تُعقد الخميس جلسة سحب الثقة من رئيس البرلمان التونسي راشد الغنوشي (Reuters)
تابعنا

يخطف البرلمان التونسي الخميس المقبل الأنظار، يوم جلسته المرتقَبة حول التصويت على سحب الثقة من رئيسه راشد الغنوشي، بعد أن أقرّ مكتب المجلس ذلك رسمياً، على أن تكون الجلسة سرية ودون نقاش عامّ.

بالتزامن مع ذلك، بدأت مشاورات تشكيل الحكومة الجديدة بقيادة هشام المشيشي الذي عيّنه رئيس الجمهورية قيس سعيد، إذ تحتاج إلى تصويت 109 نواب لها للتصديق عليها، مما يجعل تأثير جلسة الخميس على مستقبلها كبيراً حسب مراقبين.

ورغم أنه حدث داخلي من حيث الشكل، فإن هذه الجلسة أصبحت تأخذ بعداً إقليمياً، بخاصة مع الزخم الإعلامي الذي تناله هذه الجلسة من الإعلام المدعوم إماراتياً والذي لا يخفي استهدافه التجربة الديمقراطية التونسية وشخص رئيس البرلمان راشد الغنوشي.

وحسب مكتب البرلمان، فإن جلسة التصويت على لائحة سحب الثقة ستكون سرية دون مداخلات ونقاشات، كما سيكون التصويت سرياً دون كشف أسماء المصوتين، على غرار جلسة منح الثقة في 13 نوفمبر/تشرين الثاني، إذ حصل الغنوشي على 123 صوتاً من 217. ويحتاج سحب الثقة من الغنوشي إلى تصويت 109 نواب على الأقل على اللائحة، حسب ما يقتضيه الدستور.

لماذا سحب الثقة من الغنوشي؟

قبل أكثر من أسبوع أعلنت 4 كتل نيابية في مؤتمر صحفي، رسمياً إيداع لائحة لسحب الثقة من الغنوشي بمكتب الضبط بالبرلمان، بعد استيفائها عدد الإمضاءات المطلوبة وهي 73 توقيعاً.

وعلّلت الكتل المتقدمة بلائحة سحب الثقة من الغنوشي هذه الخطوة بأنها "نتيجة اتخاذ رئيس البرلمان قرارات بشكل فردي دون الرجوع إلى مكتب البرلمان (أعلى هيئة)، وإصدار تصريحات بخصوص العلاقات الخارجية لتونس تتنافى مع توجُّه الدبلوماسية التونسية"، حسب رأيهم.

وكان الغنوشي أكد أكثر من مرة أن حكومة الوفاق الوطني الليبية هي "الحكومة الشرعية الوحيدة في ليبيا"، في حين صرّح الرئيس قيس سعيّد بأن شرعية حكومة الوفاق برئاسة فايز السراج "مؤقتة"، و"قائمة على الشرعية الدولية".

تم قبل قليل ايداع لائحة سحب الثقة من رئيس مجلس نواب الشعب في مكتب الضبط بالبرلمان

Posted by ‎الكتلة الديمقراطية بالبرلمان - Bloc démocratique au parlement‎ on Thursday, 16 July 2020

اللافت في لائحة سحب الثقة، أن أهمّ مكوناتها هم حلفاء حركة النهضة في حكومة الفخفاخ، والذين رفضوا لعدة مرات دعوات الحزب الدستوري الحر الذي تترأسه عبير موسي المحسوبة على النظام السابق، مما طرح أكثر من سؤال حول الأسباب الحقيقية لتقديمها.

يذهب فريق داخل حركة النهضة، منهم رئيس كتلتها في البرلمان السيد نور الدين البحيري إلى الاعتقاد أن سحب حركة النهضة الثقة من إلياس الفخفاخ، رئيس الحكومة المستقيل، بعد اتهامه بتهم تضارب مصالح.

إذ قاد هذه الائحة حزبا التيار الديمقراطي وحركة الشعب، وهما في المقابل من أهم مكونات حكومة الفخفاخ، والسند له، إذ عبرت تصريحات قياداتهم بأن من أسقط حكومة الفخفاخ هو راشد الغنوشي، وهو ما أدى إلى الذهاب إلى الدعوة لإسقاطه من رئاسة البرلمان.

الإمارات على الخط 

أكد رئيس كتلة حركة النهضة بمجلس النواب التونسي نور الدين البحيري، وجود ضغوط تمارَس من داخل البلاد وخارجها بأموال إماراتية تُوزَّع على النواب من أجل سحب الثقة من رئيس البرلمان راشد الغنوشي.

واتهم البحيري في تصريحات صحافية ،الإمارات بمحاولة إرباك عمل البرلمان وتعطيل جلسة منح الثقة للحكومة الجديدة، مشيراً إلى أن "أخطر ما في سحب الثقة من رئيس البرلمان راشد الغنوشي هو دفع مجلس النواب نحو الفراغ".

ولفت رئيس كتلة النهضة إلى "إمكانية سحب الثقة من نائبي الرئيس أيضاً إثر سحب الثقة من الغنوشي، مما سيُدخِل البرلمان في حالة فراغ فيكون غير قادر على تزكية الحكومة، وتتحقق بذلك الخطة الإماراتية بدفع البلاد إلى التحارب الأهلي وصراع الأحزاب والكتل"، على حد تعبيره.

وردّ البحيري على اتهامات أصحاب لائحة سحب الثقة من الغنوشي بأنها تتبع سياسة الترهيب ضد النواب والترغيب بعرض أموال لدفعهم إلى التغيب عن جلسة الثقة أو التصويت ضد اللائحة، قائلاً: "صحيح، في أروقة البرلمان ضغوط، وأموال ولكنها إماراتية، لفرض سحب الثقة من رئيس البرلمان".

#الخضوع لاملاءات #الامارات تفريط في #السيادة الوطنية بعد فشلها في ارباك الاوضاع بالاعتصامات والمظاهرات في الشارع وبعد...

Posted by ‎Noureddine BHIRI نور الدين البحيري‎ on Tuesday, 28 July 2020

في المقابل أشارت قيادات بعض الكتل الداعمة لسحب الثقة من الغنوشي -في تصريحات لإذاعات محلية- إلى وجود ما اعتبروه محاولات لإغراء عدد من النواب بهدف التأثير على موقفهم، ودفعهم إلى سحب توقيعاتهم من لائحة حجب الثقة.

وكان قياديون في النهضة (54 مقعداً من 217) التي كانت حتى استقالة حكومة إلياس الفخفاخ المكون الأكبر في الائتلاف الحكومي، أشاروا في السابق إلى دعم إماراتي إعلامي وسياسي لتحركات يقولون إنها تستهدف الانقلاب على التجربة الديمقراطية في تونس، وعرضوا قرائن تؤيد تصريحاتهم، ومن بينها تغريدات ضاحي خلفان نائب قائد شرطة دبي.

كما أشاروا إلى أن الاعتصامات التي تنفّذها كتلة الحزب الدستوري الحر (16 مقعداً) جزء مما يعتبرونه مخططاً خارجياً للقضاء على العملية الديمقراطية في تونس.

بين قرطاج وباردو

غيرَ بعيدٍ عن جلسة سحب الثقة من راشد الغنوشي، يأتي اختيار رئيس الجمهورية قيس سعيّد على شخصية غير حزبية وخارجة عن اقتراحات الأحزاب، والذي لا يخفي في كل مرة انزعاجه من تصرفات رئيس البرلمان الذي يراها تعدّياً على صلاحياته.

ورغم تهنئة حركة النهضة التونسية السيد المشيشي برئاسة الحكومة الجديدة، ودعوته إلى توسيع دائرة المشاورات بشأن تشكيلها، ووضع برنامج وطني للإنقاذ، لمواجهة التحديات الاقتصادية والمالية والاجتماعية الصعبة، فإن الحركة بدت متخوفة من أن يكون رئيس الحكومة المكلف رافضاً لذلك.

ويرى مراقبون أن مصير حكومة المشيشي مرهون بجلسة الخميس، إذ يذهب فريق إلى القول إنه في حال سحب الثقة من الغنوشي قد تُضطرّ حركة النهضة إلى عدم منح هذه الحكومة الثقة، ويعني ذلك فرضيتين، إما مرور الحكومة بحزام برلماني ضعيف، وهو ما يستبعد تمرير مشاريعها التي تحتاج إلى التصديق، وإما عدم مرور هذه الحكومة ليكون الخيار الأقرب حل البرلمان وإعادة الانتخابات التشريعية حسب الفصل 89 من الدستور.

أما الفريق الآخر، فيرى أن عدم سحب الثقة من الغنوشي قد يكون قارب النجاة لحكومة السيد هشام المشيشي، إذ قد تمضي حركة النهضة لتكون داعماً له لضمان الاسقرار أكثر في المشهد، الذي لم يهدأ منذ انتخابات السنة الماضية.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً