الإطاحة به كوريث للعرش من قبل ولي العهد الحالي في انقلاب داخل القصر عام 2017، كما استهدفت أيضاً مساعده والمسؤول السابق في الاستخبارات السعودية سعد الجبري.

وقال المصدران السعوديان، اللذان تحدثا بشرط عدم الإفصاح عن اسميهما، إن الحملة التي يشنها فيما يبدو مستخدمون لتويتر داعمون للحكومة تهدف للتأثير على الرأي العام قبل إعلان مرتقب باتهامات فساد ضد بن نايف.

وقال أحد المصدرين: "يعدون وثائق ضده منذ مارس/آذار"، مضيفاً أن من يقفون خلف حملة تويتر يريدون "تشويه سمعته في الداخل"، في حين قال المصدر الثاني إن الحملة يبدو جلياً أنها تلقى دعماً من الحكومة، إذ عملت شخصيات بارزة مقربة من ولي العهد محمد بن سلمان على إبراز تلك التغريدات.

وقبل الإطاحة به كان ينظر إلى بن نايف على أنه المنافس الأهم على العرش، فقد كان يسيطر على قوات الأمن في البلاد وطور علاقات وثيقة مع أجهزة استخبارات غربية، ولا يزال يحظى بشعبية بين المحافظين الذين قام ولي العهد بتهميشهم.

واعتقلت السلطات السعودية بن نايف في مارس/آذار، ويجري احتجازه مع عضوين بارزين آخرين من العائلة المالكة في مكان لم يجر الإفصاح عنه، وبينما يعيش الجبري في المنفى بكندا، ألقت السلطات القبض أيضاً على اثنين من أبنائه البالغين في مارس/آذار الماضي.

وكتب خالد نجل الجبري في رسالة هاتفية لرويترز قائلاً إن حملة تويتر "انحرافٌ عن مسار القصة الحقيقية" المتمثلة في أخذ أخيه وأخته رهائن، "إلى جانب الاضطهاد غير القانوني والادعاءات الكاذبة".

وفي يونيو/حزيران قالت مصادر سعودية مطلعة لوكالة رويترز إن الأمير محمد بن سلمان يسعى لتوجيه اتهامات إلى بن نايف تتعلق بمزاعم فساد خلال فترة توليه منصب وزير الداخلية، وكان يرغب في الحصول على وثائق كان بوسع الجبري الوصول إليها.

والتحركات ضد الأمير محمد بن نايف هي الأحدث ضمن سلسلة من الإجراءات التي ينظر إليها على أنها تستهدف ترسيخ قوة بن سلمان داخل أسرة آل سعود الحاكمة، والتخلص من أي تهديدات محتملة لسلطته قبل أن ينتهي به المطاف بخلافة الملك إثر وفاته أو تنازله عن العرش.

ونقلت صحيفة وول ستريت الأمريكية، الجمعة، عن مسؤولين سعوديين ووثائق حكومية القول إن الجبري كان يقود شبكة من المسؤولين ممَّن أهدروا 11 مليار دولار أمريكي من أموال الحكومة من صندوق تابع لوزارة الداخلية خلال فترة تولي بن نايف المنصب هناك.

ونفى خالد نجل الجبري بشدة تقرير وول ستريت، وكتب في رسالة هاتفية أن والده لم تكن له أي سيطرة على الصندوق، وأن بن نايف كانت له "وحده حرية التصرف" فيه "بتفويض واضح ومطلق من الملك عبد الله"، بحسب رويترز.

وقال دبلوماسي مطلع إن تغريدات تويتر مهدت الطريق أمام السلطات السعودية لتوجيه اتهام إلى بن نايف بالتورط في الفساد المنسوب إلى الجبري، بحسب رويترز.

وقال المصدر السعودي الأول إن مساعدي محمد بن سلمان "يعملون على تسريع وتيرة الحملة" ضد بن نايف والجبري قبل انتخابات الرئاسة الأمريكية في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، في حال خسارة الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترمب، الذي أعلن صراحة عن تأييده لبن سلمان.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً