تلعب تركيا دوراً محورياً في مجال الطاقة بمنطقة شرقي المتوسط، بفضل موقعها الاستراتيجي الهامّ وبنيتها التحتية المتطورة، وساعد على زيادة نفوذها السياسي والإقليمي التطورات السياسية الأخيرة، ومن أبرزها الحرب الروسية-الأوكرانية، والتقارب مع إسرائيل.
وشكّلَت تركيا دولة مركزية وجزءاً من الحلّ اللازم للتخلص من اعتماد الاتحاد الأوروبي على روسيا في قطاع الطاقة.
دبلوماسية الطاقة التركية
تدرك أوروبا في واقع الأمر أن تركيا تُعتبر أحد الطرق الأكثر أماناً وتفضيلاً في إيصال موارد الطاقة من شرقي المتوسط إليها، فضلاً عن أهميتها في مجال أمن الطاقة والدبلوماسية الأوروبية، وهو ما أعطاها ثقلاً في سياسات المنطقة.
وفي هذا الصدد يقول الأستاذ في أكاديمية الشرطة ليفنت يلماز في تصريح لـTRT Haber التركية، إنه يمكن تقييم أهمية تركيا في هذا الملف من خلال النظر إلى رؤساء الدول الذين زاروها مؤخراً، وأضاف: "عندما ننظر إلى دبلوماسية الطاقة التركية مؤخراً ونتابع زيارات رؤساء الدول لتركيا فإننا نرى دور تركيا الريادي في هذا الملف".
ويضيف: "كان هناك منتدى غاز شرق البحر الأبيض المتوسط الذي عُقد مع استبعاد تركيا، حتى إن البلدان التي اجتمعت في هذا السياق طوّرَت مشروع خط أنابيب مثالي مثل (إيست ميد) لنقل الغاز الإسرائيلي إلى أوروبا، وصمّم هذا المشروع إسرائيل وإدارة جنوب قبرص ومصر واليونان من أجل استبعاد تركيا والعمل من دونغير تركيا في السياسات في المنطقة، إلا أننا رأينا أن ذلك الموقف كان سلبيّاً".
"تركيا في طليعة الاهتمامات"
وأشار يلماز إلى أنه قد تكون فترة تُحدَّد فيها مناطق الاختصاص البحري مع إسرائيل في شرق البحر المتوسط، مضيفاً أن "مشروع (إيست ميد) لم يكُن ليتم من دون تركيا، وبالنظر إلى دول المنطقة فقد أتت تدريجياً لتطبيع العلاقات مع تركيا بفضل الدبلوماسية المكثفة خصوصاً دول شرق البحر المتوسط التي لم تستطع إيجاد مخرج من دون أنقرة".
وقال يلماز إن تركيا احتلّت الصدارة في تسويق احتياطيات الغاز الطبيعي الإسرائيلية، وأضاف: "نعلم أن إسرائيل اكتشفت 850 مليار متر مكعَّب من احتياطي الغاز الطبيعي. بالإضافة إلى ذلك، تقرر تصدير 40 في المئة من هذا الاحتياطي، وبذلك نرى أن تركيا تأتي دائماً في المقدمة بشأن كيفية تسويق هذا الغاز".
تركيا.. دولة مركزية لا دولة عبور
وشدّد يلماز على أن تركيا ربما حصلت على مورد مهمّ للمنافسة في مجال الغاز الطبيعي، قائلاً إن "تركيا هي بالفعل جهة فاعلة مهمة في مجال الطاقة في المنطقة، لا مجرّد بلد عبور أو ممر، وهي الآن في طريقها لتصبح مركزاً تجارياً للطاقة".
لهذا بات حريّاً بالاتحاد الأوروبي وإسرائيل ومصر واليونان إصلاح علاقاتهم مع تركيا وتجاوز الخلافات، خصوصاً في ظل الحرب الروسية-الأوكرانية، فضلاً عن أن الاكتشافات التي حققتها تركيا مؤخراً في مجال الطاقة ستوفر فرصة كبيرة أمامها للاعتماد على نفسها في تأمين احتياجاتها من الغاز وفكّ ارتباطها بالخارج.
