الرئيس التشيكي يحمل مجسم بندقية مكتوباً عليه كلمة "للصحفيين" في مؤتمر صحفي (AP)
تابعنا

ما المهم: مع توالي وصول أحزاب اليمين في أوروبا إلى السلطة، يتعرض الصحفيون في الاتحاد الأوروبي لضغوط تقيّد حرية الرأي والتعبير في سابقة من نوعها، على خلفية عداء التيارات اليمينية في عدة بلدان للنشاط الصحفي المنتقد لتوجهاتهم، وذلك عبر استخدام سلطاتهم في البلدان التي صعدوا إلى سدّة الحكم فيها، فكيف يحدث ذلك في تلك المنطقة من العالم التي تقدّر حرية الصحافة في تشريعاتها ودساتيرها؟

المشهد: كشف التقرير السنوي لمنظمة مراسلون بلا حدود المعنية بالدفاع عن حرية الصحافة حول العالم، الصادر في أبريل/نيسان 2018، أن التحريض ضد الصحفيين يسّمم المناخ السياسي في أوروبا بشكل متزايد، محذّراً من أن حرية الصحافة باتت مهددة في مناطق أخرى في العالم من قادة دول على غرار ترمب.

جاء في التقرير أيضاً أن وضع حرية الصحافة لم يتردَّ على هذا النحو في أي منطقة أخرى من العالم خلال عام 2017، مثلما حدث في أوروبا، وأضاف أن هذه الأجواء العدائية تهيئ غالباً تربة خصبة للعنف ضد العاملين في الإعلام، أو لظهور قمع حكومي.

وبيّن التقرير أن في أوروبا أربعاً من بين الدول الخمس التي تراجعت بأقصى درجة في القائمة الجديدة للمنظمة بشأن حرية الصحافة، هي مالطا والتشيك وسلوفاكيا وصربيا.

كذلك ظهر ساسة بارزون في هذه الدول لفتوا الأنظار بشكل كبير من خلال إساءاتهم ضد الصحفيين.

الخلفيات والدوافع: منذ صعود حكومة اليميني المجري فيكتور أوروبان، تخضع الشركة القابضة التي تنتج كل محتوى وسائل الإعلام العامة، والتي تشمل أيضاً وكالة الصحافة المجرية الحكومية، لرقابة شديدة أو إعادة صياغة بما يتناسب مع الخط الحكومي، حسب شهادة صحفي مجري لدويتشه فيله.

وفي بولندا أيضاً فرضت الحكومة اليمينية سيطرتها على الإذاعة العامة، بعد نجاحها في الانتخابات عام 2015، وتتعرض الصحافة غير الحكومية لضغوط اقتصادية وسياسية كبيرة، حسب صحفيين محليين.

وفي بداية ديسمبر/كانون الأول الجاري، استدعت الشرطة صحفياً من مجلة "نيوزويك" البولندية لاستجوابه بتهمة انتهاك الحقوق الشخصية بسبب كتابته بورتريهاً عن نائب رئيس المحكمة الدستورية.

وشهدت إيطاليا تغيراً في الأشهر الأخيرة، كما تقول آناليسا كاميلي التي تعمل صحفية في صحيفة "انترناشوناله" الأسبوعية في روما، في تصريحات لدويتشه فيله، جاء فيها أنه منذ وصول حزب حركة "خمس نجوم" الشعبوية والحزب اليميني "الرابطة/ ليغا" إلى السلطة، تحول الصحفيون إلى أعداء للساسة، ويُوصفون في كثير من الأحيان بالكاذبين.

وتضيف كاميلي أنه توجد شتائم أخرى، وفي بعض الأحيان يتعمد بعض أعضاء الحكومة تجنب الصحفيين.

على صعيد النمسا، رغم تقدمها في مجال حرية الصحافة، فإن الصحفيين قلقون منذ أكثر من عام، من وصول حكومة ائتلاف حزب الشعب النمساوي المحافظ وحزب الحرية النمساوي اليميني إلى السلطة، لوجود محاولات من أعضاء الحكومة النمساوية للضغط على المحطة الإذاعية العامة، من خلال التشهير.

وكذلك في السويد، إذ نقلت شبكة "يورو نيوز" أن أحزاب اليمين السويدية تأثرت جداً بخطاب الرئيس الأميركي دونالد ترمب الشعبوي، وهو ما عده مراقبون ناقوس خطر يستدعي حماية الحريات الإعلامية في البلاد.

بين السطور: ومن مظاهر العداء للصحفيين المتزايدة في أوروبا ظهور رئيس التشيك ميلوش زيمان في مؤتمر صحفي بسلاح كلاشنيكوف زائف مكتوب عليه "للصحفيين".

وأفادت وكالة تشيكية في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بأن الرئيس أثار غضباً في بلاده بسبب قوله مزحةً مروّعة تسخر من الصحفيين على خلفية مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في تركيا، إذ دعاهم لتناول العشاء في السفارة السعودية.

ووصف زعيم سلوفاكيا السابق روبرت فيكو صحفيات وصحفيين بـ"العاهرات القذرات المعاديات لسلوفاكيا" و"الضباع الأغبياء".

وفي مالطا تراجع مؤشر حرية الصحافة بعد اغتيال الصحفية الاستقصائية دافنه كاروانا غاليزيا.

ما التالي: قال رئيس منظمة مراسلون بلا حدود كريستوف دولوار، عقب إصدار المنظمة تقريرها السنوي، إن "القادة السياسيين الذين يزكّون احتقار الصحافيين (...) يقوّضون مبدأ النقاش العام القائم على الحقائق بدلاً من الدعاية. الطعن في شرعية الصحافة اليوم بمثابة اللعب بنار سياسية خطيرة جداً".

في هذا الصدد تقول الناشطة سلمى عجم، مديرة مجلس جينف للحقوق والعدالة، لـTRT عربي "لا نستطيع القول إنه ليس في أوروبا حرية صحافة، لكن ثمة هجمة تنتقص منها الآن، ودعاية شرسة تصوّر الصحافة بصورة سلبية".

وأضافت "المؤسسات الأوروبية والمجتمع المدني يحاولون التصدي للبروباغندا اليمينية تجاه الصحفيين والحريات عموماً".

TRT عربي
الأكثر تداولاً