أعلنت الإمارات والسعودية في 21 أبريل/نيسان الماضي تقديم دعم مالي قيمته 3 مليارات دولار للخرطوم (وكالة السودان للأنباء)
تابعنا

يمضي قادة المجلس العسكري الانتقالي في السودان قدماً فيما يتعلق بزياراتهم إلى عدّة دول عربية، أهمها مصر والسعودية والإمارات، على الرغم من حالة الغضب والاستنكار التي تثيرها تلك الزيارات على صعيد شعبي، والاتهمات الموجهة للمجلس بزيارة دول دون أخرى.

المجلس العسكري ومن خلال زيارته الخارجية، يُرسل رسائل مختلفة قد تحمل إشارات إلى فرض حالة الأمر الواقع على المشهد السياسي الداخلي والخارجي للسودان، في وقت تشهد فيه البلاد توتراً كبيراً منذ عزل عمر البشير في 11 أبريل/نيسان الماضي، وتطالب فيه الجماهير بمجلس سيادي بأغلبية مدنية وليست عسكرية.

من جانب آخر، أعلنت قوى الحرية والتغيير بدء الإضراب في المؤسسات والشركات الخاصة والعامة والقطاعات المهنية والحرفية لمدة يومين، على الرغم من تهديدات نائب رئيس المجلس العسكري الفريق أول محمد حمدان دقلو الملقب بحميدتي، بفصل كل من يشارك في الإضراب من عمله.

ويستمر محتجون سودانيون في استعدادهم للإضراب ساخرين من تهديدات حميدتي، إذ أطلقوا حملة بعنوان "حميدتي تعال افصلني".

الإضراب الذي من المقرر أن يبدأ، الثلاثاء، يأتي في ظل توقف مفاوضات المعارضة مع المجلس العسكري الانتقالي، وهو أمر أكده تجمع المهنيين السودانيين، الإثنين، الذي وضّح أن المفاوضات "توقفت توقفاً مرهوناً بموافقة المجلس على ضرورة أن تكون رئاسة مجلس السيادة دورية بين المدنيين والعسكريين".

وتأتي دعوات المجلس العسكري إلى عدم الالتزام بالإضراب ومطالبة الموظفين بالانضباط، لتقليل فرص نجاحه، لأن هذا الإضراب وبخلاف الإضرابات السابقة من المتوقع أن يشهد لأول مرة مشاركة جهات في القطاع العام والحكومي، حسب ما أفاد به الباحث السياسي ماهر أبو جوخ لـTRT عربي.
وبخصوص جولات المجلس العسكري الخارجية، أكد أبو جوخ "عدم وجود معلومات حتى اللحظة عن محتوى ما دار في الجولات الثلاث الأخيرة، لكن الواضح أن المجلس أعلن انحيازه بشكل كامل للتحالف العربي الذي تقوده السعودية والإمارات ومصر".

جولات أم مطبات؟

تحت شعار بحث "التعاون الثنائي والأحداث الإقليمية"، أجرى نائب رئيس المجلس العسكري محمد حمدان دقلو، الخميس، أول زيارة خارجية له إلى السعودية، التقى خلالها ولي العهد محمد بن سلمان.

حميدتي أقحم في هذه الزيارة بلاده التي لم تخرج بعد من أزمتها، بشؤون أخرى، إذ أبدى استعداد الخرطوم للوقوف إلى جانب الرياض ضد "التهديدات الإيرانية"، كما أكد بقاء القوات السودانية في اليمن.

وفي خضم إبداء حميدتي "كامل الاستعداد للدفاع عن أرض الحرمين"، وتأكيده بقاء القوات السوادنية في اليمن من أجل القتال لهذا الهدف"، خرج رئيس المجلس العسكري الانتقالي السوداني عبد الفتاح البرهان إلى القاهرة من أجل لقاء الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في زيارة هي الأولى له منذ توليه منصبه، عقب عزل الرئيس عمر البشير.

وقال المتحدث باسم المجلس العسكري بالسودان شمس الدين كباشي، الأحد، إن السيسي أكد وقوف بلاده ودعمها لأمن واستقرار السودان، وأنه من خلال رئاسته للاتحاد الإفريقي سيبذل مزيداً من الجهود لمعالجة الوضع في السودان.

استقبال السيد الرئيس مساء اليوم بقصر الاتحادية الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، رئيس المجلس العسكري الانتقالي السوداني

Posted by ‎المتحدث الرسمي لرئاسة الجمهورية-Spokesman of the Egyptian Presidency‎ on Saturday, 25 May 2019

البرهان أكمل جولته حتى وصل إلى الإمارات العربية المتحدة والتقى ولي العهد محمد بن زايد، ليعلن المجلس العسكري إثرها، الإثنين، دعمه لأبو ظبي وتضامنه معها بعد الهجمات التي تعرضت لها مؤخراً سفن بمياهها الاقتصادية قرب إمارة الفجيرة.

تأكيد المجلس العسكري السوداني على لسان المتحدث الرسمي باسمه، حق الإمارات في الدفاع عن نفسها، ووقوفه إلى جانب السعودية ضد إيران، جاء في وقت أودعت فيه السعودية قبل أيام 250 مليون دولار في المصرف المركزي السوداني في إطار حزمة مساعدات تعهّدت بها المملكة للسودان، فيما سبق لها إلى جانب الإمارات أن أعلنتا في 21 أبريل/نيسان الماضي تقديم دعم مالي قيمته 3 مليارات دولار للخرطوم.

التلويح بالتهديدات الأمنية

بعد جولة الزيارات، وجه المجلس العسكري وابلاً من الاتهامات إلى جهة لم يحددها، لكنه حذر من قيامها بممارسات تخل بالأمن في الخرطوم على سياق ما حدث في إقليم دارفور.

هذا الحديث عن التهديدات الأمنية تحديداً في ولاية الخرطوم "ليس له أي مبرارت منطقية، في وقت تشهد فيه الخرطوم استقراراً أمنياً واجتماعياً" بحسب الناشط في تجمّع القوى المدنية في السودان محمد قبّاس.

قبّاس قال لـTRT عربي، إن "المجلس العسكري يبحث عن مبررات لتأخيره عن تسليم السلطة للمدنيين، أو الانتهاء من الاتفاق الذي قطع فيه شوطاً كبيراً مع قوى الحرية والتغيير، ويبدو أن لديه أجندات غير واضحة يفرض من خلالها مبررات لتمديد أجل بقائه في السلطة منفرداً بمعزل عن مكونات قوى الحرية والتغيير، ويتعامل بسياسة الأمر الواقع ويفرض خطاباً سياسياً من أجل التخويف".

جولات لتثبيت النفوذ

جولات المجلس العسكري وعدم النأي بالنفس عن التدخل في شؤون الدول الأخرى، على حساب الانشغال بمشكلات السودان الداخلية، قد تُدخل الخرطوم في صراع جديد يعمق الأزمة الداخلية، في وقت تُفهم فيه هذه الجولات على أنها تثبيت لنفوذ المجلس والتفرد في السلطة، كما يرى مراقبون.

محمد قبّاس رأى أن المجلس العسكري يتعامل على أن وجوده "أمر واقع"، ويحاول الإنفراد بالسلطة، وقد أكدت زيارات قادة المجلس للسعودية والإمارات ومصر هواجس دار حولها الحديث سابقاً، عن دول تدعم المجلس العسكري سراً ابتغاء مصالحها".

وأضاف "أصبحت رحلة البحث عن المبررات لإطالة أمد بقاء المجلس في السلطة واضحة، في وقت بدأت فيه هذه الدول تغازل قوى المعارضة، وعلى رأسها تجمع المهنيين الذي قُدمت دعوة له من قبل السفارة السعودية، لإيجاد صيغة من التفاهمات حول المستقبل".

TRT عربي
الأكثر تداولاً