القاهرة والخرطوم تتخوفان من إقدام أديس أبابا على اتخاذ قرارات أحادية بعد فشل المفاوضات الأخيرة حول أزمة سد النهضة (Getty Images)
تابعنا

لا تزال أزمة سد النهضة الإثيوبي تراوح مكانها، بعد فشل آخر جولة من المفاوضات المستمرة منذ سنوات، في التوصل إلى اتفاق بين مصر والسودان وإثيوبيا، الأسبوع الماضي.

صورٌ جديدة

انتشرت الثلاثاء، صور جديدة التُقِطت بالأقمار الصناعية، وتُظهِر ارتفاع منسوب المياه في البحيرة الواقعة خلف سد النهضة، ما أثار شكوكاً حول بدء أديس أبابا في تنفيذ وعودها في بدء ملء خزان السد في يوليو/تموز الجاري، حتى من دون التوصل إلى اتفاق مع دولتي المصب، السودان ومصر.

إلا أن محللين رجّحوا أن يكون السبب هو الأمطار الموسمية وليس الإجراءات الحكومية.

يأتي ذلك في الوقت الذي تقول فيه إثيوبيا ومصر والسودان إن جولة المحادثات الأخيرة حول السد انتهت الاثنين، دون اتفاق.

في هذا الصدد، يقول المحلل في مجموعة الأزمات الدولية ويليام دافيسون، في تصريحات لوكالة أسوشيتد برس، الثلاثاء إن سبب ارتفاع منسوب المياه في البحيرة التي التقط القمر الصناعي سنتينل -1 التابع لوكالة الفضاء الأوروبية، صوراً لها في 9 يوليو/تموز، من المرجح أن تكون "زيادة طبيعية للمياه خلف السد" خلال موسم الأمطار الجاري.

ويضيف دافيسون أنه "حتى الآن، على حد علمي، لم تعلن إثيوبيا رسمياً أن جميع أجزاء البناء اللازم الانتهاء منها لإغلاق جميع المنافذ والبدء في حجز المياه في البحيرة قد انتهت"، مشيراً مع ذلك، إلى أن إثيوبيا حددت منتصف يوليو/تموز، عندما يغمر موسم الأمطار النيل الأزرق، لبدء حجز المياه.

من جانبهم لم يعلق المسؤولون الإثيوبيون حتى اللحظة، على الصور.

فشل آخر.. ما السبب؟

بعد سنوات من المحادثات المتعثرة مع مجموعة متنوعة من الوسطاء، بما في ذلك إدارة ترمب الأمريكية، لم يكن مصير جولة المفاوضات الأخيرة التي أجريت الأسبوع الماضي، بوساطة الاتحاد الإفريقي ومراقبة مسؤولين أمريكيين وأوروبيين، مختلفاً عن مصير المفاوضات السابقة، إذ لم تتمكن الأطراف المتفاوضة من التوصل إلى اتفاق.

وقال سيليشي بيكيلي وزير المياه والري والطاقة الإثيوبي، في تغريدة على تويتر، إنه "على الرغم من التقدم المحرز، لم يُتوصل إلى اتفاق نهائي".

بدوره قال وزير الخارجية المصري سامح شكري الاثنين، في مقابلة مع قناة DMC المصرية، إن "جميع الجهود المبذولة للتوصل إلى حل لم تسفر عن نتائج".

وحذّر شكري من أن مصر قد تضطر إلى مناشدة مجلس الأمن الدولي مرة أخرى للتدخل في النزاع، وهو احتمال ترفضه إثيوبيا، مفضِّلة الهيئات الإقليمية مثل الاتحاد الإفريقي للوساطة في القضية.

وقال وزير الري السوداني ياسر عباس، في مؤتمر صحفي أمس الاثنين، إن الأطراف "حريصة على إيجاد حل"، لكن الخلافات الفنية والقانونية مستمرة بشأن ملئه وتشغيله.

وقال إن أهم الأسئلة هي المتعلقة بكمية المياه التي ستطلقها إثيوبيا في اتجاه المصب في حالة حدوث جفاف لعدة سنوات، وكيف سيحل البلدان أي نزاعات مستقبلية.

وخلال فترة المباحثات، صرّحت مصادر دبلوماسية مصرية لموقع العربي الجديد، بأن "القرار الإثيوبي سياسي وليس فنياً، إذ إن جميع الصياغات التي اقترحتها مصر لا تختلف كثيراً عما طرحه السودان في مفاوضات الشهر الماضي، كما أنها تمثل تراجعاً محدوداً" عمّا اتُّفق عليه في واشنطن خلال مفاوضات فبراير/شباط الماضي،

ولفتت المصادر التي لم تكشف عن هوياتها، إلى أن المفاوضين الإثيوبيين أنفسهم لم تكن لديهم اعتراضات فنية موضوعية ملحوظة خلال الاجتماعات الأخيرة، "بل اقتصرت التعقيبات على طلبات التأجيل".

ديكتاتوري المفضّل

في سياق متصل نشرت وكالة بلومبيرغ في 10 يوليو/تموز الجاري، تقريراً تحدّث عن الأثر السلبي، لوساطة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب على مفاوضات سد النهضة المتعثرة أصلاً، قبل تدخل واشنطن.

وحسب التقرير فإن الرئيس الأمريكي وافق على التوسط في المفاوضات، بعد أن طلب منه نظيره المصري عبد الفتاح السيسي ذلك في سبتمبر/أيلول الماضي، إلا أن العلاقات الجيدة بين الحكومة المصرية وإدارة دونالد ترمب الذي أطلق في وقت سابق على السيسي "ديكتاتوري المفضل"، جعل القادة الأفارقة يشعرون أن الولايات المتحدة لن تكون وسيطاً نزيهاً.

على صعيدٍ آخر، يشير التقرير إلى أن تعامل ترمب مع أزمة سد النهضة يثير التساؤلات داخل الولايات المتحدة نفسها، لا سيما وأن ترمب تخطي وزارة الخارجية وطلب من وزير الخزانة ستيفن منوشين إدارة المحادثات، فقط لأنه كان حاضراً الاجتماع الذي طلب فيه السيسي تدخل الرئيس الأمريكي في الأزمة.

وفي 3 يوليو/تموز الجاري، جرى استئناف الاجتماعات الثلاثية عبر تقنية الفيديو، بين وزراء المياه في الدول الثلاث، لبحث التوصل إلى اتفاق بشأن ملء وتشغيل السد الذي تتمسك إثيوبيا بملئه وتشغيله خلال الشهر الجاري، فيما ترفض مصر والسودان إقدام أديس أبابا على هذه الخطوة قبل التوصل إلى اتفاق.

وتخشى مصر المساس بحصتها السنوية من مياه نهر النيل، البالغة 55.5 مليار متر مكعب، وتطالب باتفاق حول ملفات، بينها أمان السد، وتحديد قواعد ملئه في أوقات الجفاف، فيما تقول أديس أبابا إنها لا تستهدف الإضرار بمصالح مصر والسودان، وإن الهدف من بناء السد توليد الكهرباء ودعم جهود التنمية.

صور أقمار صناعية تُظهر ارتفاع منسوب المياه في البحيرة الواقعة خلف سد  النهضة (AP)
TRT عربي
الأكثر تداولاً