مظاهرة في مدينة أم الفحم ضد الجرائم والعنف (موقع عرب 48)
تابعنا

ما إن تدخل البلدات الفلسطينية داخل الخط الأخضر، حتى تلحظ الحداد فيها، فالحياة هناك غير طبيعية، يلفها الخوف من رصاصات المجرمين الطائشة، فلا تكاد تجد بيتاً لم يتعرض لجريمة أو تهديد من الشبكات الإجرامية، فيما يرافق الفلسطينيين الخوف أينما ذهبوا، حيث انعدام الأمان في مدن تابعة لإسرائيل وتخضع للقانون الإسرائيلي الذي بات يغرق الشباب العربي في دوامة العنف والجريمة ويصرفهم عن قضيتهم.

كل هذه الأسباب دفعت الفلسطينيين هناك إلى التظاهر والإضراب احتجاجاً على العنف والجريمة وتواطؤ الشرطة مع المجرمين الذين لم يعُد يوقفهم قانون أو عشائر، فمنذ بداية عام 2021 قُتل 16 فلسطينياً على يد شبكات إجرامية، فيما وصل عدد القتلى العام الماضي إلى 113.

وخرجت مظاهرات حاشدة في مدينة أم الفحم تنديداً بالعنف والجريمة، حيث قتل شاب بداية العام واستُهدف القيادي في الحركة الإسلامية سليمان غبارية، وأصيب بجراح شديدة الخطورة، فيما شارك آلاف مساء الثلاثاء في تشييع جثمان أحمد حجازي، الذي قُتل برصاص الشرطة، في مدينة طمرة، ووقعت مواجهات ومناوشات بين متظاهرين وعناصر الشرطة التي حاولت قمع احتجاجهم من خلال استخدام الرصاص المطاطي والقنابل المسيلة للدموع.

الشرطة الإسرائيلية.. تخبُّط وعنف

وتتخبط الشرطة الإسرائيلية التي أطلق عناصرها النار عشوائياً على مشتبهين بإطلاق نار، مما أسفر عن مقتل أحد مطلقي النار وشخص آخر لا علاقة له بالحادثة، وهو ما زاد غضب الشارع الفلسطيني هناك.

وتطورت الأمور إلى تدخُّل وحدة المستعربين الإسرائيلية، إذ ظهر رجال الشرطة بزيّهم المدني يحملون أسلحة رشاشة، فيما ينزف المصابون على الأرض، دون أن يحرك أفراد الشرطة ساكناً، كأنهم في عملية بدولة معادية، حتى طال رصاصهم أبرياء.

وبات الأسهل لدى الشرطة الإسرائيلية استخدام المستعربين لقمع المظاهرات، على أن يواجهوا العنف بمصادرة السلاح الذي يأتي 90% منه من الجيش الإسرائيلي، حسب الشيخ كامل ريان رئيس مركز أمان للمجتمع الآمن، الذي قدر وجود المئات من قطع الأسلحة بيد المجرمين.

ويقول ريان في مقابلة عبر الهاتف لـTRT عربي، إن “16شخصاً فقدوا حياتهم في جرائم عنف بالبلاد منذ مطلع العام الجاري، فيما قُتل العام المنصرم 113شخصاً، ما يعني زيادة بنسبة 5%".

ويضيف: “الشرطة الإسرائيلية بعد انتفاضة الأقصى عام 2000 قررت الانتقام من المجتمع العربي بكل وضوح، وهي مسؤولة عن انتشار العنف والجريمة في البلاد“.

ويضرب ريّان مثلاً المجتمع اليهودي في إسرائيل، مشيراً إلى أن 33 شخصاً قُتلوا بينهم عام 2020، في الوقت الذي قُتل فيه 113 من العرب، علماً أنّ عدد العرب الكلي يقارب مليوناً و700 نسمة، في حين أن في إسرائيل أكثر من 6 ملايين يهودي“.

في عام 2020 قُتل 113 فلسطينياً نتيجة العنف والجريمة، فيما قُتل 33 من اليهود (موقع عرب 48)

حلول نتنياهو المقترحة.. شعارات انتخابية

ويرى رئيس مركز أمان أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي قال إنّه سيعمل على مكافحة العنف والجريمة في المجتمع العربي “كان قد كذب على اليهود، فكيف بالنسبة إلى العرب؟“.

ويشير إلى أنّ نتنياهو بات يطلق شعارات انتخابية قبل الانتخابات المقررة الشهر القادم، حول مكافحة العنف والجريمة، “لأنه بات مدركاً أن همّ المواطنين العرب صار أمنهم الشخصي وحياتهم“.

ويؤكّد ريّان أنهم بصدد رفع دعوى دولية ضد إسرائيل، ويوضح: “نحن نعتبر أن واقعنا الآن فيه جرائم ضد الإنسانية، لم يعد أحد يجرؤ على الخروج إلى الشارع“.

ويقول إن الحل الأمثل للجريمة هو “إعادة ترتيب المجتمع، وإذا فعلنا ذلك فلن يستطيع أي أحد أن يسبّب لنا أزمات“.

وفي ما يتعلق بالمظاهرات ضد العنف التي تخرج باستمرار في مدن الداخل الفلسطيني، يوضح ريّان: “يجب أن تُترجَم هذه الطاقات على الفور إلى برامج بناء مجتمعي وتوجيه وترشيد، كي نأخذ زمام الأمور بأيدينا ونحل مشكلاتنا“.

استهداف الهوية ومحاولات لخلق الفتن

يرى نائب رئيس الحركة الإسلامية داخل الخط الأخضر الشيخ كمال الخطيب، أنه يراد خلق انطباع من أحداث العنف بأن المجتمع الفلسطيني شعب عنيف، وهو غير صحيح، لأن المؤسسة الإسرائيلية وضعت سياسة جديدة بعد عام 2000 بعد قيام الشعب الفلسطيني بالداخل مع الكل الفلسطيني في أثناء انتفاضة الأقصى، وأدركت أن مشاريعها السابقة في مسخ هوية الفلسطيني وأَسْرَلَته قد فشلت خلال السنوات الخمسين الماضية، وعمدت إلى أسلوب جديد بخلق الفتن الداخلية، وهو وما نجت به.

ويؤكد الخطيب أن "نتنياهو اجتمع مع مجموعة من رؤساء البلديات العربية، رغم أنه كان لا يتعامل معهم ولا يراهم، لكنه الآن مقبل على الانتخابات في شهر مارس/آذار القادم، وبحاجة إلى عدد من المقاعد في الكنيست يؤهله لتشكيل أغلبية، ويحاول الكذب والافتراء وتجميل صورته أمام الفلسطينيين لكسب المقاعد".

ويضيف: "دائماً كان يحرّض على الفلسطينيين ويقول إنهم (سرطان في جسم الدولة)، هو ليس صادقاً في توجُّهه".

ويشدّد الخطيب على أن كفّ اليد عن انتشار السلاح في المناطق العربية وعدم ملاحقة المجرمين هو عملية ممنهجة، وهي حقيقة باتت مسلَّمة، فعندما تُرتكب جريمة بحق يهودي، يصلون خلال 24 ساعة إلى المجرم، أما في المجتمع العربي فيتركون المجرم ليزيد في إجرامه.

ويشارك القضاء الإسرائيلي في مفاقمة الأزمة من خلال عدم محاسبة المجرمين، ويؤدي هذا إلى أن يأخذ كل شخص حقه بيده ويشارك في تفكيك النسيج الاجتماعي وتكوين عداوة حزبية وطائفية بين الفلسطينيين، حسب الخطيب.

TRT عربي
الأكثر تداولاً