بدأ السودانيون الاحتفال فرحاً بانتهاء حكم الإنقاذ الذي استمرّ لسنوات (AP)
تابعنا

بعدما أقرّ المجلسان "السيادي الانتقالي" والوزراء في السودان، قانون تفكيك نظام الرئيس المعزول عمر البشير، بعد ثورة الإنقاذ التي أطلقها البشير في 30 يونيو/حزيران 1989 بعد استيلائه على السُّلْطة بانقلاب، بدأ السودانيون الاحتفال فرحاً بانتهاء حكم استمرّ لسنوات، وبقي معمولاً به حتى بعد عزل قيادة الجيش للبشير من الرئاسة تحت وطأة احتجاجات شعبية مندّدة بتردي الأوضاع الاقتصادي، في 11 أبريل/نيسان الماضي.

وبإجازة قانونَي "إلغاء النِّظام العامّ" و"تفكيك نظام الإنقاذ وإزالة التمكين"، يُكتب فصل جديد من تاريخ الشعب السوداني، إذ يلغي قانون تفكيك النِّظام بصورة مباشرة حزب المؤتمر الوطني ويؤدِّي إلى حجز واسترداد الممتلكات والأموال المملوكة للحزب والواجهات التابعة له، لتؤول إلى وزارة المالية.

من جانبه قال المتحدث باسم الحكومة فيصل محمد صالح، في مؤتمر صحفي مشترك عقب الاجتماع بين مجلسي السيادة والوزراء، إن الاجتماع المشترك أجاز كذلك إلغاء قانون النِّظام العامّ الصادر في 1996، ويضبط في 25 مادة القواعد المتعلقة بالسلوك العامّ في المناسبات والأسواق وغيرها.

الإصرار على تفكيك النِّظام البائد يأتي تحقيقاً لشعار الثورة السودانية، حرية سلام وعدالة، وقرار حلّ حزب المؤتمر الوطني هو قرار انتظره الشعب السوداني طويلاً

المتحدث باسم مجلس السيادة - محمد الفكي سليمان

وتتمثل لجنة اختصاصات في التوصية للجهات الحكومية بحلّ أي جهاز حكومي حزبي، وأي "منظَّمة أو جمعية أو نقابة أو اتِّحاد مهني أو اتِّحاد طلابي أو مؤسَّسة أو مفوضية أو شركة أو شركة قطاع عامّ أو خاصّ، وأي أذرع حزبية سياسية أو أمنية أو اقتصادية للنظام البائد.

واعتبر رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، في تدوينة عبر صفحته على فيسبوك، أن "قانون تفكيك النِّظام البائد وإزالة التمكين ليس قانوناً للانتقام، بل هو من أجل حفظ كرامة الشعب".

وأضاف: "أجزنا هذا القانون في اجتماع مشترك مع شركائنا في مجلس السيادة حتى يأخذ مشروعيته الكاملة، إقامةً للعدل واحتراماً لكرامة الناس وصوناً لمكتسباتهم، وحتى يتسنى استرداد الثروات المنهوبة من خيرات الشعب الذي ظلّ قويّاً ومقداماً وثائراً فشقّ درباً سُدَّت المنافذ إليه لزمن طويل، وصبر حتى أزاح العتمة وأقبل على فجر الخلاص مستوياً في جماعة، وها نحن نصليه حاضراً".

قانون تفكيك النظام البائد وإزالة التمكين ليس قانوناً للانتقام، بل هو من أجل حفظ كرامة هذا الشعب بعد أن أنهكته ضربات...

Posted by ‎عبد الله حمدوك Abdalla Hamdok‎ on Thursday, 28 November 2019

أموال حزب البشير

تُقدَّر أموال حزب المؤتمر الوطني في المصارف السودانية بنحو تريليون و500 مليار جنيه وَفْقاً لمسح أولي، حسب صحيفة التيَّار السودانية الصادرة الجمعة، التي أكَّدت سحب هذه الأموال وتحويلها في حساب أفراد وأعضاء وقيادات خلال الأشهر الماضية التي أعقبت سقوط النِّظام.

كما أكَّدت الصحيفة أنّ "سيارات الحزب التي قُدّرت بالآلاف تمّ بيعها لتجار سيارات وتمّ تحويل ملكية البعض الآخر لصالح أفراد وقيادات واستبعدت ضبط أموال وأصول من حزب الرئيس المخلوع سوى المقارّ التي يمتلكها والتي تقدّر بالمليارات".

واختفت أصول وممتلكات لمؤسَّسات وشركات واتِّحادات طلابية مرتبطة بالوطني في ظروفٍ غامضة، بينها سيارات تُقَدَّر بالمليارات وأجهزة حاسوب وممتلكات أخرى، كما استحوذ حزب المؤتمر الوطني على189 مركزاً على مستوى المحليات بولايات السودان المختلفة وأكثر من 126 مركزاً بعواصم الولايات، إلى جانب 1185 فرعاً على مستوى الوحدات الإدارية والمدن الكبرى.

معارضة القانون

في الوقت الذي أدان فيه حزب البشير قرار الحكومة السودانية حلّه ووصفه بـ"غير القانوني"، انتقد البعض هذه الخطوة، إذ حذر حزب المؤتمر الوطني في بيان له من أن "أي خطوة من السلطات لحل حزب المؤتمر الوطني، ومنعه من حقه المشروع في الممارسة السياسية، ستواجه بوابل من الغضب الذي لن يسلم منه أحد".

ورصد طارق التيجاني مراسلTRT عربي في السودان، أصداء القانون، إذا قال إن القرار كان مطلباً للسودانيين، وقد كون لجنة من 18 شخصا لمتابعة الأموال التي صُودرَت، كما كوّن لجنة من خمسة أعضاء لقَبُول أي استئناف لحزب المؤتمر الوطني المحلول.

وأضاف: "منذ بداية هذه القرارات كان حزب المؤتمر الوطني يرفض حله، باعتباره حزباً سياسيّاً، لكنه وافق على أن لا يشارك في الحكومة الانتقالية، لكنه لم يكُن يتوقع أن تُصادَر أمواله المملوكة له ومِن ثَمَّ من المتوقع صدور ردود أفعال كبيرة من أعضاء الحزب ورئيسه وأحزاب أخرى".

وعلل المراسل معارضة القانون بأن أحزاباً وشخصياتٍ ووزراءَ قد تطالهم هذه القرارات.

واعتبر القيادي الإسلامي غازي صلاح الدين العتباني، أن "قوانين المحاكمات للمشاركين في انقلاب 1989، وتفكيك نظام الرئيس المعزول عمر البشير، هدفها التشفي وتصفية حسابات قديمة"، حسب صحيفة الانتباهة السودانية.

كم سيكون العار عظيماً أن يشهد السودان ردّةً إلى مثل تلك القوانين، التي تعمّم التهم على المواطنين لمجرد الظن والتوهُّم، أو لمجرد ارتباطهم بعلاقات القرابة أو الصداقة مع بعض من يقعون ضحية لتطبيق تلك القوانين

القيادي الإسلامي - غازي صلاح الدين العتباني

وقال العتباني في رسالة بعث بها إلى رئيس المجلس السيادي الفريق أول عبد الفتاح البرهان، إن "قوانين المحاكمات للمشاركين في انقلاب 1989، وتفكيك الإنقاذ نظام البشير، ممعنة في الفظاظة والتخلف، ولا مثيل لهما إلا قوانين صيد السحرة ومحاكم التفتيش التي سادت في أوروبا في القرون الوسطى".

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً