دول ومنظمات عدة تعرب عن رفضها اقتحام وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير باحات المسجد الأقصى / صورة: AFP (AFP)
تابعنا

قرّر الرئيس الفلسطيني محمود عباس الثلاثاء، التحرك فوراً لدى مجلس الأمن الدولي لإدانة ووقف الاعتداءات الإسرائيلية على المسجد الأقصى بمدينة القدس الشرقية المحتلة.

وفي حراسة مشدَّدة من الشرطة الإسرائيلية، اقتحم وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير باحات المسجد لمدة ربع ساعة صباح الثلاثاء، في خطوة أدانها الفلسطينيون وعواصم عربية وغربية ونواب بالكنيست (البرلمان) الإسرائيلي.

وقرّر الرئيس عباس "تكليف بعثة فلسطين في نيويورك التحرك الفوري في الأمم المتحدة ومجلس الأمن لإدانة ووقف اعتداءات أعضاء في الحكومة الإسرائيلية ومجموعات متطرفة على المسجد الأقصى، في انتهاك خطير للوضع التاريخي والقانوني في القدس المحتلة"، حسب وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية.

وفق الوكالة، أكّد عباس "أهمية هذا التحرك الدولي لوقف هذا التصعيد الإسرائيلي الخطير بحق المقدسات الإسلامية والمسيحية".

وسبق لبن غفير، زعيم حزب "القوة اليهودية" اليميني المتطرف، أن اقتحم المسجد الأقصى مراراً بصفته الشخصية وكنائب بالكنيست، لكنها المرة الأولى التي يقتحمه كوزير ضمن حكومة برئاسة بنيامين نتنياهو نالت ثقة الكنيست في 29 ديسمبر/كانون الأول الماضي وتوصف بأنها "الحكومة الأكثر يمينية بتاريخ إسرائيل".

رفض عربي وإسلامي للاقتحام

من جانبها رفضت دول ومنظمات عربية وإسلامية اقتحام وزير الأمن القومي الإسرائيلي المسجد الأقصى، داعية تل أبيب إلى التوقف عن هذا التصعيد الذي وصفته بـ"الاستفزازي والمرفوض".

وفي أول ردّ فعل رسمي، دافع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الثلاثاء، عن اقتحام بن غفير للمسجد الأقصى، ووفق تصريح مكتوب من مكتبه فإن نتنياهو "ملتزمٌ الحفاظ على الوضع القائم بلا تغيير في الحرم القدسي"، مشيراً إلى أن "حماس (حركة المقاومة الإسلامية) لن تُملي علينا".

ومقابل دفاع نتنياهو، قال رئيس الوزراء السابق يائير لابيد في تغريدة، إن "قضاء بن غفير 13 دقيقة في الحرم القدسي وضعنا في خلاف مع نصف العالم"، واصفاً الاقتحام بأنه "عدم مسؤولية سياسية وضعف لا يُصدَّق من جانب نتنياهو أمام وزرائه".

"استفزاز"

من جانبها أعربت وزارة الخارجية السعودية في بيان، عن "تنديد وإدانة المملكة لتلك الممارسات الاستفزازية"، مؤكدة موقفها بالوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني ودعم جهود إقامة دولته المستقلة.

وعبّرت الوزارة عن "أسف المملكة لما تقوم به سلطات الاحتلال الإسرائيلية من ممارسات تقوض جهود السلام الدولية وتتعارض مع المبادئ والأعراف الدولية في احترام المقدسات الدينية".

كما أدانت الخارجية الإماراتية في بيانٍ بشدةٍ اقتحامَ بن غفير، مؤكدة "موقف بلادها الثابت بضرورة توفير الحماية الكاملة للمسجد الأقصى ووقف الانتهاكات الخطيرة والاستفزازية فيه".

ودعت الوزارة "السلطات الإسرائيلية إلى خفض التصعيد وعدم اتخاذ خطوات تفاقم التوتر وعدم الاستقرار في المنطقة".

دعوة إلى ضبط النفس

من جانبها أعربت مصر في بيان للخارجية عن "أسفها لهذه الخطوة، وأكّدَت رفضها التامّ لأي إجراءات أحادية مخالفة للوضع القانوني والتاريخي القائم في القدس".

وحذرت من "التبعات السلبية لمثل هذه الإجراءات على الاستقرار في الأراضي المحتلة والمنطقة، وعلى مستقبل عملية السلام"، داعية إلى "ضبط النفس والامتناع عن أي إجراءات من شأنها تأجيج الأوضاع".

وأدان الأردن في بيان لمتحدث وزارة الخارجية سنان المجالي، بـ"أشد العبارات ذلك الاقتحام"، مؤكداً أنها "خطوة استفزازية مدانة".

وطالب بـ"الكفّ الفوري" عن جميع الممارسات والانتهاكات بحقّ المسجد الأقصى، مؤكداً أن "إسرائيل تتحمل كامل المسؤولية عن التبعات الخطيرة لهذا التصعيد".

وأعربت الكويت في بيان للخارجية، عن إدانة واستنكار بلادها لهذا الاقتحام، مؤكدة أنه "يشكّل استفزازاً لمشاعر المسلمين وانتهاكاً لقرارات الشرعية الدولية".

ودعت "المجتمع الدولي إلى التحرك السريع والفاعل لوقف هذه الانتهاكات الإسرائيلية"، محمّلة تل أبيب مسؤولية أي تصعيد سيحدث جراء تلك الانتهاكات.

اعتداء على ملايين المسلمين

في السياق نفسه أدانت قطر وفق بيان لوزارة خارجيتها، الاقتحام بشدة واعتبرته "انتهاكاً سافراً للقانون الدولي"، محذّرة من "السياسة التصعيدية التي تتبناها تل أبيب".

واعتبرت قطر أن "محاولات المساس بالوضع الديني والتاريخي للمسجد الأقصى ليست اعتداءً على الفلسطينيين فحسب، بل على ملايين المسلمين حول العالم".

وأدان لبنان الاقتحام، وذكرت وزارة خارجيته في بيان أن " الاقتحام انتهاك خطير لكامل الحرم القدسي"، وأنه "يؤشّر إلى منحى السياسات المتطرفة التي بدأت تمارسها الحكومة الإسرائيلية حيال الشعب الفلسطيني وحقوقه ومقدساته".

وفي بيان، ذكرت وزارة الخارجية الموريتانية أن "موريتانيا تُدين اقتحام باحات المسجد الأقصى المبارك، في خرق واضح للقانون الدولي، واستفزاز سافر لمشاعر الأمة الإسلامية".​​​​​​​

ومن المغرب قال مسؤول بوزارة الخارجية لوكالة الأناضول، مفضّلاً عدم ذكر اسمه، إن "المملكة تُدين من منطلق مواقفها الثابتة، اقتحام وزير إسرائيلي يوم الثلاثاء، باحات المسجد الأقصى المبارك".

ولفت إلى أن "المملكة المغربية التي يرأس عاهلها لجنة القدس (تابعة لمنظمة التعاون الإسلامي)، تدعو إلى الحفاظ على الوضع القانوني والتاريخي القائم في مدينة القدس والمسجد الأقصى، والحدّ من التصعيد وتفادي الأعمال الأحادية والاستفزازية".

بدورها أدانت جماعة الحوثي اليمنية في بيانٍ "انتهاكات إسرائيل لحرمة الأماكن المقدسة في الأقصى الشريف، وآخرها اقتحام بن غفير"، محذّرة من أن "هذه الممارسات ستزيد من حدة المواجهات في الأراضي الفلسطينية".

تحذير من "حرب دينية"

كما أدانت الجامعة العربية في بيان بأشدِّ العبارات هذا الاقتحام، واصفة ذلك بأنه "استباحة للحرم القدسي وعدوان على القبلة الأولى للمسلمين".

وشددت على أن "حكومة نتنياهو تتحمل المسؤولية الكاملة عن اقتحام بن غفير وعن هذه المخططات اليمينية المتطرفة وتداعياتها على فلسطين والمنطقة والسلم العالمي، بما في ذلك ما تنطوي عليه من احتمالات إشعال حرب دينية".

من جانبها، أدانت الأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي في بيان، اقتحام بن غفير باحات المسجد الأقصى، معتبرة ذلك "استفزازاً لمشاعر المسلمين جميعاً وانتهاكاً صارخاً للقرارات الدولية ذات الصلة".

وفي تصريح، أدان الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الاقتحام، ودعا "الأمة الإسلامية إلى الدفاع عن حقهم الشرعي والقانوني والدولي"، مناشداً "الفلسطينيين، بخاصة المقدسيين لأن يهبُّوا بسرعة للدفاع عن المسجد الأقصى والرباط فيه".

وسبق أن أدانت فلسطين الثلاثاء، في بيانات منفصلة للرئاسة والحكومة والمجلس الوطني ووزارتي الخارجية والأوقاف والشؤون الإسلامية، وحركات مثل حماس وفتح، اقتحام بن غفير المسجد الأقصى.

وأكّدَت أن الاقتحام يمثّل "استفزازاً غير مسبوق وتهديداً خطيراً لساحة الصراع".

وسبق أن اقتحم بن غفير المسجد الأقصى مراراً في الماضي ولكن بصفته الشخصية ثم نائباً في الكنيست، ووعد خلال حملته الانتخابية باقتحام المسجد إذا أصبح وزيراً.

والخميس نالت حكومة نتنياهو ثقة الكنيست، وسط مخاوف إقليمية ودولية من تصعيد التوتر والاستيطان في ظلّ سلطة يمينية بالكامل لأول مرة في إسرائيل.

الولايات المتحدة وفرنسا تنددان

ندّدَت الولايات المتحدة وفرنسا الثلاثاء، بواقعة اقتحام وزير الأمن القومي الإسرائيلي اليميني المتشدد إيتمار بن غفير باحة المسجد الأقصى، لأول مرة منذ تولّيه منصبه.

ونشرت السفارة الفرنسية لدى تل أبيب تغريدة على تويتر، أكّدَت خلالها "تَمسُّك فرنسا المُطلَق" بالحفاظ على الوضع الراهن في الأماكن المقدسة في مدينة القدس.

واعتبرت باريس أن أي بادرة من شأنها تهديد هذا الوضع "قد تؤدّي إلى التصعيد، وينبغي تجنبها".

بدوره، أدان مجلس الأمن القومي الأمريكي الخطوة التي أقدم عليها الوزير الإسرائيلي.

وقال المجلس التابع للبيت الأبيض، في تصريحات نقلتها وسائل إعلام أمريكية، إن أي عمل أحادي يقوّض الوضع الراهن للأماكن المقدسة في القدس "غير مقبول".

وفي وقت سابق من اليوم قال السفير الأمريكي لدى تل أبيب توم نيدس، إن إدارة الرئيس جو بايدن أوضحت للحكومة الإسرائيلية "أنها تعارض أي خطوات قد تضرّ بالوضع الراهن في الأماكن المقدسة".

و"الوضع الراهن" هو الوضع الذي ساد في الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية في الفترة العثمانية واستمرّ خلال الانتداب البريطاني لفلسطين والحكم الأردني إلى ما بعد الاحتلال الإسرائيلي للقدس عام 1967.

وصباح الثلاثاء اقتحم وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير المسجد الأقصى، فيما قالت القناة 12 العبرية إنه أجرى تقييماً للوضع مع مفوض الشرطة وقائد لواء القدس والتقى رئيس الشاباك وقرّروا جميعاً أنه "لا عائق أمام الاقتحام".

وأضافت أن المسؤولين الأمنيين الذين شاركوا في تقييم الوضع رأوا أن التراجع عن الاقتحام أمام التهديدات "سيكون مكافأة للإرهاب وإضفاء شرعية على الأعمال ضدّ إسرائيل".

ويقول الفلسطينيون إن إسرائيل تعمل بوتيرة مكثفة على تهويد القدس وطمس هويتها العربية والإسلامية، ويتمسكون بالقدس الشرقية عاصمةً لدولتهم المأمولة، استناداً إلى قرارات الشرعية الدولية التي لا تعترف باحتلال إسرائيل للمدينة عام 1967 ولا بضمِّها إليها في 1981.

والخميس نالت حكومة نتنياهو ثقة الكنيست، وسط مخاوف إقليمية ودولية من تصعيد التوتر والاستيطان في ظلّ سلطة يمينية بالكامل لأول مرة في إسرائيل.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً