قوات الجنرال المتقاعد خليفة حفتر فشلت حتى الآن في السيطرة على العاصمة الليبية (Reuters)
تابعنا

لا يزال الصراع في ليبيا مستمراً، مع إشارات إلى تقدم قوات حكومة الوفاق المعترف بها دولياً في المعركة الجارية حول العاصمة طرابلس منذ أكثر من شهرين. ويبدو أن قوات الجنرال المتقاعد خليفة حفتر فشلت حتى الآن في السيطرة على العاصمة الليبية، وهو الأمر الذي دفع دولة إقليمية رئيسية داعمة له كمصر إلى التشكيك في إمكانية الحسم العسكري، والمناداة بالعودة إلى الحلّ السياسي.

الوضع الميداني.. تقدّم قوات حكومة الوفاق

شنت قوات حكومة الوفاق الوطني الليبية، الثلاثاء، غارات جوية على تمركزات لقوات حفتر، فيما شهد جنوبي العاصمة طرابلس اشتباكات بأسلحة ثقيلة، حسب وكالة الأناضول.

وتتصدى قوات حكومة الوفاق، منذ 4 أبريل/نيسان الماضي، لهجوم من قوات اللواء المتقاعد خلفية حفتر، يستهدف السيطرة على طرابلس، مقر الحكومة المعترف بها دولياً.

وقال المتحدث باسم قوات الوفاق محمد قنونو، في بيان، إن الطيران الحربي نفذ 6 طلعات جوية، منها أربعة قتالية استهدفت تمركزات لقوات حفتر، وأضاف أن الضربات الجوية استهدفت شحنة للذخائر والعتاد في مهبط غوط الريح بمدينة غريان.

وتمكنت قوات حفتر من دخول أربع مدن رئيسية تشكّل غلاف العاصمة، وهي صبراتة وصرمان وغريان وترهونة، كما توغلت في الضواحي الجنوبية لطرابلس. لكنها تعرضت لانتكاسات عديدة، وتراجعت على أكثر من محور، ولم تتمكن من اختراق الطوق العسكري حول وسط المدينة، الذي يضم المقرات السيادية.

تحوُّل قوات حكومة الوفاق من الدفاع إلى الهجوم على قوات حفتر في الأيام الأخيرة، جاء على ما يبدو نتيجة مباشرة لتغير موازين القوى العسكرية على الأرض عقب إعلان حكومة الوفاق تلقيها دعماً عسكرياً شمل مدرعات وذخيرة وأسلحة نوعية.

وجاء في بيان لحكومة الوفاق، نقلته وكالة الأناضول "استجلبت (الحكومة) إمدادات لقواتها متمثلة في مدرعات وذخائر وأسلحة نوعية، استعداداً لعملية موسعة يتم الإعداد لها للقضاء على قوات حفتر في محيط طرابلس وبسط الأمن في كل ربوع ليبيا".

من جهة أخرى، قال مسؤولون، الثلاثاء، إن إمدادات المياه عادت لسكان طرابلس، بعد يومين من قطع خط الإمداد عن العاصمة الليبية المحاصَرة، الأمر الذي سبب لها عجزاً كان من الممكن أن يؤدي بها إلى أزمة إنسانية.

وأدانت الأمم المتحدة قطع خط إمدادات المياه، فيما اتهمت الحكومة الليبية المعترف بها دولياً قوات حفتر بالوقوف وراء التعطيل.

وألقت حكومة رئيس الوزراء فائز السراج المدعومة من الأمم المتحدة، باللوم على جماعة سبق أن قطعت إمدادات المياه عام 2017، قائلة إن قائد هذه الجماعة، ويُدعى خليفة احنيش، ينتمي إلى قوات حفتر.

في هذا الصدد، قالت الباحثة في شؤون ليبيا في منظمة هيومن رايتس ووتش حنان صلاح إن "القانون الدولي يمنع الهجمات على الموارد الضرورية لحياة المدنيين، بما في ذلك إمدادات مياه الشرب".

وأضافت صلاح أن "استخدام التجويع كمنهجية حرب، هو ببساطة، جريمة حرب"، وهو ما أكدته منسقة الأمم المتحدة في ليبيا ماريا ريبيرو بقولها "إن هذه الهجمات على البنى التحتية المدنية يمكن أن يعتبر جرائم حرب".

دعوات للعودة إلى الحل السياسي

طالب المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة، الثلاثاء، مجلس الأمن الدولي، بأن "يحث الأطراف المعنية في الصراع على الوقف الفوري لإطلاق النار، والعودة إلى العملية التفاوضية للتوصل إلى حل سلمي للأزمة".

ودعا سلامة إلى "محاسبة أولئك الذين يستخدمون النزاع في ليبيا لتحقيق مصالح شخصية"، قائلاً "ليبيا ليست جائزة للأقوى، بل بلد به أكثر من 6 ملايين نسمة يستحقون السلام".

وقال إن ليبيا "باتت قاب قوسين من الانزلاق في حرب أهلية بإمكانها أن تؤدي إلى تقسيم البلاد بشكل دائم، وسيستغرق رأب الضرر الذي حدث سنوات"، مضيفاً أن "هجوم الجنرال خليفة حفتر، تسبب في الكثير من الموت والدمار".

وحذر سلامة قائلاً "العنف على مشارف طرابلس مجرد بداية لحرب طويلة دامية على الضفاف الجنوبية للبحر المتوسط، ما يعرض جيران ليبيا المباشرين، ومنطقة البحر الأبيض المتوسط، بشكل أوسع للخطر".

من جهته، أكد وزير الخارجية المصري سامح شكري، وجود مساعٍ للتوصل إلى اتفاق سياسي في ليبيا قائلاً "نعمل بالتنسيق مع شركائنا للعودة إلى الإطار السياسي".

وأعرب شكري عن دعم بلاده لقوات حفتر قائلاً "عملنا معه وسعينا لتوحيد بقية أطراف هذه المؤسسة الوطنية"، مشيراً في الآن ذاته إلى أن "المنطقة تشهد تفاعلات كثيرة تحتاج إلى حلول سياسية بعيداً عن الحروب".

في هذا الصدد، قال الباحث السياسي محمود الرملي لـTRT عربي إن مصر تسعى الآن إلى إنقاذ خليفة حفتر فقط، ولا يمكنها أن تلعب أي دور سياسي أو وساطة في المفاوضات، إذ إنها كانت منذ البداية طرفاً متدخلاً بشكل سلبي في ليبيا.

فشل قوات حفتر في السيطرة على طرابلس منذ بداية حملتها العسكرية قبل شهرين، ولجوء قوات تابعة له إلى تشديد الحصار بالقيام بعمليات لا إنسانية يشير إلى أن التعويل على خليفة حفتر من طرف بعض الدول الإقليمية والدولية أصبح أمراً مشكوكاً فيه.

في السياق ذاته، قالت صحيفة الغارديان البريطانية، إنه وعلى الرغم من "الدعم الضمني لدول من قبيل الإمارات، والسعودية ومصر"، فإن حلقات الصراع الأخيرة "لها ارتداد عكسي سيئ على حفتر الذي يريد إقناع المجتمع الدولي بأنه القادر على الحفاظ على الأمن" في ليبيا.

سعيُ حفتر إلى إقناع المجتمع الدولي بات أمراً صعباً، وهو ما دفعه إلى اللجوء إلى شركة أمريكية تقدم خدمات الضغط السياسي، لمساعدته على نسج علاقات قوية مع الولايات المتحدة.

وكشف تقرير لـصحيفة واشنطن بوست الأمريكية، أن "الجنرال الليبي الذي يُعتقد أن له روابط مع وكالة الاستخبارات الأمريكية CIA"، وظّف "شركة ليندن للحلول الحكومية، ومقرها هيوستن، حسب ما أظهرته وثيقة تسجيل خارجي أصدرتها وزارة العدل الأمريكية الثلاثاء".

تتصدى قوات حكومة الوفاق، منذ 4 أبريل/نيسان الماضي، لهجوم من قوات حفتر (Reuters)
TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً