مخاوف فلسطينية من ضمّ الحكومة الإسرائيلية مزيداً من أراضي الضفة الغربية (صحيفة يدعوت أحرنوت الإسرائيلية)
تابعنا

ما إن صدّق الكنيست الإسرائيلي على الحكومة الائتلافية الجديدة برئاسة نتنياهو، لتتمّ بذلك أطول فترة جمود سياسي تشهدها الدولة العبرية، استمرت لنحو عام ونصف، حتى تعهد الأخير أمام البرلمان بالمضي قدماً في مخطَّط ضمّ أجزاء من الضفة الغربية المحتلة، ملوحاً بخطة استيطانية جديدة تنهب ما تبقى من الأراضي الفلسطينية.

نتنياهو الذي أكد أن الحكومة الجديدة ستعمل على تطبيق السيادة الإسرائيلية على مستوطنات الضفة الغربية، قال أمام البرلمان: "حان الوقت لتطبيق القانون الإسرائيلي وكتابة فصل آخر في تاريخ الصهيونية".

وتضرب الحكومة الإسرائيلية الجديدة عُرض الحائط بالأزمة الإقليمية التي قد تواجهها بسبب خطوة ضمّ أجزاء من الضفة الغربية المحتلة، ذلك أن تلك الخطوة تلقى رفضاً فلسطينياً وعربياً ودولياً، لكن المباركة الأمريكية التي حظيت بها الخطة والتي جاءت منذ الإعلان عن صفقة القرن في أواخر يناير/كانون الثاني، تمدّ في طغيان مشروع نتنياهو الجديد.

وأشار منسق السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، إلى أن الخطوة ستستنفد "كل قدراتنا الدبلوماسية"، في محاولة لثني الحكومة الإسرائيلية القادمة عن المضي قدماً في مخططها.

وقال وزير الخارجية الألماني هايكو ماس إن من الواضح أن "الضمّ غير متوافق مع القانون الدولي".

ويبدي القادة العسكريون في إسرائيل ومن بينهم وزير الدفاع في الحكومة المقبلة بيني غانتس ووزير الخارجية غابي أشكنازي، تحفظهم على الخطوة التي يعتقدون أنها ستتسبب في حالة من عدم الاستقرار الإقليمي. وفي خطابه أمام البرلمان الأحد، لم يأتِ غانتس على ذكر خطوة الضم.

مهامّ مختلطة للحكومة الجديدة

ويبدو واضحاً أن مسألة الضم هي الأولوية لدى نتنياهو، على الرغم من أن إسرائيل تعيش أزمات داخلية وخارجية كبيرة، ولدي الحكومة عديد من الملفات التي يجب أن تلتفت إليها، إذ كتبت صحيفة يدعوت أحرنوت الإسرائيلية تقول: "يجب أن يعالج أول ائتلاف مستقر منذ 18 شهراً تداعيات الاضطراب السياسي الدائم وكذلك الوباء العالمي، الذي هو واسع ومتعدد الأوجه وصعب ويؤثر على التعليم والدفاع والصحة والاقتصاد".

وأضافت الصحيفة أنه "على غابي أشكنازي الذي تسلم حقيبة وزارة الخارجية إحياء الوزارة التي تحتضر في أقل من 18 شهراً، وتنمية العلاقات مع القادة في جميع أنحاء العالم والتعامل مع الأزمة بين الحكومة الإسرائيلية والحزب الديمقراطي الأمريكي، والاستعداد لاحتمال فوز نائب الرئيس السابق جو بايدن في الانتخابات الرئاسية الأمريكية".

وتحدثت الصحيفة عن مهمات عديدة للحكومة الجديدة، منها "التعامل مع رغبة نتنياهو في ضم أكبر عدد ممكن من الأراضي في الضفة الغربية"، وهي خطوة رأت أن "من المرجح أن تؤدي إلى مواجهة إسرائيل المباشرة مع المجتمع الدولي والفلسطينيين والعالم العربي".

وتعتبر الصحيفة توسيع علاقات إسرائيل مع الدول العربية من التحديات للحكومة الجديدة، بالإضافة إلى تنمية العلاقات مع بولندا التي قال رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إسحاق شامير عنها إن "البولنديين يمتصون معاداة السامية في حليب أمهاتهم".

أما ملفّ المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي التي قررت التحقيق مع إسرائيل بتهمة ارتكاب جرائم حرب، فهو أولوية أخرى على طاولة الحكومة الجديدة.

رفض فلسطيني للضمّ

ويرفض الفلسطينيون خطوة الضمّ بشكل قاطع، يدعمهم في ذلك القانون الدولي الذي يعتبر المستوطنات غير شرعية. ويعارض الفلسطينيون أيضاً عيش أكثر من 450 ألف إسرائيلي على أراضي الفلسطينيين في مئة مستوطنة في الضفة الغربية التي احتلتها إسرائيل عام 1967، لكن ما حصل خلال العقد الماضي في عهد نتنياهو هو ارتفاع عدد المستوطنين في الضفة بنسبة 50%.

وهدّد الرئيس الفلسطيني الأربعاء مجدداً، بإلغاء الاتفاقيات الموقعة مع إسرائيل والولايات المتحدة.

كما أكد الناطق باسم حركة حماس حازم قاسم في تصريحات لـTRT عربي أن "إعلان نتنياهو تشكيل حكومته الجديدة يشكل خطراً على القضية الفلسطينية، وقد أضاف مجرمي حرب جدداً إلى ائتلافه، والمطلوب توحيد الجهود الفلسطينية والموقف الوطني لمواجهة التحديات".

وقال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية واصل أبو يوسف لـTRT عربي، إنه "في حال إسناد مسألة الضم إلى الحكومة الإسرائيلية الجديدة، فسنتخذ قرار التخلص من كل الاتفاقيات مع الاحتلال والولايات المتحدة الأمريكية، وسنقدّر الوضع بما يتوافق مع تضحيات الشعب الفلسطيني".

ويرى الخبير في الشأن الإسرائيلي عماد أبو عواد في حديث لـTRT عربي، إن "الحكومة الإسرائيلية الجديدة هي حكومة مستقرة، إذ إنها تضمّ أكثر من 70 عضواً في الكنيست، وبالتالي ستكون القضية الفلسطينية تحت المقصلة".

ويضيف: "سيكون غياب للنهج الذي كان يطالب بحل الدولتين ويرفض الضم وكان يرى خطورة في وجود الدولة الواحدة، لأن الكل الصهيوني الآن عينه على الضم".

من جانبه يشير الباحث في الشؤون الإسرائيلية أنس أبو عرقوب لـTRT عربي، إلى أن بنيامين نتنياهو يقوده ائتلاف مكون من معظم الأحزاب الإسرائيلية، من ضمنها حزب العمل الإسرائيلي الذي كان ينادي بحل الدولتين، إلى أقصى اليمين والأحزاب المتطرفة.

ويضيف: "الأصوات التي تحذر من عواقب خطوة الضم خافتة جداً، لذلك كل تشير المؤشرات إلى أن نتنياهو وشريكه غانتس ماضيان نحو الضم غير مكترثين لعواقب الخطوة"، منوهاً بأن "نتنياهو نجح خلال العقد المنصرم في تغيير الوقائع على الأرض، حتى باتت مسألة حل الدولتين كأنها مسبة يخشى أي سياسي إسرائيلي الحديث بها".

ويرى الباحث السياسي أن "إسرائيل تحاول ترويح أن المفاوضات مع الفلسطينيين ليست مدخلاً آمناً، وتسعى لتعزيز العلاقات مع الدول العربية وإظهارها قدر الإمكان إلى العلن لممارسة قدر من الضغط على الفلسطينيين وإظهارهم بمظهر المعزول".

أما الشارع الفلسطيني فقد رأى في استطلاع أجرته TRT عربي مع عدة مواطنين فلسطينيين في قطاع غزة، أن رئاسة بنيامين نتنياهو للحكومة الجديدة لن تقدّم أو تؤخّر أي شيء، مؤكدين أن الحكومات الإسرائيلية السابقة سواء كانت من اليمين أو اليسار، هي ضدّ القضية الفلسطينية.

ويرى آخرون أنه لا رهان على الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، لأن إسرائيل تبقى عدو الفلسطينيين.

وقال آخر إنه لا يتوقع من نتنياهو أي شيء جديد، فهو ماضٍ في سياسته القديمة الجديدة التي تنفّذ القتل والتشريد والهدم والحصار ومصادرة الأراضي.

ويعتبر الفلسطينيون أن ترؤّس نتنياهو الحكومة الجديدة ما هو إلا سلم لهروبه من قضايا الفساد التي تلاحقه في المحاكم الإسرائيلية، وفرصة أخرى لارتكاب جرائم أخرى بحق المجتمع الفلسطيني.

الضم.. قتل للسلام مع الأردن

ولا يقتصر تأثير ضم أراضي الضفة الغربية على الفلسطينيين، بل يتعداه إلى الأردن، البلد الذي تشكّل حدوده الجانب الشرقي للأراضي الفلسطينية، إذ أكد العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني في لقاء مع صحيفة دير شبيغل الألمانية أن الضم سيؤدي إلى صراع واسع، وقال: "إذا ضمت إسرائيل الضفة الغربية بالفعل في يوليو/تموز، فسيؤدي ذلك إلى صراع واسع النطاق مع المملكة الأردنية الهاشمية".

وفي مقال للكاتب الإسرائيلي عموس هاريل في صحيفة هآرتس الإسرائيلية بعنوان "الضم يمكن أن يقتل صفقة السلام الأردنية"، عبّر الكاتب عن قلقه من تصريحات الملك عبد الله الثاني بأن الأردن "يدرس كل الخيارات" للردّ إذا ضمت إسرائيل جزءاً من الضفة الغربية.

ويقول الكاتب: "يعتقد الخبراء في مؤسسة الدفاع أن الضغوط المحلية قد تدفع الملك إلى إلغاء معاهدة السلام مع إسرائيل، وذلك لأن العائلة المالكة تخشى من مظاهرات ضدّ الملك في جميع أنحاء الأردن".

وحصلت الحكومة الإسرائيلية الجديدة برئاسة بنيامين نتنياهو عصر الأحد على ثقة الكنيست بأغلبية 73 صوتاً، فيما حجب الثقة عنها 46 عضو كنيست.

وبموجب الاتفاق تستمر حكومة الوحدة لمدة ثلاث سنوات، بحيث يقتسم نتنياهو، الذي يحكم منذ 2009، وغانتس، رئاسة الوزراء مناصفة، يبدؤها الأول لمدة ثمانية عشر شهراً.

وبعدها يتخلى نتنياهو، الذي يواجه تهماً بالفساد وتبدأ أولى جلسات محاكمته في 24 مايو/أيار، عن المنصب لصالح خصمه السابق بيني غانتس. وعليه، سيكون غانتس رئيساً بديلاً للوزراء، وهو منصب جديد في السياسة الإسرائيلية.

العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني خلال جولة في الباقورة التي كانت مؤجرة من قبل إسرائيل (صحيفة هآرتس الإسرائيلية)
TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً