أعلن ترمب تفاصيل خطة السلام المزعومة والمعروفة باسم "صفقة القرن" بحضور نتنياهو المنتهية ولايته (AFP)
تابعنا

بقع خضراء صغيرة متناثرة على خارطة فلسطين التاريخية، مساحات ضئيلة منحها من لا يملك لمن لا يستحقّ، كأن وعد بلفور عاد من جديد، ولكن بنسخة مصغرة عن سابقتها، ليصبح حتى الحديث عن دولة فلسطينية على حدود 1967 مستحيلاً، وَفْقاً للخريطة المرفقة بخطة السلام الأمريكية المعروفة باسم صفقة القرن.

هذه هي دولة فلسطين كما تريدها إسرائيل وأمريكا التي تروّج للعالَم أن تل أبيب تنازلت كثيراً حتى وافقت على الخطة، فقد قال جاريد كوشنر، كبير مستشاري الرئيس الأمريكي في لقاء مع قناة الجزيرة، إن "إسرائيل قدّمَت تنازلاً كبيراً بموجب الخطة الأمريكية، إذ وافقت للمرة الأولى على تجميد الاستيطان لمدة أربع سنوات، وهو أمر لم يحدث من قبل".

وأضاف: "أخذت الخريطة بعين الاعتبار واقع الأراضي الإسرائيلية الجديدة بعد التمدد الاستيطاني، وأنها ستعمل على وقف هذا النمو، كما أخذت الواقع الأمني عند رسم حدود الدولتين الإسرائيلية والفلسطينية، بما يضمن أمن إسرائيل".

وعلى الرغم من مطالبة الفلسطينيين بإقامة دولة ذات سيادة على الأراضي الفلسطينية التي احتلتها إسرائيل عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، فإن الصفقة تتضمن إقامة دولة فلسطينية على 70% من مساحة الضفة الغربية، وإبقاء مدينة القدس غير المقسمة عاصمة موحدة لإسرائيل، وبعض الأراضي في النقب.

فلسطين.. أجزاء متناثرة

ولا يستطيع أي شخص في العالَم فهم خريطة فلسطين الجديدة، وقد تكون حتى مستعصية على فهم الفلسطيني نفسه الذي يعيش فيها، فهي عبارة عن بقع جغرافية متناثرة يربطها بعضها ببعض أنفاق وجسور، تقع بداخل دولة الاحتلال الإسرائيلي، لا حدود لها ولا ميناء ولا مطار ولا جيش ولا سيادة.

ونشر الرئيس الأمريكي الثلاثاء، على حسابه في تويتر، خريطة باللغة العربية توضح حدود الدولة الفلسطينية في خطته، وقال إن "هذا ما قد تبدو عليه دولة فلسطين المستقبلية بعاصمة في أجزاء من القدس الشرقية".

ووَفْقاً لهذه الرؤية، ستكون مدينة القدس ومناطق غور الأردن وشمال البحر الميت ضمن حدود الدولة الإسرائيلية، وسترتبط الضفة الغربية وقطاع غزة بنفق، كما أضيفت أراضٍ جديدة إلى القطاع تمتدّ داخل منطقة النقب، ستكون منطقة صناعية ومناطق سكنية وأراضي زراعية.

أما النقاط السوداء التي أشير إليها في الخريطة على أنها جيوب سكنية إسرائيلية، داخل المدن الفلسطينية بالضفة الغربية، فهي تشير إلى المستوطنات الإسرائيلية التي ستبقى على أراضي الـ67، وسترتبط هذه المستوطنات بطرق توصل إلى إسرائيل.

ويربط بين الدولة الفلسطينية وحدود الأردن طريقان يعبران داخل إسرائيل، أحدهما يوصل إلى جسر "الأمير محمد"، والآخر إلى جسر "الملك حسين"، كما ستكون الدولة الفلسطينية منزوعة السلاح بالكامل بما في ذلك قطاع غزة الذي تسيطر عليه حركة حماس مع وجود حركتَي الجهاد الإسلامي، اللتين تنظر إليهما الصفقة على أنهما "منظمتان إرهابيتان".

وسيكون ميناءَا حيفا وأسدود مفتوحين أمام الدولة الفلسطينية، للاستخدام أو للإدارة، دون خرق سيادة الدولة الإسرائيلية، فيما سيكون الدور الإسرائيلي في الميناءين محدوداً ومقتصراً على الأجهزة الأمنية لضمان عدم اشتمال البضائع الواردة إلى الميناءين أو الصادرة منهما، على تهديد للأمن الإسرائيلي.

وستجبي الدولة الفلسطينية الضرائب في الميناءين وستعود كلها لها، وسيكون هذا الأمر مؤقَّتاً حتى انتهائها من بناء مينائها الخاص.

العاصمة الفلسطينية

كُتبت ملاحظات على الخريطة ورد فيها أن "جميع المسلمين الذين يأتون بشكل سلمي يُرَحَّب بهم لزيارة المسجد الأقصى/الحرم الشريف والصلاة به"، وأشارت الصفقة إلى أن "تطبيق الخريطة يخضع للقواعد والشروط المذكورة في رؤية السلام".

وورد في الخطة إلى أن العاصمة الفلسطينية ستكون في قرى "كفر عقب والجزء الشرقي من شعفاط وأبو ديس التي سيتم تسميتها بالقدس الشرقية أو اسم آخر تحدده دولة فلسطين، والجدار الفاصل سيبقى كحدود بين الدولتين"، كما أوضح ترمب أن الحدود المحددة للسيادة الإسرائيلية في القدس ستكون خاضعة بالنهاية إلى مفاوضات بين الطرفين.

وستظل كفر عقب وشعفاط بمثابة الحاجز المادي وحدود بين العاصمة الإسرائيلية والفلسطينية، حسب الخطة التي شددت على أن القدس ستظلّ عاصمة دولة إسرائيل، وينبغي أن تظل مدينة غير مقسمة.

وتسمح هذه الرؤية، كما ورد في صفحة 17 من الخطة، "للسكان الفلسطينيين في عاصمة إسرائيل، القدس، وما وراء خطوط الهدنة لعام 1949، باختيار واحد من ثلاثة خيارات، هي أن يكونوا مواطنين لدولة إسرائيل، أو مواطنين لدولة فلسطين، أو الاحتفاظ بوضعهم كمقيمين دائمين في إسرائيل، مشيرة إلى أن بعض السكان الفلسطينيين اختاروا أن يكونوا مواطنيين إسرائيليين على مر السنين (أي يحملون الجنسية الإسرائيلية بسبب سيطرة إسرائيل على المناطق التي يسكنون بها، وهو الأمر الذي أُجبِرُوا عليه)، وتبقى هذه الخيارات متاحة لهم في المستقبل.

مجتمعات المثلث المكونة من كفر قرع وعرعرة وباقة الغربية وأم الفحم وقلنسوة والطيبة وكفر قاسم والطيرة وكفر برا وجلجولية، تعرّف نفسها إلى حد كبير على أنها فلسطينية. وكانت مخصصة لتقع تحت السيطرة الأردنية خلال مفاوضات خط وقف إطلاق النار عام 1949، إلا أن إسرائيل استعادتها لاعتبارات أمنية

جانب من خطة ترمب للسلام في الشرق الأوسط

وسبق وتبنى وزير الدفاع الإسرائيلي السابق أفغيدور ليبرمان خطة لتبادل الأراضي والسكان بمنطقة المثلث ونشرها عام 2004، وجاء في خطته ضمّ أجزاء من المثلث إلى السلطة الفلسطينية، في إطار تبادل أراضٍ، بهدف تقليل عدد العرب في الداخل الفلسطيني، وزيادة نسبة اليهود السكانية.

وكتبت صحيفة يديعوت أحرنوت في تقرير لها أن "دولة إسرائيل تعاني من تحديات جغرافية استراتيجية غير عادية"، مشيرة إلى أنه "بقدر خطورة غزة التي تديرها حماس على سلامة دولة إسرائيل، فإن النظام المماثل الذي يسيطر على الضفة الغربية سيشكّل تهديداً وجوديّاً لدولة إسرائيل".

ولم تضيّع إسرائيل الوقت، فبعد الإعلان عن صفقة القرن، قال حزب الليكود الإسرائيلي إن حكومة نتنياهو ستجتمع الأحد المقبل لحسم مسألة ضمّ كل مستوطنات الضفة الغربية المحتلة، حسب وسائل إعلام إسرائيلية، وهو ما أكّده سفير واشنطن لدى تل أبيب ديفيد فريدمان بقوله: "بإمكان إسرائيل ضم المستوطنات في أي وقت تريده".

وقال فريدمان للصحفيين في البيت الأبيض: "يجب أن لا تنتظر إسرائيل على الإطلاق لضَمّ المستوطنات".

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً