إسرائيل تواصل قصف غزة وتشدد عليها الحصار (AA)
تابعنا

استفاق قطاع غزة الخميس على وقع غارات شنتها طائرات حربية إسرائيلية، في ساعة مبكرة على مواقع متفرقة، مبررة عدوانها باستمرار إطلاق "بالونات" تحمل مواد مشتعلة من القطاع، منذ نحو أسبوع، تسببت باندلاع حرائق.

وتزامنت الغارات، مع إصدار الحكومة الإسرائيلية قرارات، بتشديد الحصار على القطاع، حيث منعت إدخال الوقود، وقلصت المساحة المتاحة أمام صيادي الأسماك، وأغلقت المعابر، ليكتمل مشهد مستمر منذ أكثر من 14 عاماً على ملايين الفلسطينيين المحاصرين هناك.

التصعيد والمخاوف الإسرائيلية

وأشارت صحيفة "يدعوت أحرنوت" الإسرائيلية، إلى مخاوف المستوطنين في مستوطنات غلاف غزة من التصعيد، خاصة مع انتشار فيروس كورونا وقرب بدء العام الدراسي.

وقال المستوطنون للصحيفة "إن عدم وجود مخطط حكومي واضح فيما يتعلق بإعادة فتح المدارس يمثل التحدي الأكبر. وأشاروا إلى أن الوضع الأمني مقلق.

وتشكل هذه المخاوف سبباً آخر في التصعيد الأخير، إذ يحاول الاحتلال الإسرائيلي الضغط على غزة لعدم إزعاج المستوطنين، ودفعهم لتمرد جديد ضد الحكومة التي يعتبرونها فشلت في إدارة أزمة كورونا.

من جانب آخر، تحاول إسرائيل الضغط على حماس من أجل إطلاق سراح جنودها الأسرى في غزة، فقد ربط وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس، في تصريح له، الاثنين، "ازدهار" قطاع غزة، بإطلاق حركة حماس سراح 4 إسرائيليين، أسرتهم المقاومة الفلسطينية عام 2014، وتطالب بإطلاق سراح أسرى فلسطينيين مقابلهم.

قصف وعقوبات جماعية

وبينما قال الجيش الإسرائيلي في بيان، إن طائرات حربية وعمودية ودبابات تابعة له، هاجمت عدداً من الأهداف التابعة لحركة حماس في قطاع غزة، قررت إسرائيل، منع إدخال الوقود إلى قطاع غزة.

ولم تكتفِ إسرائيل بالقصف، بل أمر وزير الدفاع بيني غانتس، بتقليص مساحة الصيد من 15 ميل إلى 8 أميال، بشكل فوري وحتى إشعار آخر، حسب "يديعوت أحرنوت".

وقالت نقابة الصيادين الفلسطينيين إن قرار تقليص مساحة الصيد في ساحل غزة دخل حيز التنفيذ صباح الخميس.

وكانت إسرائيل قد قررت الأربعاء، إغلاق معبر كرم أبو سالم، المنفذ التجاري الوحيد لقطاع غزة، مستثنية إدخال "الوقود" والبضائع الإنسانية، رداً على إطلاق البالونات.

وأكد كميل أبو ركن، منسق أعمال الحكومة الإسرائيلية في أراضي الضفة الغربية وغزة، أن إسرائيل قررت "وقف إدخال الوقود الى قطاع غزة بشكل فوري، من الآن وحتى إشعار آخر".

وأضاف أن هذا القرار اتخذ "في ضوء استمرار إطلاق البالونات الحارقة من القطاع باتجاه الأراضي الإسرائيلية".

ولا يستهدف الاحتلال الإسرائيلي المواقع العسكرية بقدر استهدافه لمنازل المواطنين والمدارس والمرافق الصحية، كما هي سياسته دائماً في كل تصعيد، حيث ذكرت وسائل إعلام محلية فلسطينية بأن أكثر من 20 منزلاً قد تضرر في القصف الإسرائيلي غرب مدينة غزة، دون تسجيل إصابات بين المواطنين.

من جانبها، قالت وكالة الأونروا إن مدرسة الشاطئ الابتدائية المشتركة، التابعة لها، قد تضررت جراء غارة إسرائيلية، واستهدف الصاروخ الطابق الثاني من مبنى المدرسة وأحدث أضراراً في الفصول الدراسية.

وأضافت الأونروا، في بيان لها: "على ما يبدو حتى هذه اللحظة، فإن الجسم لم ينفجر. ولم يسمح بدخول أطفال المدرسة وجرى إغلاق المدرسة الآن"، مشيرة إلى أنها تنتظر التقرير لوصف طبيعة الضرر "والجسم غير المنفجر".

وتقع المدرسة المستهدفة في مجمع مدارس، وتعتبر مكتظة بمئات الطلاب، فيما يزيد عدد الطلاب في الفصل الواحد عن 40 طالباً.

وقال إياد البُزُم المتحدث باسم وزارة الداخلية في غزة إنه: جرى إخلاء المدرسة من الطلبة، في حين تعمل فرق شرطة هندسة المتفجرات على إزالة مخلفات الصاروخ، واستبعاد الخطر الناجم عنه".

تبعات منع الوقود.. غزة مُظلمة ومصائب أخرى

ومن المعروف أن القطاع الساحلي في غزة يعتمد على إسرائيل في الحصول على معظم احتياجاته من الوقود.

وبينما يحصل الفلسطينيون في غزة حالياً على الكهرباء لمدة ست ساعات يعقبها انقطاع التيار لمدة عشر ساعات، وسيضاعف منع إدخال إسرائيل للوقود عدد ساعات انقطاع التيار الكهربائي.

وقال محمد ثابت المسؤول بشركة توزيع الكهرباء الرئيسية في غزة لرويترز، إن وقف واردات الوقود يمكن أن يتسبب في توقف محطة الكهرباء الوحيدة في القطاع ويؤدي إلى زيادة ساعات انقطاع التيار عن المنازل والأعمال.

%30 من سكان غزة محرومون من حقهم في المياه نتيجة انقطاع الكهرباء المستمر.

المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان

وأفاد تقرير لـ"المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان"، أن أزمة الكهرباء في قطاع غزة تعود إلى بدء الحصار في عام 2006، عندما قصفت القوات الإسرائيلية المحولات الستة الرئيسية في محطة الطاقة الوحيدة. وعلى الرغم من الإصلاح الجزئي للمحطة، إلا أن هناك نقصاً في الوقود اللازم لتشغيلها ما يتسبب في عجز كبير في إمدادات الطاقة الكهربائية، إذ تصل ساعات انقطاع التيار الكهربي إلى 16 ساعة في اليوم.

ويؤثر انقطاع الوقود على الكثير من مناحي الحياة في غزة، كالمشافي والمياه والتلوث، إذ "أجبرت أزمة الكهرباء المستشفيات على تأجيل العمليات الجراحية غير الطارئة، وبالتالي زادت فترة الانتظار المقدرة بـ16 شهراً بحلول بداية عام 2020، مقارنة بـ 3 أشهر في عام 2005"، حسب التقرير.

وأضاف: " 100 مليون لتر من مياه الصرف الملوثة (غير المعالجة) يجري ضخها يومياً في البحر الأبيض المتوسط بسبب نقص الطاقة، ما يتسبب في تلوث الشواطئ".

البالونات.. رسائل الفلسطينيين لفك الحصار

ويطلق الفلسطينيون البالونات الحارقة من قطاع غزة، لإجبار إسرائيل على تخفيف الحصار، فبعد شهور من التوقف، استأنفت "مجموعات شبابية"، الأسبوع الماضي، إطلاق بالونات تحمل مواد حارقة أو متفجّرة، وهو ما يتسبب باندلاع حرائق في الأراضي الزراعية الواقعة في الجانب الإسرائيلي من الحدود.

وقال الفلسطينيون إنهم يستخدمون هذه الأساليب بهدف دفع إسرائيل إلى تخفيف الحصار عن قطاع غزة المفروض منذ عام 2007، والذي تسبب في تردي الأوضاع المعيشية للسكان.

وشرع الفلسطينيون باستخدام هذه البالونات، في مايو/أيار لعام 2018، كإحدى الوسائل المرافقة لمسيرات العودة، التي انطلقت في مارس/آذار من العام ذاته، رفضاً للحصار الإسرائيلي.

وتوقف إطلاق البالونات بشكل نسبي، مع تقدّم مفاوضات التهدئة بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، نهاية 2018، بوساطة مصرية وأممية وقطرية، والتي تقضي بتخفيف الحصار عن القطاع، مقابل وقف تلك المسيرات وأدواتها. لكن الحكومة الإسرائيلية، بحسب الفلسطينيين، تُماطل بتنفيذ بنود التفاهمات، ولم تخفف الحصار عن القطاع.

وقال داود شهاب، القيادي في حركة الجهاد الإسلامي، وعضو الهيئة القيادية العُليا لمسيرات العودة وكسر الحصار، إن الهيئة "ليست بالضرورة أن تكون هي من تقرر إطلاق البالونات، فهناك رد فعل عفوي من مجموعات ووحدات العمل الشعبي".

وبيّن شهاب، في حديث لوكالة الأناضول، أن هذا العمل "الشعبي" يأتي "بسبب اعتداءات الاحتلال المتواصلة المتكررة بشكل شبه يومي من إطلاق نار على منازل المواطنين وحقول المزارعين وقوارب الصيد".

وأوضح شهاب أن "استخدام هذه الأدوات الشعبية قد تزداد في الفترة المقبلة، في حال لم يلتزم الاحتلال بوقف العدوان بحق غزة، ولم يبدأ بإجراءات تخفيف الحصار".

هذه الرسائل التي يطلقها الفلسطينيون لإسرائيل عبر البالونات، تفهمها الحكومة الإسرائيلية بشكل جيد، لكنها تتجاهلها وترد بالقصف، إذ قالت "يديعوت أحرنوت" في تقرير لها: "يبدو أن استئناف الفلسطينيين لهذه الممارسة في الأسابيع الأخيرة جاء رداً على رفض قطر مواصلة برنامج المساعدات المالية لغزة وكأداة للضغط على إسرائيل من أجل المزيد من التمويل للقطاع".

سبب إطلاق البالونات هو تشديد الحصار على غزة والظروف القاهرة التي نتجت عنه، وتلكؤ الاحتلال في تنفيذ إجراءات كسر الحصار بذرائع مختلفة، وإغراق البلد في أزمات متلاحقة

عضو الهيئة القيادية العُليا لمسيرات العودة وكسر الحصار - داود شهاب

حماس تحذر من تبعات الحصار

ولا تصغي إسرائيل لرسائل الشعب المحاصر والبالونات التي يطلقها، بل ترد بقصف مواقع تتبع الفصائل الفلسطينية المسلحة، خاصة حركة "حماس".

وبينما لم تعلن حركة حماس، مسؤوليتها عن إطلاق البالونات، قائلة إنها من تنفيذ مجموعات "شبابية"، بهدف الرد على الانتهاكات الإسرائيلية، وإجبار تل أبيب على تخفيف الحصار المفروض على القطاع منذ عام 2007، والذي تسبب في تردي الأوضاع المعيشية للسكان، أصدرت الحركة بياناً حملت فيه الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية عن تبعات التصعيد العسكري على قطاع غزة، وتشديد الحصار عليه.

وقال المتحدث باسم الحركة فوزي برهوم إن التصعيد الإسرائيلي المتواصل على غزة، ومنع وصول الوقود والبضائع، يشكلان سلوكاً عدوانياً خطيراً، وخطوة غير محسوبة العواقب يتحمل الاحتلال نتائجها وتبعاتها، محذراً من أن الحركة لا يمكن أن تقبل باستمرار الوضع على ما هو عليه.

وأضاف "هذه السياسات العدوانية التي تهدف إلى مفاقمة أزمات قطاع غزة، وتعطيل جهود مواجهة فيروس كورونا، في ظل صمت إقليمي ودولي، سيستدعي إعادة رسم معالم المرحلة مجدداً، وتحديد المسار المناسب لكسر هذه المعادلة".

وكان اتفاق لوقف إطلاق النار توسطت فيه مصر وقطر والأمم المتحدة العام الماضي يقضي بأن تسمح إسرائيل بمشروعات تنموية جديدة، تشمل منطقة صناعية ومستشفى، فيما اتهمت حماس إسرائيل بعدم الالتزام بشكل كامل بتلك التفاهمات.

شرطة هندسة المتفجرات في غزة تعمل على إزالة مخلفات صاروخ إسرائيلي استهدف مدرسة تابعة للأونروا (AA)
عائلة فلسطينية في غزة تتناول طعامها في الظلام بسبب انقطاع التيار الكهربائي (AFP)
اندلع حريق بواسطة منطاد ناري أطلق من غزة بالقرب من كيبوتس إيرز (صحيفة يدعوت أحرنوت الإسرائيلية)
TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً