رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يجهز خرائط جديدة لضم المستوطنات والأغوار وشمال البحر الميت إلى إسرائيل (AFP)
تابعنا

بعد مرور أيام على إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترمب خطة السلام في الشرق الأوسط المعروفة باسم "صفقة القرن"، بدأ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تحضير خرائط ورسمها لضمّ المستوطنات والأغوار وشمال البحر الميت، بالتنسيق مع الإدارة الأمريكية.

وقال نتنياهو في خطاب انتخابي: "نحن بالفعل بصدد رسم خرائط للأراضي، وستكون وفقاً لخطة ترمب جزءاً من دولة إسرائيل، وهي نحو 800 كيلومتر من المنطقة الحدودية. لن يستغرق وقتاً طويلاً".

ولا يكترث نتنياهو بامتثال الفلسطينيين للخطة من عدمه، معوّلاً على الدعم الأمريكي لتطبيق القانون الإسرائيلي في غور الأردن والبحر الميت الشمالي وجميع المستوطنات في الضفة الغربية دون استثناء، حسب تعبيره.

وفي أول ردّ فعل فلسطيني على هذه الخطوة، قال نبيل أبو ردينة الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية، إن "الخارطة التي نعرفها هي خارطة دولة فلسطين على حدود الرابع من حزيران عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، ولن نتعامل مع خرائط غيرها".

خارطة فلسطين على حدود الرابع من يونيو/حزيران عام 1967 هي التي تحقق الأمن والسلام في المنطقة والعالم، وأي خرائط أخرى هي استمرار للاحتلال

نبيل أبو ردينة - الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية

مكاسب انتخابية

يأتي هذا الإعلان قبل أسابيع قليلة من الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية الثالثة التي ستجري في 2 مارس/آذار المقبل، الأمر الذي أعاد ما أثير سابقاً من محاولات نتنياهو المتكررة للاستفادة من صفقة القرن وسعيه جاهداً لتطبيقها قبل الانتخابات من أجل الفوز.

هذا الأمر تحدثت عنه أيضاً صحيفة يديعوت أحرونوتالإسرائيلية، التي ربطت في تقرير لها بين اقتراب موعد الانتخابات وإعلانه عن الخارطة بدء رسم الخارطة الجديدة من أجل الضمّ، أمام حشد الحملة الانتخابية في مستوطنة معاليه أدوميم.

وقالت الصحيفة إن "المستوطنين يشكّلون جزءاً من قاعدة الناخبين اليمينيين لنتنياهو، ويرى كثير من أعضاء حكومته الائتلافية أن الضفة الغربية هي معقل التوراة للشعب اليهودي".

يعتبر معظم الدول أن المستوطنات الإسرائيلية على الأراضي المستولَى عليها في الحرب تشكّل انتهاكاً للقانون الدولي. لقد غيّر ترمب سياسة الولايات المتحدة لسحب هذه الاعتراضات.

وتشير الصحيفة إلى أن الخارطة والمستوطنات تجعل دولة المستقبل غير قابلة للحياة، وعلى الرغم من أن خطة ترمب تقترح حلّ الدولتين، فإنها تتضمن شروطاً صارمة يرفضها الفلسطينيون، فيما تعطي إسرائيل كثيراً مِما سعَت إليه منذ فترة طويلة، بما في ذلك اعتراف الولايات المتحدة بالمستوطنات والسيادة الإسرائيلية على غور الأردن.

تناقُض بين الخارطة والخطة

وعلى الرغم من مآرب نتنياهو القديمة التي تقف وراء استعجاله برسم الخرائط وبدء الضمّ، فإن داخل إسرائيل آراء أخرى ترى أن "الخطة تشكّل خطراً على المصالح الإسرائيلية بقدر ما تشكّل خطراً على الفلسطينيين الذين سيُترَكون في جيب صغير منعزل عن العالَم، ثم تأتي توقعات بتحقيق السلام والازدهار، حسب مقال بعنوان "خطة ترمب لدولة فلسطينية فاشلة" في صحيفة يديعوت أحرونوت.

وقال كاتب المقال سيفر بوكر، إن "الخريطة تُظهِر إسرائيل الكبرى الممتدة من البحر الأبيض المتوسط ​​إلى نهر الأردن، مع جيب فلسطيني صغير في الضفة الغربية معزول عن بقية العالَم وتحيط به دولة إسرائيل من جميع الجهات، لن يكون له جيش أو سيطرة على حدوده أو مجاله الجوي، ويُظهِر هذا الأمر تناقضاً تامّاً لصياغة خطة السلام المقترحة، إذ لن تكون تجارة واستثمارات مفتوحة".

ويفصّل الكاتب الخارطة قائلاً: "سيُقطَع التواصل الإقليمي للدولة الفلسطينية من خلال عشرات المستوطنات الإسرائيلية، ومن أجل ضمان حرية الحركة لما يُقدَّر بنحو 4 ملايين نسمة ستستقرّ على مساحة 5000 كيلومتر مربَّع، فإنها ستتطلب بناء ما لا يقل عن عشرات الأنفاق والجسور، تسيطر عليها إسرائيل".

وأضاف: "أمر مضلّل أن يُقال إن مثل هذه المنطقة سيكون لها اقتصاد مزدهر يجذب عشرات المليارات من الدولارات من الاستثمارات الأجنبية".

ويتساءل الكاتب عمَّا إذا كان الإسرائيليون سعداء بهذه الخريطة، منتقداً تصديق المسؤولين في إسرائيل فكرة أن يخدم وجود دولة فلسطينية بداخل دولة إسرائيلية المصالح الاستراتيجية الوطنية لإسرائيل.

تقترح الخريطة التي أصدرها البيت الأبيض حلّاً سيّئًا لإسرائيل كما هو الحال للفلسطينيين؛ سيصبح الجيب الفلسطيني جزيرة فقاعية من العداء والمقاومة، ورماً عنيفاً من شأنه أن يهاجم ويُضعِف إسرائيل

سيفر بوكر - كاتب إسرائيلي في صحيفة يديعوت أحرونوت

ورأي الكاتب أن إسرائيل ستقع في خطأ استراتيجي من خلال تبنِّي هذه الخريطة المقترحة، لأنه بفصل الأردن عن المناطق الفلسطينية، ستفقد إسرائيل تأثير عمان المهدئ للفلسطينيين وسيُترَك لأجهزتها الخاصة توفير الأمن من وإلى الجيب الفلسطيني.

وأضاف: "ليس الضمّ المخطَّط للمستوطنات هو ما ينبغي أن يُقلِق الإسرائيليين، بل نسخة ترمب من السلام والازدهار على النحو المنصوص عليه في خطته".

TRT عربي
الأكثر تداولاً