تسلط الأضواء مؤخراً على قصر الإيليزيه الذي يستعد لاستقبال رئيس البلاد الجديد (AFP)
تابعنا

لم يتغير "البيت الأول في فرنسا" كثيراً في عهد الرئيسين نيكولا ساركوزي وفرانسوا هولاند. لكن عند وصولهما قرر الزوجان ماكرون، وهما أول زوجين رسميين يستقران فيه منذ عقد، أنه يحتاج إلى عملية تجديد واسعة.

فخرجت اللوحات الضخمة لرؤساء الدولة السابقين التي كانت تخيف الزوار في الطابق الأول، وحلت محلها أعمال فنانين حديثين أو معاصرين مثل سولاج وألشنسكي وديلوناي من مجموعات المفروشات الوطنية "كوليكسيون دو موبيلييه ناسيونال" وكذلك الأثاث والسجاد.

وطال التجديد الأكثر جرأة قاعة الحفلات، الغرفة الأكثر فخامة في القصر؛ أزيلت السجادة الحمراء والستائر الثقيلة وحل محلها ديكور بكل أطياف اللون الرمادي.

واختفت منسوجات غوبلان المهيبة من الجدران بعد أن ظل بعضها معلقاً طوال 40 عاماً. وكلف هذا المشروع بإشراف بريجيت ماكرون، 500 ألف يورو وانتُهي منه مطلع 2019.

ولتمويل جزء من هذا التجديد أطلق الإليزيه منتجات برعايته مثل الأكواب والأحذية والقمصان وغيرها، تباع عبر متجر إلكتروني خاص "بوتيك.إليزيه".

مؤثّرون ونجوم يزورون الإيليزيه

وكانت الأولوية الأخرى للزوجين ماكرون فتح أبواب الإليزيه للجمهور، لكن أزمة كوفيد عطلت هذا المسعى.

وإضافة إلى أيام التراث التي تحظى بشعبية كبيرة، يجري تنظيم أيام أبواب مفتوحة مثل فاعليات "صنع في فرنسا" التي تعرض خلالها منتجات مبتكرة مزينة بألوان العلم الفرنسي.

كما أقيمت حفلات في الفناء الرئيسي بمناسبة مهرجان الموسيقى. ومن أبرز لحظاتها وقوف المغني كيدي سمايل على الشرفة بقميص كتب عليه "ابن مهاجر وأسود ومثلي"، وهو مشهد أثار جدلاً واسعاً.

وكسرت الأعراف أيضاً مع استقبال نجمي اليوتيوب ماكفلاي وكارليتو عام 2021 لإجراء "مسابقة طرائف" مع الرئيس، انتهت في الحديقة بحفل صغير لموسيقي الميتال.

وقبل كوفيد رحّب الزوجان ماكرون بنجوم دوليين ملتزمين بقضايا إنسانية أو بيئية، مثل ريانا وبونو وأرنولد شوارتزنيغر في القصر، ما عزز صورة الرئيس الشاب على المستوى الدولي.

كما يحب الإليزيه أيضاً تنظيم حفلات الاستقبال المخصصة لمواضيع معيّنة، إذ استقبل ألف مزارع شاب في فبراير/شباط 2018، وأكثر من ألف رئيس بلدية، و180 من الطباخين المميزين و120 من المبدعين، وغيرهم.

800 موظف يعملون في سرية

يعمل في الإليزيه نحو 800 شخص، وهو بعيد كل البعد عن نموذج الشركات الناشئة العزيز على ماكرون، ولكن بذلت جهود لجعل طريقة عمله أقل غموضاً وأكثر كفاءة.

فبُدئ في إصلاح إدارة القصر عام 2017 وسرّعت وتيرتها في أعقاب قضية ألكسندر بنعلا المدوية التي سلطت الضوء على نقاط ضعف الرئاسة. ثم جرى تعيين مدير عام للخدمات للإشراف على إعادة تنظيم أربع إدارات من بينها قسم الأمن شديد الحساسية.

في الوقت نفسه ومع تكثيف نشر مقاطع الفيديو الرسمية على شبكات التواصل الاجتماعي يحاول الإليزيه الحفاظ على السرية المطلقة وراء كواليس السلطة: فمنع الوزراء التحدث إلى الصحافة بعد اجتماع مجلس الوزراء، وأصدر تعليمات للمستشارين لالتزام الصمت، وأطلق مشروعاً، أُلغي مؤخراً، لإغلاق غرفة الصحافة في باحة الإليزيه.

انتقادات وغضب شعبي

في بداية ولاية ماكرون لخمس سنوات تولى الإليزيه الإدارة المباشرة للقصر ونفذ أعمالاً لتجديده، ومنها تركيب مسبح فوق الأرض بتكلفة معلنة قدرها 34 ألف يورو.

وأثارت عملية التحديث التي بلغت كلفة باهظة استياء شعبياً غير مسبوق منذ 50 عاماً، بخاصة أنها تتزامن مع أسوأ فترة تعيشها البلاد، حيث اندلعت احتجاجات "السترات الصفراء" الغاضبة التي بررت تحركاتها واحتجاجاتها بسبب "ضعف المقدرة الشرائية".

ولم يخف في المقابل قصر الإليزيه هذه التكلفة بتاتاً، بل أكد أن جزءاً من تمويل الأشغال سيجري عبر بيع أثاث القصر الرئاسي القديم، الأمر الذي أثار السخرية والتهكم منذ عرض هذا الأثاث للبيع.

وواصلت الدوائر الرسمية ومن بينها زوجة ماكرون في تبرير هذه التكلفة وهذه التغييرات، باعتبار القصر كواجهة للبلاد يجب أن يواكب مستجدات العصر في عالم الديكور، وأن يكون مبنى حديثاً".

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً