إيران تواجه ضغوطاً اقتصادية متصاعدة عقب انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي (AA)
تابعنا

ما المهم: قال الرئيس الإيراني حسن روحاني، الأربعاء، إن بلاده "تواجه أقسى ضغوط اقتصادية منذ اندلاع الثورة الإسلامية في عام 1979"، وحمّل روحاني الولايات المتحدة مسؤولية الأوضاع الاقتصادية السيئة.

جاءت تصريحات روحاني في وقت تواجه فيه حكومته انتقادات داخلية من قِبل معارضي الاتفاق النووي، وأوضاعاً اقتصادية صعبة دفعت عُمالاً وسائقي شاحنات ومزارعين وتجاراً إلى تنظيم احتجاجات متفرقة، تطور بعضها إلى اشتباكات مع الأمن.

المشهد: دافع الرئيس الإيراني حسن روحاني عن سياسات حكومته التي يحمّلها منتقدوه مسؤولية تدهور الأوضاع الاقتصادية.

وأكد روحاني أن العقوبات الأمريكية التي فرضتها إدارة الرئيس دونالد ترمب بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني في مايو/أيار 2018 هي السبب الأساسي لسوء الأوضاع، متهماً الولايات المتحدة بأنها "تنقض عهودها".

وأضاف في كلمة بثّها التلفزيون الإيراني الرسمي بمناسبة الذكرى الأربعين للثورة الإسلامية، أنه "لا تجب إدانة حكومة الجمهورية الإسلامية بدلاً من الولايات المتحدة، فهذا أكبر أذى يمكن أن يحصل".

وتابع روحاني "هدف أمريكا هو تركيع النظام الإسلامي الإيراني، وستفشل في ذلك، لكن لا شك أن العقوبات ستؤثر على معيشة المواطنين وعلى تنمية البلاد ونموها الاقتصادي".

في المقابل، قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب إنه كان محقاً عندما اتخذ قراراً بالانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني، وأضاف على تويتر أن "إيران مصدر تهديد واضطراب محتمل، فهي تجري تجارب صاروخية كان آخرها الأسبوع الماضي. وأضاف "اقتصادهم ينهار الآن، وهذا هو الشيء الوحيد الذي يحجّمهم، فكونوا حذرين من إيران".

وبينما صرّح مسؤولون في الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن إيران ملتزمة بتعهداتها التي قطعتها في الاتفاق النووي، وصف ترمب تلك التصريحات بـ"الغبية".

وقال الصحفي الإيراني صابر غل عنبري، إن "التصريحات الأخيرة لمسؤولي الوكالة الدولية للطاقة الذرية تضاف إلى عشرات التقارير التي أصدرتها الوكالة وأكدت فيها أن إيران ملتزمة بتعهداتها في الاتفاق".

وأضاف عنبري في مداخلة مع TRT عربي، أن "إيران ترى في هذه التقارير والتصريحات دعماً قوياً لسياساتها ومواقفها،وسنداً لها في مواجهة الولايات المتحدة والرئيس ترمب الذي استند إلى مزاعم لا أساس لها من الصحة، كي ينسحب من الاتفاق النووي الإيراني".

وتابع الصحفي الإيراني "موقف طهران يلقى دعماً حتى من قبل أطراف داخل الإدارة الأمريكية"، لافتاً إلى أن "مسؤولي أجهزة الاستخبارات الأمريكية أكدوا في شهاداتهم أمام الكونغرس التزام طهران بما تعهدت به".

واستطرد عنبري "التصريحات الأممية تؤكد أن العقوبات التي تتعرض لها إيران ظالمة ومبنية على أسس واهية، ولكن الولايات المتحدة لا تلتزم بالقوانين والأعراف الدولية وتعتمد فقط على منطق القوة".

الخلفيات والدوافع: وقّعت إيران مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول أخرى في عام 2015 اتفاقاً عُرف بالاتفاق النووي الإيراني، ويقضي بتخلي طهران عن برامجها النووية العسكرية، مقابل رفع العقوبات المفروضة عليها وإعادتها إلى النظام العالمي الرسمي.

وهاجم ترمب، أثناء حملته الانتخابية، إدارة الرئيس السابق باراك أوباما بسبب الموافقة على إبرام الاتفاق الذي اعتبره ترمب الأسوأ في تاريخ الولايات المتحدة.

وفي مايو/ أيار السابق، استطاع ترمب تنفيذ رغبته بانسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني، وفرض حزمة من العقوبات الاقتصادية القاسية على طهران.

ولم يكن الاتفاق النووي الإيراني الاتفاق الوحيد الذي يبرمه أوباما وينسحب منه ترمب؛ ففي 2016، انسحبت واشنطن من اتفاق الشراكة عبر المحيط الهادي، وفي 2017 انسحبت من اتفاقية باريس للمناخ.

استمرار العقوبات الأمريكية بهذا الشكل سيدعم موقف المتشددين داخل النظام السياسي الإيراني، وسيضعف السياسات المعتدلة التي يتبناها الرئيس روحاني

عماد أبشناس - محلل سياسي إيراني

بين السطور: أكدت الدول الأوروبية في البداية التزامها بالاتفاق النووي الإيراني حتى بعد انسحاب الولايات المتحدة منه، إلا أن تطورات حدثت في الفترة الأخيرة جعلت الدول الأوروبية تغيّر خطابها تجاه إيران.

ووصل الأمر إلى إطلاق دبلوماسيين أوروبيين، في 18 يناير/كانون الثاني الجاري، تصريحات قالوا فيها إن "صبر أوروبا بدأ ينفد بسبب التجارب الصاروخية التي تجريها طهران وقيامها باغتيالات بحق معارضين على الأراضي الأوروبية".

جاء رد الفعل الأوروبي بعد اجتماع ضمّ مسؤولين إيرانيين ودبلوماسيين أوروبيين في طهران، وانسحب منه الإيرانيون بسبب تصاعد حدة الخلاف حول التجارب الصاروخية.

وفرض الاتحاد الأوروبي، في وقت سابق من الشهر الجاري، على طهران عدداً من العقوبات الاقتصادية، ورغم أنها عقوبات رمزية، فإنها تعد الأولى منذ توقيع الاتفاق النووي.

ما التالي: قال المحلل السياسي الإيراني عماد أبشناس إن “تصريحات روحاني الأخيرة هدفها التأكيد أن الولايات المتحدة هي من أخلت بتعهداتها وليس إيران، وبالتالي فإن واشنطن هي المسؤولة عن تردي الأوضاع الاقتصادية“، لافتاً إلى أن معارضي روحاني في الداخل يؤكدون أن الجمهورية الإسلامية تعرضت في الماضي لعقوبات أقسى من الحالية، ولكن الأمور لم تكن بهذا السوء.

وأضاف أبشناس في حديث لـTRT عربي، “استمرار العقوبات الأمريكية بهذا الشكل سيدعم موقف المتشددين داخل النظام السياسي الإيراني، وسيضعف السياسات المعتدلة التي يتبناها الرئيس روحاني“.

وقال المحلل السياسي الإيراني حول تغير الموقف الأوروبي، إن “أوروبا لا تحتمل الضغوط الأمريكية وتسير في فلك الولايات المتحدة في نهاية المطاف، لذلك لم تعوّل إيران كثيراً على الأوروبيين“، وتابع “الأوروبيون، منذ البداية، لم يدعموا الاتفاق النووي سوى بالكلام فقط“.

TRT عربي
الأكثر تداولاً