يتنافس 262 مرشحاً على 131 مقعداً في البرلمان الجديد / صورة: AFP (AFP)
تابعنا

دعي نحو 7.8 مليون ناخب تونسي للتصويت الأحد بالدورة الثانية من الانتخابات التشريعية لاختيار أعضاء برلمان محدود الصلاحيات، وتعد نسبة المشاركة المقياس الأساسي لنجاح الاستحقاق الذي تقاطعه المعارضة في ظل أزمة سياسية واقتصادية تعصف بالبلاد.

ويتنافس 262 مرشحاً على 131 مقعداً في البرلمان الجديد (من أصل 161)، خلال انتخابات تمثل المرحلة الأخيرة من خريطة طريق فرضها الرئيس قيس سعيّد وأبرز ملامحها إرساء نظام رئاسي معزّز على شاكلة ما قبل الثورة التونسية.

وانفرد سعيّد بالسلطة في 25 يوليو/تموز 2021 عبر تجميد أعمال البرلمان وحلّه لاحقاً وإقرار دستور جديد إثر استفتاء في الصيف الفائت أنهى النظام السياسي القائم منذ 2014.

وبرّر الرئيس قراره آنذاك بتعطّل عجلة الدولة على خلفيّة صراعات حادّة بين الكتل السياسيّة في البرلمان.

وسيكون للمجلس النيابي الجديد عدد قليل جداً من الصلاحيات، فلا يمكنه على سبيل المثال عزل الرئيس ولا مساءلته. ويتمتّع الرئيس بالأولوية في اقتراح مشاريع القوانين. ولا يشترط الدستور الجديد أن تنال الحكومة التي يُعيّنها الرئيس ثقة البرلمان.

وتتجه الأنظار أساساً في هذه الانتخابات إلى نسبة المشاركة بعد أن سجلت الدورة الأولى إخفاقاً تاماً مع نسبة إقبال ناهزت 11,2% فقط من الناخبين. وهي أضعف نسبة تصويت منذ بداية الانتقال الديمقراطي عام 2011 بعد انهيار نظام الرئيس الراحل زين العابدين بن علي.

ويقدّر الخبراء أن تكون نسبة الامتناع عن التصويت مرتفعة، ويُعبّرون عن مخاوف من أن تنحرف البلاد عن مسار الانتقال الديمقراطي بعد أن كانت مهداً لتجربة فريدة في المنطقة.

من جهتها دعت الأحزاب السياسية المعارضة وأبرزها حزب النهضة الذي كانت له أكبر الكتل في البرلمان منذ ثورة 2011، لمقاطعة الانتخابات، معتبرة ما يفعله سعيّد "انقلاباً".

وفي محاولة للتعريف بهم في شكل أفضل سعت الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات لتنظيم مناظرات بينهم بثّها التلفزيون الحكومي خلال ساعات ارتفاع نسب المشاهدة ليلاً.

أمّا المعارضة التي دعت الرئيس للاستقالة بعد نسبة الامتناع الكبيرة عن التصويت خلال الجولة الأولى من الانتخابات، فلا تزال منقسمة بدورها إلى ثلاث كتل مختلفة التوجّهات، هي "جبهة الخلاص الوطني" التي يتزعّمها حزب النهضة، والحزب الدستوري الحرّ بقيادة عبير موسي التي تدافع عن خيارات نظام بن علي، والأحزاب اليساريّة.

ودأبت أحزاب المعارضة على تنظيم تظاهرات للتنديد بقرارات سعيّد منذ أن أقرّها، ويلاحق القضاء عديداً من نشطائها. ويترافق الغليان السياسي في تونس مع مأزق اقتصادي فاقمه تعثّر المفاوضات الحاسمة مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض بنحو مليارَي دولار.

ويبدو أن عوامل عدة تؤدي إلى إبطاء الحصول على هذا القرض، أهمها وفق الشريف "دور الولايات المتحدة"، الفاعل الأبرز في صندوق النقد الدولي، وخشيتها انجراف تونس نحو الاستبداد.

في هذا السياق أعلنت وكالة التصنيف الائتماني الأمريكية موديز السبت خفض تقييم ديون تونس طويلة الأجل درجة أخرى إلى "سي أ أ 2" مع نظرة مستقبلية "سلبية"، مشيرة إلى وجود "مخاطر أكبر" في ما يتعلق بقدرتها على سداد مستحقاتها.

ومن مظاهر الأزمة الاقتصادية تباطؤ النمو إلى أقل من 3%، وارتفاع البطالة إلى أكثر من 15%، فيما تزداد مستويات الفقر الذي دفع 32 ألف تونسي إلى الهجرة بحراً نحو إيطاليا بشكل غير قانوني عام 2022.

ويرى مراقبون أن بصيص الأمل الوحيد لهذه الأزمة يتمثل في "مبادرة الإنقاذ" التي أطلقها "الاتحاد العام التونسي للشغل" و"الرابطة التونسية لحقوق الإنسان" و"الهيئة الوطنية للمحامين" و"المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية" من أجل تقديم مقترحات سيعرضونها على سعيّد للخروج من الأزمة.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً