في مطلع أغسطس/آب 2019 وقَّعت إيران والإمارات مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون بمجال أمن الحدود البحرية (وكالة إرنا الإيرانية)
تابعنا

قالت جماعة الحوثي اليمنية إنها نفذت هجوماً كبيراً بالصواريخ والطائرات المسيرة في عمق السعودية الثلاثاء، مستهدفة وزارة الدفاع وقاعدة عسكرية في العاصمة الرياض، لكن المملكة قالت إنها صدت الهجوم.

وقال التحالف الذي تقوده السعودية ويحارب الحوثيين منذ خمس سنوات، إنه اعترض صاروخاً باليستياً أطلقه الحوثيون باتجاه الرياض. ولم يصدر تأكيد حتى الآن من التحالف أو السلطات السعودية بخصوص أي أهداف بعينها.

وسمع شاهد من وكالة رويترز صوت انفجارين مدويين، ورأى دخاناً في سماء المدينة قرب الفجر. ولم ترد حتى الآن تقارير عن أضرار أو ضحايا.

ولا يُعتبر هذا الهجوم الأول من نوعه على السعودية الذي يتبناه الحوثيون، لكنه يفتح ملف العبء الذي تتحمله الرياض في مواجهة الحوثيين جراء حربها في اليمن، إذ حظيت حليفتها الإمارات بنصيب أقلّ من الهجمات الحوثية بعد تردُّد أنباء عن تفاهمات في السنوات الأخيرة مع إيران ألقت بظلالها على المواجهات في اليمن.

إيران: علاقتنا بالإمارات تحسنت

وتأكيداً لهذه الأنباء قال يحيى صفوي، مستشار المرشد الأعلى الإيراني للشؤون العسكرية، ليقول إن علاقة بلاده مع الإمارات تحسنت، مؤكداً استعداد بلاده للحوار مع السعودية.

جاء ذلك في تصريحات لصفوي أوردتها فضائية "الجزيرة" القطرية الاثنين.

وقال صفوي إن "علاقتنا مع الإمارات شهدت تحسناً، ومواقف أبو ظبي تجاهنا تغيرت (...)، ومستعدون للحوار مع السعودية دون شروط مسبقة إذا وافقت على ذلك".

لم تكن هذه البادرة الأولى لنتائج الاتصالات بين طهران وأبو ظبي، إذ صرّحت الرئاسة الإيرانية قبل ذلك في 17 أكتوبر/تشرين الأول 2019 بأن الإمارات تقدمت بمبادرة لتسوية القضايا السياسية بين البلدين.

ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (إرنا) عن رئيس مكتب رئاسة الجمهورية محمود واعظي، قوله إن "الدول كافةً -حتى تلك المتوافقة مع السياسات الأمريكية في المنطقة- تتطلع إلى حلّ القضايا السياسية العالقة وإقامة علاقات مبنية على الصداقة مع إيران".

وتشهد العلاقات بين أبو ظبي وطهران توتراً مستمراً بسبب الجزر الثلاث المتنازَع عليها (طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى)، وتقول الإمارات إن إيران تحتلّها.

وتفاقم التوتر بين البلدين على خلفية الصراع المحتدم في اليمن منذ نحو خمسة أعوام بين القوات الحكومية مدعومةً بالتحالف السعودي الإماراتي رغم انسحابها جزئياً مؤخراً، والمسلحين الحوثيين الذين تُتّهم إيران بدعمهم.

وقبل تصريحات واعظي بثلاثة أيام أكّد الرئيس الإيراني حسن روحاني أن علاقات إيران مع الإمارات تحسنت، وأبدى استعداد بلاده للحوار مع السعودية.

وقال روحاني في مؤتمره الصحفي السنوي المطول بطهران، إن إيران والإمارات تبادلتا الوفود والزيارات مؤخراً، وأشار إلى أن وفوداً ومسؤولين إماراتيين زاروا إيران مؤخراً، مؤكداً أن العلاقات بين البلدين تتجه نحو مزيد من التحسن.

غزل مستمرّ

لم تكن تصريحات روحاني الأولى والأخيرة في هذا الصدد بشأن الإمارات، إذ استمرت إيران في وصف علاقاتها بدولة الإمارات بـ"الجيدة جداً".

ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية في 10 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، عن قائد قوات حرس الحدود الإيراني العميد قاسم رضائي، قوله في مؤتمر صحفي: "علاقة إيران بالإمارات جيدة جداً، والدول المجاورة ومنطقة الخليج".

وبيّن رضائي أن قوات حرس الحدود الإيرانية "عقدت كثيراً من الاجتماعات مع نظيرتها الإماراتية، وتوصلنا إلى اتفاقات جيدة للغاية على المستوى الوطني والإقليمي".

الردّ الإماراتي لم يتأخر كثيراً، إذ جاء على لسان وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش، قائلاً إن للحوثيين (المتهمة إيران بدعمهم) دوراً في مستقبل اليمن، مؤكداً أن العلاقات مع إيران تتطلب جهوداً ودبلوماسية قوية للتوصل إلى اتفاق يخدم المصلحة الإقليمية، وبمشاركة خليجية.

وقال قرقاش خلال كلمة في افتتاح أعمال ملتقى أبو ظبي الاستراتيجي السادس: "التصعيد مع إيران لا يصبّ في مصلحة أي طرف، ولذلك نأمل من خلال الجهود أن نوجد انفتاحاً لوضع عملية سياسية ذات مغزى، تعمل على معالجة القضايا الأمنية في المنطقة".

ورفضت الإمارات سابقاً في 26 يونيو/حزيران 2019، اتهام إيران بالوقوف وراء هجمات استهدفت أربع ناقلات نفط قبالة سواحلها (مايو/أيار 2019)، داعية إلى ضرورة خفض حدة التوتر في المنطقة.

وفي مطلع أغسطس/آب 2019 وقَّعت إيران والإمارات مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون بمجال أمن الحدود البحرية.

ورغم التصريحات والإشارات الإيجابية المتبادلة بين الإمارات وإيران، فإن الإمارات حاولت حصار جارتها قطر في عام 2017 بذريعة علاقة الدوحة المتزايدة مع طهران.

تباينات في الاستراتيجية

تظهر على السطح يوماً بعد يوم تباينات سعودية-إماراتية في اليمن، ربما كان آخرها سيطرة الانفصاليين في جنوب اليمن المدعومين إماراتياً على جزيرة سقطرى بعد طرد قوات الحكومة المدعومة سعودياً منها، في خطوة تعمّق خسائر السلطة المعترف بها دولياً والتي تعاني في حربها شمالاً.

في المقابل تعاني السعودية وحدها منذ اندلاع الحرب في اليمن من مجموعة هجمات متنوعة استهدفت أجزاء مختلفة من المملكة بصواريخ تنوعت بين التقليدية والبالستية، واستهدفت مدناً من أبرزها العاصمة الرياض، بالإضافة إلى محافظات الحد الجنوبي للسعودية، وصولاً إلى الهجوم على شركة أرامكو.

ويعزو مراقبون الوضع الإماراتي المختلف بعض الشيء في النزاع اليمني من حيث الهجمات المتبادلة مع الحوثيين رغم مشاركتها السعودية التحالف، إلى تواصلات خفية مع إيران، الداعم الأبرز للحوثيين، مما أدَّى إلى تقليل تلك المخاطر.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً