حملات التضامن مع الأقلية المسلمة في الصين انتشرت في دول مختلفة  (AFP)
تابعنا

معسكرات خارج إطار القانون بحجة "مكافحة الإرهاب"، ومعتقلات يقبع فيها الملايين من مسلمي الأويغور في إقليم تركستان الشرقية الذين يتعرضون لحملة قمع شرسة من السلطات الصينة التي تسعى إلى إجبارهم على الانسلاخ عن هويتهم وتمارس التمييز العنصري ضدهم، وبين فترة وأخرى تظهر جرائم بشعة للعالم تثير تعاطفه مع هذه الأقلية المضطهدة ليصمت بعدها مجدداً.

وعلى الرغم من تزايد التقارير التي تدين الانتهاكات المرتكبة في الصين ضد الأويغور، فإن الدول الإسلامية والأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي تلتزم الصمت، باستثناء بعض الدول التي تسعى جاهدة لنصرتهم، من بينها تركيا التي تشهد حراكاً رسمياً وشعبياً واسعاً تضامناً معهم.

في المقابل، شهدت العديد من الولايات التركية مظاهرات منددة بانتهاكات الصين ضد مسلمي الأويغور، وخرج آلاف المتظاهرين في ولايات كوتاهية وصامسون وطوقات وباليكسير وبورصة، نددوا بتلك الانتهاكات.

وأثار تضامن لاعب الكرة التركي مسعود أوزيل مع الأويغور جدلاً كبيراً، إذ انتقد على صفحته في تويتر تعامل الصين مع الأقليات المسلمة وعدم تحرك الدول الإسلامية للدفاع عنهم في وجه الانتهاكات التي يتعرضون لها، لترد عليه شركة "نت إيز" الصينية المدرجة في أسواق الأسهم في الولايات المتحدة، بحذفه من نسخة الهواتف النقالة من لعبة كرة قدم إلكترونية في البلاد.

من جانبه، أعرب المغني السويدي من أصل لبناني ماهر زين، عن تضامنه مع اللاعب الألماني من أصل تركي مسعود أوزيل في دفاعه عن مسلمي الأويغور ضد الانتهاكات الصينية التي ترتكب بحقهم.

وقال في منشور على حسابه الشخصي بموقع فيسبوك: "يتطلب الأمر الكثير من الشجاعة لكي يتحدث أحد المشاهير عن الأعمال الوحشية التي يواجهها إخواننا وأخواتنا الأويغور في الصين، كما فعل مسعود أوزيل. شكراً لك يا أخي على الوقوف في وجه الظلم!".

غسيل أدمغة

تقوم الصين بالعديد من الانتهاكات، في ظل التواصل المقطوع بين بكين والعالم الخارجي بخاصة في تركستان الشرقية، ما يعني أن الصين تعزل الإقليم المسلم عن العالم، حسب ما صرح به سراج الدين عزيزي رئيس وقف الأويغور للبحث العلمي والثقافي لـTRT عربي.

ويتحدث عزيزي عن وجود ما بين 3 و5 ملايين معتقل مسلم في معسكرات اعتقال يزيد عددها عن ألف معسكر حسب ما توثقه التقارير، فيما يستوعب كل معسكر من 6 إلى 10 آلاف معتقل.

ويضيف: "تدّعي الصين أن المعسكرات للتعليم المهني، لكن في الواقع يقومون بغسيل دماغ المعتقل ويُجبرونه على أكل لحم الخنزير وشرب الكحول والرقص والاختلاط بين الرجال والنساء في الزنزانة الواحدة، ذلك أن الصين تريد من الأويغور أن يصبحوا بلا ثقافة ولا دين ولا أخلاق".

ويشير عزيزي إلى صعوبة التحرك في الإقليم، فيوجد منع تام للتحرك بين المدن والأحياء، ومن يُرِد التحرك يحتَجْ إلى إذن رسمي.

حملات تضامن شعبية
وأطلق نشطاء على مواقع التواصل الاجتماع مؤخراً، عدداً من الوسوم للتضامن مع المسلمين الأويغور المضطهدين في الصين، مثل " #china_is_terrorist" و "#westandwithuyghur".
وشارك الآلاف في هذه الحملة، وغرّدوا على مواقع التواصل دعماً للأقلية المسلمة، كما قاموا بتغيير صورهم الشخصية التي صارت تحمل صورة لعلم تركستان الشرقية، كما انطلقت وسوم تدعو إلى مقاطعة الصين رداً على هذه الانتهاكات.

حقائق مُفزعة

ترصد منظمات حقوق الإنسان انتهاكات مستمرة بحق أقلية الأويغور، وسبق أن أعربت الأمم المتحدة أكثر من مرة عن قلقها بعد ورود تقارير عن اعتقالات جماعية للأويغور، ودعت لإطلاق سراح أولئك المحتجزين في المعسكرات، إلا أن الصين كانت تنفي الأمر وتعترف باحتجاز "بعض المتشددين دينياً".

نشعر بالقلق إزاء تقارير عن تحول منطقة الأويغور ذات الحكم الذاتي إلى معسكر اعتقال هائل.

عضو لجنة الأمم المتحدة للقضاء على التمييز العنصري - غاي مكدوغال

وفي 17 نوفمبر/تشرني الثاني الماضي، نشرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية تقريراً كشف وثائق حكومية صينية مسربة احتوت تفاصيل قمع بكين لمليون مسلم من الأويغور ومسلمين آخرين في معسكرات اعتقال إقليم تركستان الشرقية.

وتحت عنوان "بلا رحمة مطلقاً" كشفت الصحيفة فظائع الحملة الأمنية الصينية بحق الأقلية المسلمة في إقليم شينغيانغ الصيني، كما ذكرت الوثائق أوامر الرئيس الصيني للمسؤولين، بالتخلي عن أي رحمة وإنشاء معسكرات تدريب لوقف النزعات الانفصالية ومجابهة ما أسماه بـ"التطرف الإسلامي".

وفي تلك الفترة وثق ناشطون من الأويغور إقامة نحو 500 معسكر يتعرض المسلمون فيها للتعذيب وضغوطات للتخلي عن ثقافتهم.

وفي عام 2009 لقي نحو 200 شخص حتفهم في أحداث عنف وقعت في عاصمة الإقليم أورومكي.

ولا يتوقف الأمر عند الاعتقال والتعذيب، بل يعاني الأويغور من التمييز العنصري، إذ تقوم الحكومة الصينية بمصادرة مزارعهم.

وفي عام 2017 تحولت الإجراءات الصينية بحق الأويغور إلى قوانين، وأصبح لزاماً على الموظفين في الأماكن العامة منع النساء اللائي يغطين أجسامهن كاملة، بما في ذلك وجوههن، من الدخول، وإبلاغ الشرطة عنهن، كما أمرت السلطات الصينية هذه الأقلية بتسليم جميع المصاحف وسجاجيد الصلاة أو غيرها من المتعلقات الدينية، وهددتهم بالعقوبة، وفق ما نقلته صحيفة الإندبندنت البريطانية.

مرحبآ بكم ان تعاطفنا مع مسلمى الايغور ما هو الا اضعف الايمان لمحاولة مساعدتهم بدلا من الوقوف صامتين.. انشر القضية عندك و فعل الهاشتاج #WeStandWithUyghur ليصل صوتنا لكل العالم

Posted by We Stand With Uyghur on Sunday, 22 December 2019

وتعود أصول الأويغور المسلمين إلى الشعوب التركية (التركستان)، ويعدون أنفسهم أقرب عرقياً وثقافياً إلى أمم آسيا الوسطى، ويشكلون نحو 45% من سكان شينغيانغ، في حين تبلغ نسبة الصينيين من عرقية الهان نحو 40%.

وأعلن الأويغور لفترة وجيزة الاستقلال في أوائل القرن العشرين، لكن المنطقة خضعت بالكامل لسيطرة الصين الشيوعية عام 1949، ثم انتقل عدد كبير من عرقية الهان الصينية إلى الإقليم.

وتسيطر الصين على إقليم تركستان الشرقية منذ عام 1949، وهو موطن أقلية الأويغور التركية المسلمة، وتطلق عليه اسم "شينغيانغ"، أي "الحدود الجديدة"، فيما نشرت بكين قوات من الجيش في الإقليم، بخاصة بعد ارتفاع حدة التوتر بين قوميتَي "الهان" و"الأويغور"، لا سيما في مدن أورومتشي وكاشغر وختن وطورفان، التي يشكل الأويغور غالبية سكانها.

TRT عربي
الأكثر تداولاً