يجري تعقّب نحو 23 ألف قطعة من الحطام يزيد حجمها على حجم الكرة التي تُستخدم في لعبة "السوفتبول" (صورة تعبيرية)
تابعنا

أثار الاختبار الذي أجرته روسيا الاثنين، بتفجير أحد أقمارها الصناعية في الفضاء، انتقادات لتهديده طاقم محطة الفضاء الدولية، ويقول خبراء إنه خلق حقلاً من الحطام يزيد من المخاطر على الأنشطة الفضائية لسنوات.

ما الحطام الفضائي؟ ومن أين يأتي؟

يتكوّن الحطام الفضائي، أو الخردة الفضائية، من مركبات إطلاق مهملة أو أجزاء مِن مركبة فضائية تسبح في الفضاء على بُعد مئات الأميال فوق الأرض، مما يعرّضها لخطر الاصطدام بأقمار صناعية أو محطّة فضائية.

ويمكن أن يحدث الحطام أيضاً بسبب انفجار في الفضاء، أو عندما تُجري الدول تجارب صاروخية لتدمير أقمارها الصناعية بالصواريخ. وبصرف النّظر عن روسيا، أسقطت الصين والولايات المتحدة والهند أقماراً صناعية، مما تسبب في حطام فضائي.

ولأنّ الحطام الفضائي يدور حول الأرض بسرعات هائلة تبلغ نحو 25 ألفاً و265 كيلومتراً في الساعة في مدار أرضي منخفض، فقد يتسبب ذلك بأضرار كبيرة لقمر صناعي أو مركبة فضائية في حالة حدوث تصادم.

وقال البروفيسور هيو لويس رئيس مجموعة أبحاث الملاحة الفضائية بجامعة ساوثهامبتون في مقابلة: "كلّ قمر صناعي يدخل المدار قد يصبح حطاماً فضائياً".

ومع إطلاق شركات مثل "ستارلينك" التابعة لإيلون ماسك وشركة "ون ويب" مزيداً من الأقمار الصناعية، فمن المحتمل أن يرى الفضاء القريب من الأرض المزيد من الحطام الفضائي.

ما حجم الحطام؟

تتعقب الحكومة الأمريكية نحو 23 ألف قطعة من الحطام يزيد حجمها على حجم الكرة التي تُستخدم في لعبة "السوفتبول" أو الكرة اللينة تدور حول الأرض.

ويوجد نصف مليون قطعة من الحطام يزيد حجمها على سنتيمتر واحد و100 مليون قطعة من الحطام حجمها نحو ملليمتر واحد أو أكبر.

ويدور الحطام، خاصة بالقرب من محطة الفضاء الدولية، حول الأرض من 15 إلى 16 مرة في اليوم، مما يزيد من خطر الاصطدام.

وتُقدِّر وكالة الفضاء الأوروبية أنّ وزن الكتلة الإجمالية لجميع الأجسام الفضائية الموجودة في مدار حول الأرض يتجاوز 9600 طن.

وقال هولجر كراج، رئيس مكتب برنامج سلامة الفضاء التابع لوكالة الفضاء الأوروبية، في مقابلة، إنه في غضون بضعة عقود، إذا استمر تراكم الحطام الفضائي، فقد تصبح بعض مناطق الفضاء غير صالحة للاستعمال.

ما أثر الاختبار الحالي؟

أُطلق القمر الصناعي "كوزموس 1408" الذي دُمّر الاثنين في عام 1982، وكان وزنه أكثر من ألفي كيلوغرام، مما خلف كمية كبيرة من الحطام الفضائي.

وقالت قيادة الفضاء الأمريكية في بيان إنّ الاختبار خلّف أكثر من 1500 قطعة من "الحطام المداري المُتابع" وإنّ من المرجّح أن يخلّف مئات الآلاف من الشظايا الأصغر.

وصدر توجيه لطاقم المحطة الفضائية للاحتماء في كبسولاتهم الراسية بسفينة الفضاء لمدة ساعتين بعد الاختبار لاحتمال أن يحتاجوا إلى الرحيل بسبب اصطدام مع الحطام.

وقال كراج: "وقع الحدث على ارتفاع 80 كيلومتراً بالضبط من ارتفاع المحطة الفضائية، وبالتالي تزداد المخاطرة بالنسبة للمحطة الفضائية، بل ربما تتضاعف مقارنة بما كان من قبل".

هل سيؤثّر الحطام الفضائي على ارتياد الفضاء؟

في حين أنّ من غير المرجّح أن يؤثّر الحطام الفضائي على ارتياد الفضاء، فإنه سيؤدّي إلى مشاكل كبيرة للرحلات الفضائية حول الأرض. وسيكون الخطر أكبر على الأجسام الفضائية التي تتخذ مداراً على ارتفاع نحو ألف كيلومتر، والتي تُستخدم في الاتصالات ومراقبة الأرض.

وقال كراج: "سنظلّ قادرين على السّفر إلى المريخ لأننا سنمرّ بسرعة كبيرة من هذه المنطقة التي بها المشكلة".

ومضى قائلاً: "لكنّك إذا أردتَ العمل والبقاء لسنوات في هذه المنطقة التي بها المشكلة، فإن ذلك ربما لم يعُد ممكناً بعد الآن ولعقود مقبلة".

هل يمكن إزالة الحطام الفضائي؟

وفقاً لـ"ناسا"، فإنّ الحطام الموجود في المدارات التي تقلّ عن 600 كيلومتر سيعود إلى الأرض في غضون عدة سنوات، لكن ما فوق 1000 كيلومتر سيستمر في الدوران حول الأرض لمدة قرن أو أكثر.

وقال لويس: "إذا أردنا محاولة حلّ مشكلة الحطام الفضائي، فعلينا أن نبدأ بإزالة هذا النوع من الأجسام".

ودخلت وكالة استكشاف الفضاء اليابانية ووكالة الفضاء الأوروبية في شراكة مع شركتين ناشئتين للمساعدة في إزالة الحطام الفضائي.

وبينما أطلقت الوكالة اليابانية مشروعاً كشفياً مدته 6 أشهر مع "أستروسكيل" لأول مهمة لإزالة الحطام في العالم، تعمل الوكالة الأوروبية مع شركة "كلير سبيس" السويسرية الناشئة على إطلاق مهمة في عام 2025.

والحطام الفضائي ليس مجرّد خطر فحسب، بل إنه يزيد من تكلفة شركات تشغيل الأقمار الصناعية.

وقدّر مشغلو الأقمار الصناعية في المدار الثابت بالنسبة للأرض أنّ تدابير الحماية والتخفيف تمثّل ما يتراوح بين 25 في المئة تقريباً من تكاليف المهمة، في حين أنه بالنسبة لمدارات الأرض المنخفضة تكون التكلفة أعلى، وفقاً لدراسة أجرتها منظمة التعاون والتنمية.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً