نحو 12350 مبنى معظمها منازل تعرضت للهدم  (هيومن رايتس ووتوش)
تابعنا

كشفت منظمة هيومن رايتس ووتش الخميس أن الجيش المصري دمّر بين أواخر 2013 ويوليو/تموز 2020 ما لا يقل عن 12350 مبنى معظمها منازل في سيناء، كان أحدث جولاتها في منطقة العريش.

وقالت إن العمليات المستمرة للجيش المصري لهدم المنازل والإخلاء القسري أثناء الصراع المسلح في محافظة شمال سيناء هي "انتهاكات للقانون الدولي الإنساني أو قوانين الحرب، وتشكل على الأرجح جرائم حرب".

المنظمة الأممية أشارت في تقرير إلى أنّ الجيش جرف وأفسد ومنع الوصول أيضاً إلى ما لا يقل عن 6 آلاف هكتار (نحو 14300 فدان) من الأراضي الزراعية، معظمها منذ منتصف 2016.

عمليات إخلاء بالآلاف

وقالت إن الحكومة لم تقدم معلومات كافية بخلاف المزاعم في وسائل الإعلام بأن عمليات الإخلاء والهدم كانت ضرورية للأمن في القتال طويل الأمد مع جماعة "ولاية سيناء" المسلحة، وهي جماعة محلية مرتبطة بتنظيم داعش الإرهابي مسؤولة عن هجمات ضد أهداف عسكرية ومدنيين.

وتشير المنظمة إلى أنه "يبدو أن آلاف عمليات الإخلاء والهدم هذه تنتهك قوانين الحرب التي تحظر مثل هذه الأعمال، إلا للضرورة العسكرية الحتمية أو لضمان أمن المدنيين المعنيين".

ومنذ 2013 أثيرت قضية التجريف بسيناء، التي شملت إبادة قرى بأكملها بشكل واسع، لكن الحكومة المصرية ظلّت تؤكد سعيها لـ"مكافحة الإرهاب" وتطهير المنطقة، وتشير إلى العمل على بناء مساكن جديدة للآلاف من الذين أخرجوا من بيوتهم، بيد أن تقارير وشهادات تؤكد أن المساكن لم تُبنَ للجميع، وأن آلاف المهجَّرين لا يزالون يبحثون عن مأوى.

100 ألف نازح

يقول جو ستورك، نائب مدير الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة "هيومن رايتس ووتش": "على مدى السنوات السبع الماضية طرد الجيش المصري شمال سيناء بشكل غير قانوني عشرات آلاف السكان، ودمر منازلهم ومزارعهم وسُبل معاشهم. تعكس عمليات الهدم والإخلاء عقلية رسمية مسيئة لا تهتم بعافية سكان سيناءوسلامتهم، وهو أمر أساسي لأمن المنطقة واستقرارها".

وتقدر المنظمة أن أكثر من 100 ألف من سكان شمال سيناء البالغ عددهم 450 ألفاً نزحوا أو غادروا المنطقة منذ 2013، في المقام الأول نتيجة هدم المنازل، ولكن أيضاً للهروب من القتال المتصاعد.

وتضيف: "لا تزال بعض العائلات النازحة موجودة في شمال سيناء ونزحت أكثر من مرة. لجأ آخرون إلى أماكن أخرى في مصر، وفي كثير من الحالات من دون مساعدة تذكر من الحكومة في العثور على سكن أو وظائف بديلة".

ليست مجرد انتهاكات

بدوره يقول مدير قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة "أفدي" الدولية عبد المجيد مراري إن "منظمات حقوقية عاملة في الميدان بالإضافة إلى صور الأقمار الصناعية المحللة وفق المعايير الدولية توضح وجود جرائم ترتكب في سيناء، وليس مجرد انتهاكات".

ويضيف في مقابلة مع TRT عربي أن "معلومات مهمّة وصلت إلى منظمتهم تؤكد وقوع جرائم على يد الجيش المصري في سيناء".

ويؤكد أن "الجرائم لا تخفى على أحد، وما دامت منطقة سيناء معزولة فإن الجيش المصري ينتهك حقوق المواطنين هناك، وقد حوّل المنطقة برمتها إلى منطقة عسكرية بامتياز".

ويقول إنه "بات من الواجب تحكيم القانون الإنساني الدولي واتفاقية جنيف وتطبيقها في المنطقة التي جعلها الجيش منطقة حرب ونزاع".

ويشير إلى أن "السلطات المصرية تعطي مبرر محاربة الإرهاب لما يُرتكب هناك، وتحت هذه الفزاعة يتدخل الجيش في سيناء ويقتل ويُهجِّر خارج نطاق القضاء".

ويوضح: "الإرهاب له جهات معينة يجب تجفيف منابعها، لكن ما علاقة الإرهاب بالتهجير وهدم المباني على رؤوس سكانها؟ ولمصلحة من يعاد تشكيل المنطقة؟".

وكانت قضية عمليات الهدم والتشريد في سيناء بدأت التفاعل والانتشار على صعيد دولي مطلع عام 2014 حين ازدادت وطأة الشهادات القادمة من هناك، حول انتهاكات يتعرض لها السكان.

هدم تعسفي

وفي ذلك العام طالبت منظمة العفو الدولية السلطات المصرية بالتوقف عن عملية الهدم التعسفي لمئات المنازل وعمليات الإخلاء القسري الجماعي الجارية في رفح بشمال سيناء بهدف إنشاء منطقة عازلة على طول الحدود مع قطاع غزة.

وأشارت في بيان إلى أنّ "حجم عمليات الإخلاء القسري مثير للدهشة، مما يشكِّل انتهاكاً للقانون الدولي والقانون الوطني. وقد وردت مشاهد صادمة لعمليات تجريف منازل في رفح، أو تفجيرها، إذ تحوَّلت مبانٍ بأكملها إلى أنقاض من الركام، وأُجليت عائلات من منازلها قسراً".

وبالعودة إلى تقرير هيومن رايتس ووتش تشير المنظمة إلى أنّ "التحليل الأخير لعشرات صور الأقمار الصناعية عالية الدقة المتسلسلة زمنياً التُقطت بين 4 ديسمبر/كانون الأول 2017 و1 يوليو/تموز 2020، يظهر أنه خلال تلك الفترة هدم الجيش نحو 4 آلاف مبنى في مدينة العريش ومحيطها، بشكل رئيسي لبناء منطقة عازلة تحيط بمطار العريش جنوب المدينة، الذي كان مدنياً، ويستخدم منذ 2013 لأغراض عسكرية".

وتظهر صور حديثة للأقمار الصناعية التقطت في ديسمبر/كانون الأول 2020 استمرار عمليات الهدم بمنطقة رفح. يبدو أن معظم المباني المهدمة في العريش كانت منازل أو مباني تجارية، ودُمر نحو 3500 منها عام 2018 وحده، بعد أن قال الرئيس عبد الفتاح السيسي إنه سيستخدم "عنفاً شديداً وقوة غاشمة حقيقية" في سيناء بعد هجوم مسلح على المطار في ديسمبر/كانون الأول 2017.

ووجد تحليل صور الأقمار الصناعية أنه من بين نحو 5500 مبنى هُدم في العريش منذ 2014، كان يوجد أكثر من ألفَي مبنى خارج النطاق الأمني المحيط بالمطار.

وتقول: "صعّبت الحكومة على المهجَّرين العثور على منازل جديدة وهدمت أكواخهم في التجمعات البديلة. وفق تقارير إعلامية هدمت السلطات بطريقة ممنهجة المنازل الجديدة للذين استقروا في محافظة الإسماعيلية المجاورة، زاعمة أن المباني الجديدة تفتقر إلى تصاريح البناء المطلوبة.

وتضيف: "العديد من سكان سيناء الذين غادروا خوفاً على حياتهم لم يحصلوا على أي مساعدة تذكر أو إرشادات من الحكومة، وقد هدم الجيش العديد من المنازل المهجورة من دون تقديم أي تبريرات".

وينفي الجيش المصري ما يرد في التقارير الدولية حول الانتهاكات من سيناء، وسبق أن أصدر بياناً على لسان المتحدث العسكري قال فيه إن "بعض المنظمات المسيسة تسعى لتشويه صورة الدولة المصرية والقوات المسلحة بادعاءات ليس لها أي أساس من الصحة".

مصر تنفي

وقال المتحدث العسكري إن "القوات المسلحة اتخذت جميع التدابير القانونية ومراعاة المعايير الدولية بشأن حقوق الإنسان، فضلاً عن المراعاة الكاملة لحياة المدنيين أثناء تنفيذ العمليات العسكرية ضد العناصر الإرهابية وتنفيذ الضربات الجوية خارج نطاق التجمعات السكانية".

وأوضح أنه جرت إقامة المنطقة العازلة على الشريط الحدودي طبقاً لقرار مجلس الوزراء رقم "1008" لعام 2015 وتعويض المتضررين عن طريق محافظة شمال سيناء وتنفيذ مدينة رفح الجديدة بإجمالي "10016" وحدة سكنية.

وشدد على أن القوات المسلحة دعمت جهود الدولة في المشاريع التنموية بسيناء بالإشراف على تنفيذ 312 مشروعاً بجميع المجالات المختلفة، وذلك للارتقاء بالأوضاع الاجتماعية والمعيشية وتوفير فرص العمل لأهالي سيناء.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً