فرنسا استخدمت أسلوب روسيا في محاولة التأثير عن طريق شبكات التواصل الاجتماعي في دول أخرى (AA)
تابعنا

لم تعد فكرة التأثير عبر "جيش إلكتروني" خاصة بالسلطويات، لكن بدت مغرية لدول تدعي المدافعة عن المواطنة وحقوق الإنسان دائماً، بعدما وجدت عشرات الحسابات المزيفة كانت تتلقى توجيهات من الجيش الفرنسي وتروج لمحتوى مؤيد له موجه إلى إفريقيا والشرق الأوسط.

هذا ما أعلنت عنه شركة فيسبوك، بعدما قالت إنها حذفت شبكة من الحسابات الزائفة على منصتَي فيسبوك وإنستغرام مرتبطة بأفراد على صلة بالجيش الفرنسي، متهمة إياها بشن حملة سيبرانية للتأثير على دول إفريقية.

استعمار إلكتروني

وذكرت صحيفة "لوبنيون" الفرنسية (l’opinion) أن السلطات الفرنسية تشن حملات تأثير على الرأي العام عبر شبكات التواصل الاجتماعي، وذلك في البلدان التي ينفذ الجيش الفرنسي عمليات فيها.

وأوضحت شركة فيسبوك في بيان لها أنها حذفت شبكة حسابات في فيسبوك لأفراد مرتبطين بالجيش الفرنسي، وذلك لاقترافهم "سلوكاً منسقاً زائفاً" استهدف مواطنين في دول إفريقية عديدة، وهو ما ينتهك سياسة فيسبوك.

ولم يكشف فيسبوك عن الشبكة الفرنسية فحسب، بل رفع الغطاء معها عن شبكتين أخريين متصلتين بوكالة أبحاث الإنترنت الروسية، وأضاف عملاق مواقع التواصل أنه لأول مرة يكتشف تفاعل الشبكة الزائفة الفرنسية والشبكتين الروسيتين بعضهما مع بعض بطلب الصداقة والتعليق والإجابة والانتقاد المتبادل.

تضليل متعمد

وقالت شركة فيسبوك على موقعها الإلكتروني إنها حذفت 84 حساباً على فيسبوك و6 صفحات و9 مجموعات و14 حساباً على إنستغرام، ضمن شبكة تمارس نشاطاً زائفاً في فرنسا وتستهدف في المقام الأول جمهورية إفريقيا الوسطى ومالي، وبدرجة أقل النيجر وبوركينا فاسو والجزائر وكوت ديفوار وتشاد.

وأوضحت الشركة الأمريكية أن أصحاب هذا النشاط حاولوا الظهور بصفتهم مواطنين محليين في البلدان التي استهدفوها، غير أن تحقيقات فرق فيسبوك توصلت إلى وجود ارتباطات لهذه الحسابات الزائفة بأفراد على صلة بالجيش الفرنسي.

وذكرت فيسبوك أن بعض التدوينات التي نشرتها الشبكة الفرنسية كانت باللغتين العربية والفرنسية، وكانت تتعلق بسياسة باريس في الدول الإفريقية الناطقة بالفرنسية، وبدعم تدخُّل الجيش الفرنسي في بعضها.

استخدام سياسات روسية

وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد حذر مطلع هذا العام من ألمانيا حيث حضر مؤتمر ميونيخ للأمن، من أن روسيا "ستواصل محاولة زعزعة استقرار" الديمقراطيات الغربية عن طريق التلاعب بشبكات التواصل الاجتماعي أو عمليات معلوماتية.

وأضاف أنها ستفعل ذلك "إما عبر أطراف فاعلة خاصة وإما عبر خدمات مباشرة أو عبر وكلاء". وتابع قائلاً إنها "ستكون طرفاً فاعلاً عدوانياً للغاية في هذا المجال خلال الأشهر والأعوام القادمة وفي جميع الانتخابات، ستبحث عن وضع استراتيجيات تُمكِّنها من الحصول على وكلاء لها".

ولاحظ ماكرون أن روسيا لم تكن الوحيدة في عمليات التلاعب هذه، إذ "تدخَّل فاعلون محافظون من اليمين الأمريكي المتطرف في الانتخابات الأوروبية"، في إشارة إلى داعمين للرئيس الأمريكي دونالد ترمب.

وتابع: "ليس لدينا سوى بعض الدفاعات في مواجهة هذه الهجمات". ورأى أنه يجب "تعزيز الدفاعات التكنولوجية والتعاون بين الأجهزة" الغربية لتشخيص و"تحديد" هذه الهجمات التي تبقى في أحيان كثيرة مجهولة المصدر.

وأشار إلى أن "جهات تستخدم تكنولوجيات فبركة عالية الحرفية، وتتلاعب وتخترق وتنشر أخباراً من كل الأصناف بسرعة عالية ومن دون قدرة على تعقُّبها، في أنظمة ديمقراطية يقال فيها كل شيء على وجه السرعة".

وتعليقاً على ربط فيسبوك بين شبكات الحسابات المزيفة والجيش الفرنسي، قالت صحيفة "لوبنيون" الفرنسية في تقرير لها إن مثل هذه السلوكيات كان معتاداً صدورها من لدن روسيا، لافتاً إلى أن الخطأ الآن يقع على فرنسا، وتحديداً جيشها الذي يستخدم التكيكات التي ادَّعى ماكرون أنه يرفضها، وأنها تتسبب في تخريب الديمقراطيات الغربية.

وبخصوص نشاط الشبكتين الروسيتين، أوضح عملاق فيسبوك أنه أزال 63 حساباً على فيسبوك و29 صفحة و7 مجموعات وحساباً واحداً على إنستغرام، مضيفاً أن هذه الحسابات المزيفة نشأت في روسيا، وركزت على جمهورية إفريقيا الوسطى بالمقام الأول، وبدرجة أقل على مدغشقر والكاميرون وغينيا الاستوائية وموزمبيق وجنوب إفريقيا.

وأردفت شركة فيسبوك بأن هذه الحسابات اعتمدت على مواطنين محليين من جمهورية إفريقيا الوسطى وجنوب إفريقيا، واستخدمت مزيجاً من حسابات زائفة ومخترقة.

الجيش الفرنسي لم ينفِ

وأضافت "لوبنيون" أنها وجهت سؤالاً إلى وزارة الجيوش الفرنسية التي ركزت في ردها "على ضرورة مواجهة حملة التضليل الإعلامي التي ينفذها بعض الجهات" لم تسمِّها، غير أن الوزارة لم تنفِ ما ذكرته شركة فيسبوك عن حسابات مزيفة لأفراد مرتبطين بالجيش الفرنسي.

ووظفت الوكالة الوطنية الفرنسية لأمن أنظمة المعلومات عام 2018 ما يزيد على 25 شخصاً جديداً لديها لدعم أنشطتها، كما عقدت الوكالة بشكل سري ملتقى خاصاً لمراكز التفكير الفرنسية فقط بعنوان (أجورا 41) في سبتمبر/أيلول 2018 بباريس.

وضمت مجموعة المدعوين 41 من الخبراء المختارين، معظمهم من الوسط الأكاديمي والدبلوماسي والقانوني، فضلاً عن رجال الصناعة الفرنسيين. واعتمدت الوكالة على ذلك الملتقى لتزويدها برؤية استراتيجية حول كيفية ضبط التكنولوجيا الرقمية خلال السنوات القادمة.

وبحلول عام 2019، أوضحت وزارة الجيوش الفرنسية الأدوار الخاصة بكل من قيادة الدفاع السيبراني (Comcyber)، والوكالة الوطنية الفرنسية لأمن أنظمة المعلومات (ANSSI). فنظراً إلى إشراف الوكالة على الأعمال السيبرانية، سيتعين على قيادة الدفاع السيبراني استشارة الوكالة عندما تجري تقييماً لتهديد أو عندما تطلق عملية. بينما يختص عمل قيادة الدفاع السيبراني بالمسؤولية عن جمع المعلومات من أجهزة الاستخبارات الفرنسية، وخصوصاً من القسم التقني بجهاز الاستخبارات الخارجية الفرنسية، ومن شركات الدفاع والشركاء الدوليين مثل القيادة السيبرانية الأمريكية (USCYBERCOM).

وتمثِّل الأمثلة السابقة أبرز الأنشطة السيبرانية الاستخبارية الفرنسية التي تداولها بعض المجلات المختصة بالشأن السيبراني الفرنسي خلال العام الماضي. وهي تعكس حرص باريس على تطوير إمكاناتها السيبرانية.

كما يُذكر أن شركة فيسبوك حذفت 3.2 مليار حساب مزيف ما بين أبريل/نيسان وسبتمبر/أيلول من عام 2019.

ووفقاً لتقرير عن إدارة المحتوى أصدرته شركة فيسبوك في العام نفسه يزيد عدد الحسابات المزيفة التي حذفت في الفترة الأخيرة بأكثر من الضعف، عن تلك التي حذفتها الشركة خلال الفترة نفسها من العام الماضي، وبلغ عددها حينذاك 1.55 مليار حساب.



TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً