إيمانويل ماكرون  قال إن "نابليون جزء منا" وإن فرنسا "يجب أن تنظر إلى تاريخنا مباشرة في أعيننا" (AFP)
تابعنا

احتفل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأربعاء، بالذكرى المئوية الثانية لوفاة نابليون بونابرت، الإمبراطور المحارب الذي منح فرنسا قانونها المدني، من بين إصلاحات رئيسية أخرى، لكن إرثه لا يزال ملطَّخاً في أعيُن كثيرين، بخاصة أنه قاد حملات الاستعمار وأعاد العبودية بعد إلغائها.

وأوضح ماكرون، وهو أول رئيس يُلقي كلمة عن نابليون منذ جورج بومبيدو، أنه يريد إقامة "ذكرى ملهمة"، في خطاب ألقاه في معهد فرنسا، المؤسسة التي أُنشئت عام 1795 وتضمّ النخب العلمية والأدبية والفنية في البلاد.

وشدّد على "الرغبة في عدم التنازل عن أي شيء لمن ينوون محو الماضي على أساس أنه لا يتوافق مع الفكرة التي لديهم عن الحاضر"، في انتقاد ضمني لـ"ثقافة الإلغاء".

وقال: "من الإمبراطورية تَخلَّينا عن الأسوأ، ومن الإمبراطور زيَّنَّا الأفضل"، مُديناً في الوقت نفسه "ممارسته التعسفية للسلطة". ولفت إلى أن إعادة نابليون بونابرت العبودية إلى البلاد كانت "خيانة لروح التنوير".

لكن في خطابه تحت قبة معهد فرنسا، قال إن "نابليون جزء منا"، وإن فرنسا "يجب أن تنظر إلى تاريخنا مباشرة في أعيننا".

ورفض ماكرون الموافقة على رفض أي تكريم لنابليون، الذي يُعَدّ من أهم الشخصيات في التاريخ الفرنسي ويبجّله بعض أعضاء اليمين.

ووضع لاحقاً إكليلًا من الزهور عند قبر نابليون في ليزانفاليد، وهو نصب تذكاري ذو قبة ذهبية وموقع لمستشفى عسكري. وكان في استقباله الأمير جان كريستوف نابليون، من أحفاد الإمبراطور.

وتبدو هذه المناسبة حساسة لأن "هذه الشخصية الرئيسية في التاريخ كانت دوماً موضع جدل".

جاء خطاب الرئيس إحياءً لذكرى هذه الشخصية البارزة التي ماتت في المنفى في جزيرة سانت هيلينا البركانية النائية قبل 200 عام، تحديدا في 5 مايو/أيار 1821.

منح نابليون فرنسا قانونها المدني وقانون العقوبات، وأنشأ تقسيمها الإداري، ووضع ممثلين للدولة في كل إقليم، كما أنشأ نظام المدارس الثانوية، من بين تنظيمات أخرى.

ويشير معهد فرنسا إلى نابليون باعتباره "شخصية رئيسية في التاريخ كانت محل نزاع دائم".

وفي مواجهة هذا الإرث المثير للجدل، امتنع الرؤساء الفرنسيون عن إبداء موقف بشأن نابوليون منذ أن احتفل جورج بومبيدو عام 1969 بالمئوية الثانية لولادة الإمبراطور في الخامس عشر من آب/أغسطس 1769 في أجاكسيو عاصمة كورسيكا، بُعيد ضمّها إلى فرنسا.

من خلال الجرأة على الاحتفال بهذه الذكرى، فإن إيمانويل ماكرون "لا يتوانى" كما يقول الإليزيه، عن تأكيد رغبته في "النظر في حقيقة" تاريخ فرنسا، سواء كان نابوليون أو وجود فرنسا في الجزائر ورواندا، وهما ملفان حسَّاسان.

يشير المؤرخ فريديريك ريجن إلى أنه "بفضل هذه الذكرى، سيعرف معظم الفرنسيين أن نابليون أعاد العبودية" عام 1802 بعد ثماني سنوات من إلغائها.

وتقول "اللجنة الدولية للشعوب السوداء والحركة الدولية للتعويضات" في بيان: "لا يمكن لأي ضحية أن تحتفل بجلّادها إلا إذا كانت مصابة بالجنون"، منددة بذكرى شخص "عنصري خانق الحريات".

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً