نتنياهو وغانتس اتفقا على طرح قانون لضم مستوطنات الضفة الغربية وغور الأردن بداية شهر يوليو/تموز المقبل (صحيفة هآرتس)
تابعنا

بعد مخاض عسير، وانتخابات ثلاثة متتالية قامت حملاتها الانتخابية في جُلّها على التحريض ضد العرب والفلسطينيين، وإطلاق وعود بالمزيد من التوسع الاحتلالي في أراضي الضفة الغربية والقدس المحتلة، شُكّلت مؤخراً حكومة ائتلافية في إسرائيل، قطباها حزب الليكود الذي يتزعمه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وزعيم حزب أزرق-أبيض بيني غانتس الذي وجد نفسه مضطراً إلى الائتلاف مع نتنياهو بعد معارك انتخابية حامية الوطيس كان هدفها، كما كان يقول غانتس سابقاً "إزاحة نتنياهو عن الحكم".

الحكومة الائتلافية وما تقوم عليه من تقاسم للسلطات بين الحزبين، ووجهت بانتقادات لاذعة من قبل زعماء الأحزاب الإسرائيلية، فغانتس الذي اتحد مع نتنياهو اضطر إلى تفكيك تحالف أزرق-أبيض والنأي جانباً بحزبه تاركاً شريكه يائير لبيد في صفوف المعارضة، وهو ما أثار غضباً عارماً وجدلاً واسعاً في إسرائيل، إذ وصف حزب ميرتس اليساري الائتلاف الجديد بالقول "ليس حكومة وحدة أو طوارئ، بل حكومة فساد"، في حين اعتبرها أقطاب حزب العمل اليساري "حكومة ضم فاسدة".

والضم الذي تحدث عنه حزب العمل، هو ضم مستوطنات الضفة الغربية ومنطقة غور الأردن للسيادة الإسرائيلية، إذ اشتمل الاتفاق بين الحزبين على أن يعرض مشروع قانون "الضم" على الكنيست للتصويت عليه بداية شهر يوليو/تموز المقبل.

تنديد فلسطيني

تعليقاً على إعلان تشكيل الحكومة المذكورة، قال رئيس القائمة المشتركة أيمن عودة في تغريدة على حسابه في تويتر إن "حكومة الاستسلام التي يشكلها غانتس ونتنياهو صفعة على وجه الأغلبية المدنية التي خرجت مرة تلو الأخرى لصناديق الاقتراع للإطاحة بنتنياهو".

وأضاف "لم يكن غانتس، شجاعاً بما يكفي لينتصر واختار التجهيز للضم والعنصرية والفساد".

من جانبها، وصفت عايدة توما سليمان النائبة العربية بالكنيست عن "القائمة المشتركة" في تغريدة على تويتر حكومة نتنياهو- غانتس بـ"حكومة اليمين الخطيرة".

وأضافت أن "غانتس دخل العملية السياسية ليحل محل نتنياهو والآن يدعمه ونهجه العنصري والمعادي للديمقراطية".

وتابعت: "سنناضل ونقود المعارضة ضد حكومة الضم ورأس المال هذه، في وقت الكورونا وما بعده".

بدوره، قال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، صائب عريقات، إن أي ائتلاف إسرائيلي حكومي قائم على ضم الأراضي الفلسطينية يهدد الأمن والسلام في الشرق الأوسط.

وأوضح عريقات أن "أي ائتلاف حكومي إسرائيلي يقوم على ضم المزيد من أرض فلسطين المحتلة، لن يشكل تهديداً صريحاً للنظام الدولي القائم على قواعد القانون الدولي فحسب، ولكن من شأنه أن يهدد السلام والأمن والاستقرار في الشرق الأوسط كله أيضاً".

وأضاف: "سيكون أمام الحكومة الإسرائيلية المقبلة خياران؛ إما فتح الآفاق لإطلاق عملية سلام ذات مغزى، أو العمل على المزيد من تعريض السلام للخطر، ومواصلة عمليات الضم ونهب الأرض وتوسيع الاستيطان".

خرق القانون الدولي

إلى جانب الرفض الإسرائيلي والفلسطيني لما قامت عليه حكومة الوحدة التي تذرع طرفاها بأنهما دُفعا دفعاً إلى تشكيلها بسبب جائحة كورونا، مشيرين إلى أنّها حكومة طوارئ سيترأسها نتنياهو لمدة 18 شهراً ثم يليه بيني غانتس ليكمل السنوات الأربع، أثارت الاتفاقيات أيضاً جدلاً واسعاً على الساحة الدولية، ووجهت بانتقادات حادة.

وحذرت الأمم المتحدة من أن أي ضم محتمل لأراضٍ فلسطينية إلى إسرائيل سيكون "ضربة مدمرة" لمبدأ حل الدولتين.

وقال منسق الأمم المتحدة الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط نيكولاي ميلادينوف، إن هذه الخطة "تشكل خرقاً سافراً للقانون الدولي، وضربة مدمرة لمبدأ حل الدولتين (الإسرائيلية والفلسطينية)".

من جانبه، حذّر الاتحاد الأوروبي إسرائيل من مساعيها لضم أراض من الضفة الغربية، واصفاً الأمر بأنه انتهاك للقوانين الدولية، وجاء ذلك في أعقاب نشر تفاصيل الاتفاق بين نتنياهو وغانتس.

وشدد الممثل الأعلى للأمن والسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل على أن موقف الاتحاد الأوروبي من سياسة الاستيطان التي تتبعها إسرائيل في الأراضي الفلسطينية التي احتلتها عام 1967، "واضح ولم يتغير".

وقال إن الاتحاد الأوروبي لا يعترف بسيادة إسرائيل على الضفة الغربية بموجب قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، مشيراً إلى أن جهود إسرائيل لضم المزيد من الأراضي يعتبر انتهاكاً للقانون الدولي.

ضم أراضي الفلسطنيين.. مزاعم الديمقراطية

يقول حاجاي إلعاد، وهو ناشط إسرائيلي في حقوق الإنسان والمدير العام لمنظمة "بيتسليم" اليسارية الحقوقية في مقال نشرته صحيفة "هآرتس" تحت عنوان "الديمقراطية والضم لا يسيران في خط واحد"، إن ما تفعله إسرائيل خارج الخط الأخضر ليس ديمقراطياً، للفلسطينيين لا توجد أي حقوق سياسية ولا يشاركون في أي مسار ديمقراطي، كل مناحي حياتهم تدار عبر منظومة إسرائيلية لا أحد يمثلهم داخلها، لذلك لا توجد أي مصداقية للحديث عن الديمقراطية خلال تشكيل الحكومة الجديدة.

ويضيف "حزب أرزق-أبيض يدعي أنه شارك في الحكومة من أجل المحافظة على الديمقراطية وسلطة القانون، كيف يمكنهم تبرير ذلك؟ يبدو أنهم يفكرون فقط في ملفات الاتهام ضد نتنياهو، لا يفكرون في مصير الآلاف من الفلسطينيين الذين أطلقت عليهم النار الحية".

ويشير إلى أن قرار حزب أزرق-أبيض المشاركة في حكومة جنباً إلى جنب مع نتنياهو، هو قبول بالتالي بضم أراض من الضفة الغربية لإسرائيل، وهو قرار لا يُستفتى فيه الشعب الفلسطيني بصورة ديمقراطية أيضاً، ولذلك فإن الحديث عن الديمقراطية "مبالغ فيه".

الديمقراطية والاستيطان لا يلتقيان 

تقول زعيم حزب "ميرتس" اليساري الإسرائيلي زهافا غيلؤون في مقال إن "قرار بيني غانتس الدخول في ائتلاف مع نتنياهو يعني بالضرورة المصادقة على قرار الضم وإضعاف القضاء الذي من شأنه أن يبطل مثل هذا القرار".

وتضيف في المقال الذي جاء تحت عنوان "من يظن أن الضم سيمضي ونحن ساكتون، فليُعد التفكير مرّة أخرى" بأن تشكيل حكومة وحدة مع نتنياهو يعني أيضاً الموافقة على مساعيه إلى إضعاف محكمة العدل العليا من أجل تنفيذ مشاريعه، هذا قرار يخدم نتنياهو بالأساس ومن شأنه أن يمنع إضفاء أي رقابة قضائية على قرار ضم غور الأردن ومستوطنات الضفة الغربية".

وتشير غيلؤون إلى أن "نتنياهو يحكم إسرائيل منذ عشر سنوات ولم يطرح قضية ضم أراض في الضفة الغربية، فما الذي تغيّر؟ لقد تغيّر أمران وهما وجود دونالد ترمب في سدّة الحكم بالولايات المتحدة الأمريكية من جهة، وحزب أزرق-أبيض في حكومته الائتلافية من جهة أخرى، لقد أعطى أزرق-أبيض لنتنياهو فرصة من الداخل لتنفيذ ما يريد".

ولدى حديثها عن "الديمقراطية" التي لطالما تحدث غانتس عنها، قالت زعيمة حزب ميرتس "السلطات الإسرائيلية في الضفة الغربية تُفرّق بين دم وآخر، الفلسطينيون لا يمتلكون أي حق في اختيار من يكذب عليهم في الانتخابات مثلنا، فقد يسمح بإفقارهم واعتقال أبنائهم وسجنهم بدون محاكمات وتمديد فترة الاعتقال سنوات عدة والاعتداء كذلك على أرضهم والدخول لمنازلهم عنوة تحت جنح الظلام حتى بدون إذن قضائي".

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً