الجماهير ترى أن عبد القادر بن صالح واحد من أهم رموز نظام بوتفليقة  (Reuters)
تابعنا

للأسبوع السابع على التوالي تستمر الاحتجاجات في العاصمة الجزائرية، فعلى الرغم من أن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الذي طالبت الجماهير برحيله رحل، فإن المشهد ما يزال متوتراً بعد أن قام بـ"تلغيم" الوضع قبل رحيله، حسب وصف وزير جزائري سابق.

آخر التطورات كانت تنصيب البرلمان الجزائري بغرفتيه، المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة، عبد القادر بن صالح رئيساً مؤقتاً للبلاد لمدة 90 يوماً، إذ أعلن البرلمان، صباح الثلاثاء، رسمياً، شغور منصب رئيس الجمهورية، وتولي بن صالح الذي كان يعد أبرز رموز نظام بوتفليقة رئاسة الدولة مؤقتاً، تطبيقاً للمادة 102 من الدستور.

وتنص المادة 102 على أن رئيس مجلس الأمة يتولى الرئاسة مؤقتاً لمدة 90 يوماً، يتم خلالها تنظيم انتخابات رئاسية لا يترشح فيها، وهي خطوة ترفضها المعارضة والحراك بدعوى أن الشارع يرفض تولي رموز نظام بوتفليقة شؤون المرحلة الانتقالية.

وفور إعلانه رئيساً مؤقتاً، قال بن صالح في كلمة إن "هذه المسؤولية الثقيلة فرضها عليه الواجب الدستوري". وتعهد بالعمل بإخلاص من أجل الوصول في أقرب موعد لإعادة الكلمة إلى الشعب لانتخاب رئيسه.

وحتى ساعات قبل انعقاد جلسة البرلمان لإعلان شغور منصب الرئيس، ظل الترقب سائداً في البلاد حول إمكانية استبدال بن صالح بشخصية توافقية لقيادة المرحلة الانتقالية، قبل أن يعلن البرلمان كلمته الأخيرة.

وقاطع أكبر حزب إسلامي في البلاد، حركة مجتمع السلم، في بيان، الإثنين، جلسة البرلمان لترسيم شغور منصب رئيس الجمهورية.

وحسب الحزب، فإنه قرر مقاطعة جلسة البرلمان لأن ما سيتم اتخاذه في الجلسة مخالف لمطالب الشعب، "المعبَّر عنها بوضوح في الحراك الشعبي".

من جهته قال وزير الصناعة الأسبق عبد المجيد مناصرة، إن الرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة لغَّم الوضع قبل رحيله من أجل عدم حدوث انتقال سهل للسلطة انتقاماً من الشعب الذي عزله.

#الصامط_يغلب_لقبيح إن بقايا نظام #بوتفليقة: #بن_صالح و #بدوي و #بلعيز و #بوشارب يستغلون الدستور ليستمروا في الحكم من...

Posted by ‎عبد المجيد مناصرة‎ on Tuesday, 9 April 2019

جاء ذلك في منشور لمناصرة وهو رئيس سابق لحركة مجتمع السلم، على صفحته في فيسبوك تعليقاً على تنصيب بن صالح رئيساً مؤقتا للبلاد.

وتابع مناصرة "كان مطلوباً من بوتفليقة تغيير الحكومة وتعويضها بحكومة مقبولة، وبتعيين شخصية متوافق عليها في مجلس الأمة لتتولى رئاسة المجلس بدلاً من بن صالح وتتولى بذلك رئاسة الدولة، ولكنه أراد الانتقام من الشعب الذي عزله".

الحراك يرفض بن صالح

ورفض آلاف المحتجين تعيين البرلمان الجزائري رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح رئيساً مؤقتاً للبلاد، مطالبين بتغيير جذري بعد سنوات من هيمنة الدائرة المقربة من بوتفليقة على الحكم.

واستخدمت الشرطة الجزائرية، الثلاثاء، الغاز المسيل للدموع خلال تظاهرة في الجزائر العاصمة من أجل تفريق آلاف الطلاب الذين كانوا يحتجون على تسمية عبد القادر بن صالح رئيساً انتقالياً.

وهي المرة الأولى منذ سبعة أسابيع التي تستخدم فيها الشرطة الغاز المسيل للدموع لتفريق تظاهرة طلاب بهذه الطريقة.

عبد القادر بن صالح.. أقدم وجوه نظام بوتفليقة

وعبد القادر بن صالح يعد من أقدم وجوه النظام القائم، إذ تولى رئاسة المجلس الشعبي الوطني عام 1997، أي قبل وصول بوتفليقة إلى الحكم عام 1999.

في عام 2001، اشتد الخلاف بين بوتفليقة ورئيس مجلس الأمة آنذاك، بشير بومعزة، وعُزل الأخير من منصبه، ليخلفه بن صالح، صيف 2002.

ومنذ ذلك التاريخ، يشغل بن صالح منصب الرجل الثاني في الدولة، ولم تتزعزع ثقة رئيس البلاد فيه، على الرغم من أن انتخابات التجديد النصفي للغرفة الثانية للبرلمان تتم كل 3 سنوات.

وعقب إصابة بوتفليقة بجلطة دماغية عام 2013، بات بن صالح الممثل الشخصي لبوتفليقة في المحافل الإقليمية والدولية، وبالأخص في دورات جامعة الدول العربية.

وعرف بن صالح بخطاباته الممجدة لإنجازات بوتفليقة وبرنامجه، واشتهر في السنوات الأخيرة بإطلاقه وصف الأصوات الناعقة، على معارضي بوتفليقة والمشككين في نزاهة الانتخابات الرئاسية لسنة 2014.

ويعدّ المحتجون بن صالح أحد "الباءات الثلاث" التي تركها بوتفليقة، وكانت تظاهرة الجمعة السابعة على التوالي والأولى بعد استقالة بوتفليقة رفعت شعار رفض الباءات الثلاث، على رأسهم عبد القادر بن صالح، وكذلك الطيب بلعيز رئيس المجلس الدستوري ونور الدين بدوي رئيس مجلس الوزراء منذ 11 مارس/آذار الماضي.

سيناريوهات متوقعة

يقول الأكاديمي والباحث محمد سي بشير لـTRT عربي إن "الأمور لم تنتهِ بعد تنصيب بن صالح رئيساً لأن قائد الأركان أحمد قايد صالح قال بأن تطبيق المادة 102 لن يكون حرفياً وإنما مرفقاً بالمادتين السابعة والثامنة من الدستور والتي تعطي السلطة للشعب".

وأضاف "الأمور التي ستجري في الأيام القادمة ستحول دون استمرار بن صالح رئيساً للدولة، وستؤدي إلى تغيير اللعبة السياسية واختيار شخصية توافقية".

من ناحيته أكد أستاذ القانون في جامعة وهران بوسماحة نصر الدين لـTRT عربي أن "الحراك الشعبي يدرك بأن رموز نظام بوتفليقة ما زالوا ممسكين إلى الآن بمفاصل السلطة في البلاد، ويحاولون البقاء لأطول فترة ممكنة، حتى يتسنى لهم التأثير على الانتخابات الرئاسية المقبلة لحماية مصالحهم واختيار خليفة لبوتفليقة".

وتوقع أن يبقى الحراك متواصلاً، "في حالة تصاعد في ظل إضرابات متعددة شهدتها الجزائر، الثلاثاء، ومقاطعة أحزاب معارضة لجلسة البرلمان".

وحول إمكانية تدخل الجيش في المرحلة القادمة، قال نصر الدين إن "الجيش اختبر إلى الآن التطبيق الحرفي للدستور من خلال استخدام المادة 102 المتعلقة بشغور منصب الرئيس، ولكنه في ذات السياق أشار إلى استخدام المادتين السابعة والثامنة، وبالتالي فإن الجيش سيترقب المشهد في احتجاجات الجمعة القادمة".

وأضاف أن "الإرادة الشعبية هي الحكم، وبالتالي سيكون لدى الجيش تصورات عدة يمكن أن يكون أحدها المضي في تشكيل مجلس رئاسي انتقالي يقود المرحلة القادمة".

الشرطة الجزائرية استخدمت لأول مرة الغاز المسيل للدموع لتفريق التظاهرات الطلابية (Reuters)
بن صالح تولّى رئاسة مجلس الأمة الجزائري منذ عام 2002 (Reuters)
TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً