سنة 2020 تشهد تحركاً دبلوماسياً قوياً في ليبيا ساهم في جلوس جميع الأطراف إلى طاولة الحوار (AA)
تابعنا

شهدت سنة 2020 نشاطاً دبلوماسياً مغربياً مكثفاً للمساهمة في حل الأزمة الليبية، ساهم في التهدئة على جبهات القتال، مع ترجيح باستمرار هذا الجهد بالتضافر مع مساعي دول أخرى لإنهاء النزاع في البلد الغني بالنفط.

واحتضنت مدينة بوزنيقة شمالي المغرب ثلاث جولات للحوار بين المجلس الأعلى للدولة الليبي ومجلس نواب طبرق، فيما عُقدت جولة رابعة في مدينة طنجة (شمال)، إضافة إلى اجتماع تشاوري لتوحيد مجلس النواب بشقيه.

وبموازاة المغرب، تبذل دول أخرى بينها تونس ومصر جهوداً لحل أزمة جارتهما، عبر إجراء اتصالات وعقد لقاءات واستضافة جولات حوار، منها أول اجتماع مباشر لملتقى الحوار السياسي الليبي بتونس في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، برعاية الأمم المتحدة.

الصخيرات.. البداية

​​​​​​​إلى عام 2015 يعود ارتباط المغرب بالملف الليبي، فبرعاية الأمم المتحدة، وقّع طرفا النزاع في 17 ديسمبر/كانون الأول من العام ذاته، اتفاقاً سياسياً بمدينة الصخيرات، في محاولة لإنهاء سنوات من الصراع المسلح.

وبدعم من دول عربية وغربية، ينازع الجنرال الانقلابي خليفة حفتر الحكومة الليبية المعترَف بها دولياً على الشرعية والسلطة، مما أسقط قتلى بين المدنيين، بجانب دمار مادي هائل.

ونتج عن اتفاق الصخيرات تشكيل مجلس رئاسي يقود حكومة الوفاق، إضافة إلى التمديد لمجلس النواب، وإنشاء مجلس أعلى للدولة.

لكن حفتر سعى طوال سنوات لتعطيل وإسقاط الاتفاق.

وشنت مليشيا حفتر في 4 أبريل/نيسان 2019، هجوماً للسيطرة على العاصمة طرابلس (غرب)، مقر الحكومة الشرعية.

وعلى وقع سلسلة انتصارات للجيش الليبي مكّنته من طرد مليشيا حفتر من طرابلس في 4 يونيو/حزيران 2019 ثم من مدن أخرى، تصاعدت تحركات دبلوماسية لاستئناف العملية السياسية.

وفي نهاية يوليو/تموز الماضي، زار كل من رئيس المجلس الأعلى للدولة الليبي خالد المشري، ورئيس مجلس نواب طبرق (شرق) عقيلة صالح (مُوالٍ لحفتر)، الرباط في اليوم نفسه، لكنهما لم يعقدا اجتماعاً معاً، بل لقاءات منفصلة مع مسؤولين مغاربة.

وفي أغسطس/آب الماضي، أعلن المشري استعداده للقاء عقيلة في المغرب "علناً وبضمانات دولية".

وقال المشري إن "جهوداً تُبذل من طرف المغرب، تحت رعاية الملك محمد السادس، للدفع بالجهود الدبلوماسية لحل الأزمة الليبية".

ويسود ليبيا منذ 21 أغسطس/ آب الماضي، وقف لإطلاق النار أعلنه كل من حكومة الوفاق ومجلس نواب طبرق، إلا أن مليشيا حفتر تنتهكه من آن إلى آخر، وتستمرّ في تحشيد المرتزقة والأسلحة، وفق الحكومة.

بوزنيقة وطنجة

في 6 سبتمبر/أيلول الماضي، انطلقت جولات حوار بين وفدين من المجلس الأعلى للدولة ومجلس نواب طبرق.

وعُقدت ثلاث جولات من الحوار في بوزنيقة، الأولى بين 6 و10 سبتمبر/أيلول، والثانية من 2 إلى 6 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أما الثالثة فبين 3 و5 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

فيما احتضنت طنجة جولة رابعة، بين نهاية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي و2 ديسمبر/كانون الأول الجاري، بحثت معايير اختيار شاغلي المناصب السيادية، وهو المحور الذي يقتصر عليه الحوار الليبي في المغرب.

ووفق المادة "15" من اتفاق الصخيرات، تتمثل المؤسسات السيادية في محافظ مصرف ليبيا المركزي، ورئيس ديوان المحاسبة، ورئيس جهاز الرقابة الإدارية، ورئيس هيئة مكافحة الفساد، ورئيس وأعضاء المفوضية العليا للانتخابات، ورئيس المحكمة العليا والنائب العام.

كما احتضنت طنجة بين 23 و28 نوفمبر/تشرين الثاني، أعمال الاجتماع التشاوري لتوحيد مجلس النواب الليبي، بحضور أكثر من 120 نائباً من طرابلس وطبرق.

واتفق النواب، وفق بيان ختامي، على عقد جلسة موحدة لمجلس النواب في مدينة غدامس الليبية (جنوب غرب).

تصفير الخلافات

نبيل زكاوي، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة سيدي محمد بن عبد الله (حكومية) في مدينة فاس (شمال)، يقول للأناضول إن "سنة 2020 شهدت تنشيطاً لدبلوماسية الوساطة المغربية لحل الأزمة الليبية، تحت رعاية الأمم المتحدة".

ويتابع: "احتضان البلاد أربع جولات من الحوار بين أطراف النزاع، يؤكد استمرار ثقتهم وثقة الأمم المتحدة بقدرة المغرب على تصفير الخلافات بين المتحاورين، عبر إيجاد حل نهائي للأزمة بناء على مكتسبات جولات الحوار".

ويرجع هذا الدور إلى أن "المغرب حريص على أن يكون صانعاً للسلام، ليس في ليبيا فحسب، بل في منطقة المغرب العربي ككل".

وتضمّ المنطقة المغاربية خمس دول: المغرب، وليبيا، والجزائر، وتونس، وموريتانيا.

ويردف: "النفَس الذي يتحرك به البلد تجاه هذه الأزمة هو إقليمي بالدرجة الأولى، فالمردود السياسي لحل الأزمة سيعم لا محالة على دول الجوار، وسيعيد فتح قوس حلم بناء مغرب عربي موحد، بعد أن يستتبّ الأمن والاستقرار في إحدى دوله (ليبيا)، التي انزلقت إلى درك الدول الفاشلة".

ويرى زكاوي أن "طيّ ملفّ الأزمة الليبية مستقبلاً على أرض المغرب، يمكن أن يرتقي بوزن المملكة الإقليمي، عبر تبلوُر قوة ناعمة ناشئة قادرة على التأثير في ملفات وقضايا دولية".

وتتواصل حاليا اجتماعات ملتقى الحوار السياسي الليبي عبر تقنية الاتصال المرئي، بمشاركة بعثة الأمم المتحدة في ليبيا.

كما تتواصل اجتماعات لجنة قانونية مكلفةٍ المشاركةَ، مع لجنتين من المجلس الأعلى للدولة ومجلس النواب، في إعداد قانون لإجراء انتخابات عامة اتفق الفرقاء الليبيون، في تونس، على إجرائها في 24 ديسمبر/كانون الأول 2021.

أدوار أكبر

سلمان بونعمان، أستاذ العلوم السياسية بجامعة سيدي محمد بن عبد الله (حكومية) في فاس، يعتبر أن "الرباط احتضنت ورعت الفرقاء الليبيين لتدبير الأزمة بكل حيادية ونزاهة، على الرغم من نسف اتفاق الصخيرات".

ويضيف بونعمان للأناضول أن "البلاد كسبت احترام طرفَي الأزمة، لذلك ستستمرّ في لعب أدوار أكبر لتقريب وجهات النظر خلال 2021، بمنطق التوافق والتشارك والتعاون".

ويستطرد: "البلاد ستواصل مساعيها لحل الأزمة الليبية من منطلق إيمانها الراسخ بأن استقرار منطقة شمال إفريقيا هو من استقرار ليبيا، بخاصة في ظلّ تحدي التدخل الخارجي وصراع إرادات إقليمية ودولية في الرقعة الليبية".

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً