برنامج للحكومة البريطانية يحارب التطرف مستهدفاً المسلمين في محاولة إحداث تغيير سلوكي في طريقة تفكيرهم
تابعنا

حصل موقع "ميدل إيست إي" على وثائق لبرنامج غامض تابع للحكومة البريطانية، يسعى للتأثير على سلوكيات المسلمين في بعض الدول العربية والغربية، والتي تشير إلى أن البرنامج يضع المسلمين في فرنسا على قائمة البلاد المُستهدفة الآن.

ويسعى البرنامج لاستهداف المسلمين والتأثير على تفكيرهم وسلوكياتهم، من خلال الوصول إليهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والأفلام والبرامج والأخبار الصحفية، دون إظهار علاقة مباشرة بينه وبين الحكومة البريطانية.

ويهدف البرنامج، التابع لوحدة اتصالات المعلومات البحثية في لندن (RICU) والتي تتخذ مكتباً لها داخل مقر مكافحة الأمن والإرهاب في وزارة الداخلية، إلى تنسيق نشاطات لمحاربة التطرف العنيف من خلال تعزيز علاقات داخلية متأصلة في المجتمعات على مستوى الحكومات، حسب ما ورد على موقع معهد الحوار الاستراتيجي (ISD)، وهو مركز أبحاث بريطاني مستقل يهدف عمله إلى تحدي التهديدات التي يتعرض لها السلام الدولي والمجتمعي.

وحسب الوثائق التي اطلع عليها موقع "ميدل إيست آي" فإن وحدة اتصالات المعلومات البحثية (RICU) تعمل على زيادة الإرادة السياسية للتصدي للإرهاب، وتحديداً في البلاد ذات الكثافة الإسلامية العالية، من خلال التصرف بناءً على أولويات المملكة المتحدة.

البرنامج بدأ بآليات العمل في بلاد عربية عدة، من بينها تونس والمغرب ولبنان والجزائر والأردن، إضافة إلى عمله في بلاد غير عربية مثل باكستان وتنظيمه بضعة نشاطات في بلاد غربية مثل فنلندا وهولندا نهاية العام الماضي، حسب الوثائق.

كما أشارت الوثائق إلى أن وحدة اتصالات المعلومات البحثية تسعى لتكثيف عمل برنامج محاربة التطرف والتصدي للإرهاب في خمسة بلاد بحلول عام 2019، وهي فرنسا وكينيا وبلجيكا وإندونيسيا وبنغلاديش.

ويحاول البرنامج الوصول للمسلمين الشباب ما بين 15 عاماً و39 عاماً غالبيتهم من الذكور، مستغلاً وجودهم على مواقع التواصل الاجتماعي، بحيث يكون تطوير استراتيجيات ترويج بعض محتويات البرنامج على فيسبوك وتويتر وسناب شات، جزءاً أساسياً ضمن آليات العمل، إضافة إلى دعم إنتاج مقاطع الفيديو، والمدونات التي تخدم غاية البرنامج في التأثير على أفكار المسلمين وسلوكياتهم.

تعزيز المرونة

هذه ليست المرة الأولى التي يُذكر فيها اسم الحكومة البريطانية بخصوص مشاريع تهدف للتأثير على سلوكيات المسلمين، إذ ذكر المركز الثقافي البريطاني (The British Council) عمله على مشروع يُسمى "تعزيز المرونة" بدعم من الاتحاد الأوروبي، يبدأ تنفيذه في عام 2015 ويستمر حتى عام 2021 هادفاً إلى محاربة التأثير على الشباب المسلم في منطقة الشرق الأوسط واستقطابه نحو التطرف.

مشروع تعزيز المرونة يهدف بالأساس إلى محاربة التطرف من خلال التأثير على المسلمين في تونس والمغرب ولبنان مستخدماً موسيقى الراب وفن الجرافيتي والأفلام والرياضة ومواقع التواصل الاجتماعي لإيصال رسائل للشباب تشرح لهم "الحلول البديلة" عن التطرف والإرهاب بحسب ما أشار إليه المركز الثقافي البريطاني.

وورد اسم وحدة اتصالات المعلومات البحثية (RICU)، التابعة لمكتب مكافحة الإرهاب في وزارة الداخلية قبل ذلك في وثائق تابعة للمركز الثقافي البريطاني، في إشارة إلى مشاركة (RICU) في مشروع "تعزيز المرونة" بتكليف من المركز الثقافي نفسه، وذلك من خلال وثائق شاركها المركز الثقافي على الإنترنت قبل أن يزيلها لاحقاً بحسب تقرير سابق لموقع ميدل إيست آي.

كما ذُكر في تقرير المركز الثقافي البريطاني معلومات عن تصدير تقنيات برامج مثل "تعزيز المرونة" و"مكافحة التطرف والإرهاب" للحكومات في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ليتم تدريبهم عليها لمواجهة الإرهاب.

المسلمون في فرنسا هدف جديد

آليات عمل برامج مكافحة التطرف المذكورة سابقاً تضمن مقابلات وجهاً لوجه مع طلاب الجامعات، وإنتاج أفلام ونشرها على منصات التواصل الاجتماعي وفيسبوك وتويتر وإنستغرام، بالإضافة إلى توزيع منشورات على مئات الآلاف من المنازل في المناطق ذات الكثافة الإسلامية العالية في المملكة المتحدة، دون إعلام قاطني تلك المناطق أن المنشورات يتم توزيعها بعلم من الحكومة البريطانية.

إضافة إلى ذلك يقوم البرنامج بتأسيس وكالة علاقات عامة مهمتها ترويج الأخبار للصحفيين دون الإشارة إلى أن وكالة العلاقات العامة تلك تعمل أيضاً بالتنسيق مع الحكومة، والتي تهدف بالأساس إلى منع وصول تأثير داعش للشباب المسلم في بريطانيا والشرق الأوسط، وهي الأساليب التي وصفتها صحيفة الغارديان بأنها مستوحاة من البروباغندا البريطانية منذ الحرب الباردة.

الوثائق أشارت إلى أن العمل لا يقتصر على برامج وحدة اتصالات المعلومات البحثية (RICU) وحدها، بل يمتد إلى حلفاء المملكة المتحدة التي تحاول (RICU) إقناعهم بأن يقوموا بتنفيذ الآليات ذاتها لمكافحة الإرهاب بأنفسهم والتي هدفها "التأثير على المسلمين في سياق يتماشى مع أولويات المملكة المتحدة".

وتضع وحدة اتصالات المعلومات البحثية فرنسا الآن على قائمة الدول التي تعمل فيها، مستهدفة بشكل أساسي المجتمع المسلم كجزء من برنامجها السري لمكافحة التطرف، هادفة إلى التأثير على السلطات الفرنسية لتتبع هي الأخرى أساليب مكافحة الإرهاب طبقاً للنموذج الذي تتبعه وحدة اتصالات المعلومات البحثية.

مظاهرة لمجموعة من المسلمين في فرنسا يشجبون فيها قتل شرطي فرنسي على يد إرهابي ينتمي إلى تنظيم داعش في عام 2016
هجوم على مسجد فينسبري بارك في لندن عام 2017 (AP)
TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً