تجمع تركيا بالعديد من المدن الإفريقية روابط تجارية وسياسية وعسكرية عميقة.  (Aa/AA)
تابعنا

مثّل عام 2011 نقطة تحول في العلاقات التركية الإفريقية، عندما قام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بزيارة الصومال بصحبة وفد رسمي يضم رجال أعمال ومسؤولي إغاثة وجمعيات خيرية إسلامية، وكانت زيارته هي الأولى لزعيم غير إفريقي منذ عقدين، وكانت تلك بداية تحول تركيا نحو إفريقيا وبناء شراكة اقتصادية وسياسية واستراتيجية عميقة معها.

يلفت تقرير نشرته صحيفة "الإيكونومست" لعمق هذه العلاقات منذ عام 2011 وحتى اليوم، ففي العاصمة مقديشو يضم مستشفى "رجب طيب أردوغان" 47 سريراً للعناية المركزة، وهو أكثر من أي مستشفى آخر في الصومال بأكملها.

ترميم وتشغيل الميناء في مقديشو تتولاه شركة تركية، وأخرى تدير فندقاً ومطاراً دولياً ينظم رحلات جوية يومية إلى إسطنبول، كما أصلحت الشركات التركية الطرق الرئيسية في المدينة ومبنى البرلمان أيضاً.

ليس ذلك فقط، فقد قام الضباط الأتراك أيضاً بتدريب وتسليح أكثر من 5 آلاف جندي صومالي وعناصر شرطة، في أكبر قاعدة عسكرية أجنبية بالصومال.

كما أشار التقرير إلى عامل مهم ساعد في تعميق العلاقات التركية الإفريقية، وهو عامل الوحدة الدينية، الذي يصفه رجل الأعمال الصومالي قدير محمود بقوله: "إحدى مزايا كونك تركياً تكون في الصومال، هو دخولك إلى المساجد وتأديتك الصلاة مثل أي مواطن صومالي آخر".

ارتفع حجم البعثات التركية في إفريقيا من 12 فقط عام 2009 إلى 43 العام الجاري، كما زاد عدد المدن الإفريقية التي تصل إليها الخطوط الجوية التركية من 4 فقط عام 2004، إلى أكثر من 40 مدينة حالياً.

أما حجم التبادل التجاري بين تركيا والقارة الإفريقية، فقد وصل إلى 29 مليار دولار العام الماضي، 11مليار منهم في منطقة جنوب الصحراء، وهي زيادة تقترب من ثمانية أضعاف التبادل التجاري عام 2003.

تمكنت تركيا من منافسة الهيمنة الغربية والصينية في إفريقيا، فقد دخلت مجال البنى التحتية، ودخلت الشركات التركية في مشاريع إفريقية لبناء المطارات والملاعب والمساجد بقيمة 78 مليار دولار وفق صحيفة "الإيكونومست"، والعام الماضي منحت تنزانيا عقداً بقيمة 1.9 مليار دولار لشركة تركية، بهدف بناء خط سكك حديد جديد.

وشهد المجال العسكري ازدهاراً غير مسبوق، فقد وقعت تركيا اتفاقيات عسكرية لتبادل الخبرات مع عدة دول إفريقية، آخرها نيجيريا والسينغال وتوغو.

وفي مجال بيع الأسلحة والصناعات الدفاعية الذي تتقدم فيه تركيا بسرعة، ارتفعت مبيعات الأسلحة التركية لإفريقيا العام الماضي حتى وصلت إلى 328 مليون دولار، وتحديداً بيع المسيرات التي تنافس بها تركيا في السوق العالمية.

ورغم أن الصومال ترغب في تنويع الأسلحة التي تحصل عليها من تركيا، فإنه لا يمكن ذلك بسبب الحظر الذي تفرضه عليها الأمم المتحدة.

يقول وزير الدفاع الصومالي محمد نور "تركيا تقدم لنا كل ما يمكن تقديمه، لكن ليس بوسعها في الوقت الحالي سوى أن تمنحنا أسلحة محدودة".

وعكس الولايات المتحدة، لا تتدخل تركيا في طرق استخدام الأسلحة داخل القارة الإفريقية، ما منحها المزيد من الثقة هناك، وهو ما وصفه وامكيلي مين، الأمين العام لمنطقة التجارة الحرة الإفريقية: "تركيا تأتي إلينا بدون أي أعباء استعمارية على الإطلاق".

وعلى جانب آخر، ما زالت القوى الغربية تهيمن على القارة الإفريقية، فهناك نحو 6 آلاف جندي أمريكي ينتشرون في إفريقيا، ونحو 5 آلاف جندي فرنسي معظمهم في منطقة الساحل، فيما ذكر استطلاع رأي تابع لصحيفة "إيكونومست" أن 72% من الكينيين و58% من النيجيريين، يعتبرون أمريكا الشريك الأمني الأعلى موثوقية.

رغم ذلك، يبدو أن تركيا مصممة على أن تكون لاعباً أساسياً في إفريقيا وصولاً إلى "نظام عالمي أكثر عدلاً" على حد وصف الرئيس التركي.

يعلق وزير الدفاع الصومالي قائلاً: "في الوقت الحالي نحن أكثر احتياجاً، لكن عندما تتاح لنا الفرصة، سنمنح أصدقاءنا الأتراك ما لا نمنحه غيرَهم"، وتابع "فقد ساعدونا عندما كنا في أمسّ الحاجة إلى ذلك"، وفق حديثه لصحيفة "الإيكونومست".

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً