من المقرر أن يبدأ الاحتلال الإسرائيلي بتنفيذ خطة الضم في مطلع يوليو/حزيران المقبل (صحيفة يدعوت أحرنوت الإسرائيلية)
تابعنا

مع اقتراب موعد تنفيذ الاحتلال الإسرائيلي خطة ضم المستوطنات وأراضٍ من الضفة الغربية، تتزايد المخاوف الاسرائيلية من القطيعة الدولية، بعد تهديد دول أوروبية بفرض عقوبات عليها في حال نفذت الخطة التي أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بدء العمل بها في الأول من يوليو/ تموز المقبل.

وتسعى الحكومة الإسرائيلية لمواجهة ما يترتب على تنفيذ خطة الضم من عقوبات ومحاكمات في "الجنايات الدولية"، عن طريق الدعم الأمريكي لها، والمصالح المتبادلة بين نتنياهو والرئيس الأمريكي دونالد ترمب المقبل على انتخابات يحتاج فيها دعم اللوبي اليهودي.

ويعتقد محللون أن تنفيذ الخطة قد يتأخر إلى ما بعد يوليو/تموز لأسباب داخلية وخارجية، في حين تشير التقديرات الإسرائيلية إلى وجود تداعيات سلبية للضم على إسرائيل، في الوقت الذي تملك فيه السلطة الفلسطينية بعض أوراق الضغط التي من شأنها أن تخرب مشروع نتنياهو، وخاصة الورقة القانونية التي تسعى من خلالها إلى إيقاف التوغل الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية.

وبالإضافة إلى الخطوات السياسية التي بدأت السلطة بتنفيذها استباقاً لخطة الضم في الشهر المقبل، يرفض الشارع الفلسطيني الخطة، وينذر رفضه باحتمال خروج الأمور عن السيطرة، وهو ما تتخوفه إسرائيل.

وقال نائب رئيس حركة "فتح" محمود العالول لـTRT عربي: إن "هناك عملاً سياسياً واسعاً لمقاومة خطة الضم، بالإضافة إلى تطوير العمل الميداني".

وأضاف: "واثقون من قدرتنا على الصمود وإفشال مخططات الاحتلال الإسرائيلي".

أسباب قد تعرقل الضم

ويرى مراقبون ومحللون أن تأخر الضم قد يأتي لأسباب معروفة، كوقف السلطة الفلسطينية للتنسيق الأمني والخشية من عودة عمليات المقاومة، والضغط الدولي والعقوبات على إسرائيل، بالإضافة إلى عدم قانونية خطة الضم بحسب القانون الدولي.

أما الأسباب الأخرى المتعلقة بالداخل الإسرائيلي، بالإضافة إلى غضب بعض الفئات داخل إسرائيل من الضم، فتؤكدها صحيفة "يدعوت أحرنوت" الإسرائيلية، وتقول: إن "اليمين الإسرائيلي هو المسؤول عن تأخير الضم"، وإن "وزراء من حزب الليكود لم يخرجوا بعد لدعم خطة ترمب للسلام، خشية أن تتضمن في أفضل الأحوال تجميد بناء المستوطنات أو في أسوأ الأحوال إقامة دولة فلسطينية".

وأكدت الصحيفة أنه "لا توجد خريطة تحدد حدود ضم إسرائيل لأجزاء من الضفة الغربية، ومن المشكوك فيه أنه حتى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو نفسه على دراية بمثل هذه الخريطة".

وأشارت الصحيفة إلى أن "الخريطة الوحيدة الموجودة هي في خطة ترمب للسلام المعروفة باسم صفقة القرن، وهذه الخريطة في تناقض صارخ مع أي أفكار أثارها اليمين الإسرائيلي في العقود الماضية".

ووضحت الصحيفة أن "اليميني الوحيد الذي وافق على تقسيم الأرض والتخلي بشكل أساسي عن 90% على الأقل من الضفة هو بنيامين نتنياهو"، مشيرة إلى أن ذلك "حدث ذلك في عام 2014، عندما وافقت إسرائيل على المسودة الأولى لخطة قدمتها الولايات المتحدة آنذاك، وكان وقتها وزير الخارجية الأمريكي جون كيري.

وحتى الذين يؤيدون خطوة ضم أجزاء من الضفة الغربية يقولون إنه يجب على إسرائيل أن تأخذ ما هو معروض الآن، وإنه يمكن الاعتماد على الفلسطينيين لرفض خطة ترمب، لذلك فإن خطر قيام دولة فلسطينية لا وجود له، بحسب الصحيفة.

وتلخص الصحيفة التحديات التي ستواجهها إسرائيل في حال تم تنفيذ الخطة قائلة: "سوف يشكل التحرك لضم أجزاء من الضفة الغربية تحديات عديدة لعلاقات إسرائيل مع الأردن، وسيثير رداً أوروبياً مع التهديد بالعقوبات، بالإضافة إلى الموقف الأمريكي الذي لا يزال غير واضح".

هذا الرأي يؤيده المختص في الشأن الإسرائيلي عصمت منصور الذي قال لـTRT عربي: إن "العامل الحاسم في تنفيذ خطة الضم هو الدعم الأمريكي، وفي ظل عدم توفر هذا الدعم، بدأت ترتد حسابات نتنياهو وبدأ ظهور تناقضات في الرؤية الأمريكية الإسرائيلية، وهو ما سيغير شكل الضم وتوقيته وآليته".

من جانب آخر، تقول صحيفة "يدعوت أحرنوت" في تقرير آخر لها، إن المستوطنين انقسموا حول خطة ترمب، لكنهم توحدوا بشأن الضم، ورغم بعض الخلافات في الرأي لرؤساء الحركة الاستيطانية بشأن قضايا تتعلق بإدراج دولة فلسطينية مستقبلية، فإنهم جميعاً تقريباً يتشاركون الرأي القائل إن هذه فرصة ذهبية للمطالبة بأراضي الضفة الغربية ولا ينبغي تفويتها.

لكن البعض يقول إن خريطة الضفة الغربية الموضحة في خطة ترمب تحتوي على مشاكل متعددة، مثل احتمال أن تصبح العديد من المستوطنات جيوباً داخل المناطق الفلسطينية.

وقال يوشاي دامري، رئيس المجلس الإقليمي جبل الخليل، للصحيفة: "بخطة كهذه كيف يمكننا ضمان حياة سكاننا؟".

هذه المخاوف من شأنها أن تؤجل الخطة، أوتدفع إلى العمل على دراستها بشكل أكثر عمقاًً قبل تنفيذها، إذ قال دامري: "نرى عدداً من المشاكل التي يمكن أن تعرض مشروع الاستيطان للخطر على الفور ويجب معالجتها".

على ماذا تعتمد السلطة في رفضها؟

ولم تكن خطوة السلطة الفلسطينية بفك التنسيق الأمني والإعلان أنها في حل من الاتفاقات الأمنية مع إسرائيل والولايات المتحدة، إلا لصحة الخطوة التي قامت بها في القانون الدولي، وحقها في هذا التصرف.

ولا توجد لدى السلطة الفلسطينية أوراق ضغط كبيرة على الاحتلال الإسرائيلي في حال تم تنفيذ خطة الضم، باستثناء حل التنسيق الأمني، وتهديد رئيس الحكومة الفلسطينية محمد اشتية بسحب الاعتراف بإسرائيل.

وفي 19 من مايو/أيار الماضي، أعلن الرئيس محمود عباس أن القيادة الفلسطينية ومنظمة التحرير في حلّ من الاتفاقيات والتفاهمات الموقعة مع إسرائيل، بسبب عزمها ضم أجزاء من الضفة الغربية.

ومع سوء الأوضاع الاقتصادية للسلطة الفلسطينية والتي أجبرتها على تأجيل صرف رواتب موظفيها العموميين عن شهر مايو/أيار الماضي، لم تبق لدى الفلسطينيين سوى ورقة القانون الدولي ومحكمة الجنايات الإسرائيلية.

وفي الواقع، أخلّت إسرائيل بجميع الاتفاقيات الموقّعة معها، وبجميع الالتزامات الدولية، باستهداف القانون الدولي وما يترتب على ذلك من تهديد إقليمي، وهو ما أكدته الخبيرة في الشؤون الدولية سهى حسن الخطيب في حديث لـTRTعربي.

وقالت الخطيب: إن "مصدر ثقة السلطة الفلسطينية يأتي من اتفاقية "فيينا" لقانون المعاهدات، فإسرائيل لديها الكثير من الخروقات وفقاً لتلك الاتفاقية، وتستطيع السلطة بموجبها أن تحل نفسها من هذه المعاهدات وفقاً للقانون الدولي".

ورأت الخطيب أن "هذه الاتفاقيات لا يمكن أن تثني إسرائيل عن خطتها، لأنها تأخذ مصدر قوتها والضوء الأخضر من الولايات المتحدة الأمريكية، وبالأخص دونالد ترمب الذي يساعدها من أجل أن يضمن الفوز بانتخابات أخرى عن طريق اللوبي الصهيوني، أي إن المصالح مشتركة ومتبادلة".

ولا تعتقد الخبيرة في القانون الدولي أن العقوبات الأوروبية ستثني إسرائيل عن خطة الضم، فهي لم تحترم القانون الدولي يوماً، ونتنياهو يتلقى اتصالات يومية لثنيه عن مشروع الضم، ورغم ذلك يتجاهل المجتمع الدولي وبدأ بتحضيراته.

وأضافت: "أي قرار من المجتمع الدولي سيكون لمصلحة إسرائيل".

وعلى الرغم من ذلك، فإن إسرائيل ستكون في مواجهة مع محكمة الجنايات الدولية بعد تنفيذ خطة الضم، وهذا الأمر تعترف به، ويستطيع المتابع للإعلام الإسرائيلي أن يستنبط المخاوف الإسرائيلية من هذه الجزئية، خاصة أنها لن تتمكن وحدها من أن تقاتل محكمة الجنايات الدولية، ويجب أن تساعدها الولايات المتحدة في الأمر، وهو ما بات مفهوماً ويمكن وضعه في كفة توازي كفة رفض المجتمع الدولي للضم، حسب الخطيب.

مشروع الضم ليس جديداً، بل هو مشروع قديم بدأت إسرائيل بتنفيذه منذ عام1967، وما زالت تتوسع حتى اللحظة

الخبيرة في الشؤون الدولية - سهى حسن الخطيب

وتؤكد الخطيب أن "مشروع الضم ليس جديداً، بل هو مشروع قديم بدأت إسرائيل بتنفيذه منذ عام1967، وما تزال تتوسع حتى اللحظة".

وتابعت: "لا يوجد مصدر رسمي يتحدث عن القرى التي تم تداول ضمها بالفعل، والحديث يدور فقط عن قرى على أرض الواقع هي مستقطعة لمصلحة الجانب الإسرائيلي، مثل قرية بيت إكسا وبيت إسكاريا والنبي صموئيل، قضاء القدس".

وكان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قد أعلن في أكثر من مناسبة في الأشهر الأخيرة أن حكومته ستضم غور الأردن وجميع المستوطنات بالضفة الغربية، ومساحات واسعة من الأراضي الفلسطينية في محيطها.

وحدد نتنياهو الأول من يوليو/تموز المقبل موعداً للشروع في عملية الضم، التي يتوقع أن تلتهم نحو 30-33% من أراضي الضفة.

TRT عربي
الأكثر تداولاً