تغطي المستوطنات نحو 10% من أراضي الضفة الغربية (activestills)
تابعنا

لم يتوقف التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية منذ سنوات، وبات يهدد قيام دولة فلسطينية على أراضي الـ67 التي تضاعف فيها عدد المستوطنات الإسرائيلية بشكل أصبح من غير المنطقي مع إقامة دولة داخل أخرى.

ويؤكد خبراء أن البناء الاستيطاني لم يتوقف في جميع المستوطنات، بل أصبحت مساحة بعضها تفوق مساحة المدن الفلسطينية، كما هو الحال في مستوطنة أرئيل، وهي من أكبر المستوطنات في الضفة الغربية، التي يؤكّد رئيس بلدية سلفيت عبد الكريم زبيدي، أن عمليات البناء فيها مستمرة يوميّاً، حتى إن مساحتها أصبحت أكبر من مساحة مدينة سلفيت، حسب تصريحاته لوكالة الأناضول.

وذكرت حركة "السلام الآن" الإسرائيلية المعنية بمراقبة الاستيطان في الأراضي الفلسطينية، في تقرير لها نهاية الشهر الماضي، أن "المجلس الأعلى للتخطيط في الإدارة المدنية الإسرائيلية، الذراع التنفيذية لوزارة الدفاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة، صدّق على هذه الوحدات في جلسة عقدها في العاشر من الشهر الماضي".

ومع كل بناء جديد في المستوطنات يخسر الفلسطيني جزءاً من أرضه، وتعزّز إسرائيل البناء الاستيطاني يوميّاً، وتنكّل بالمواطنين عبر سياسة الهدم ومنع رعي الأغنام في الأراضي، والتدريبات العسكرية، لدفعهم إلى الرحيل.

دعم أمريكي

تجري عمليات التوسع الاستيطاني على قدم وساق، وتتخذ الحكومة الإسرائيلية قرارات بناء جديدة دوريّاً، بالتوازي مع المواقف الأمريكية الداعمة لها، إذ تغضّ إدارة الرئيس الأمريكية دونالد ترمب الطرف عن النشاط الاستيطاني، حتى إن وزارة الخارجية الأمريكية وقفت في إبريل/نيسان 2018 استخدام تعبير "الأراضي المحتلة"، في إشارة إلى الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية وقطاع غزة.

يأتي هذا الدعم رغم اعتبار الإدارات الأمريكية السابقة، الاستيطان عقبة في طريق "التسوية" السياسية التي تضرب إسرائيل بها عرض الحائط، معلنة تشبثها بالمستوطنات والتلويح بضمّ 60% من مساحة الضفة الغربية.

وذكرت حركة "السلام الآن" في تقريرها أن إسرائيل، صعّدت الاستيطان منذ وصول الرئيس الأمريكي دونالد ترمب إلى البيت الأبيض قبل نحو 3 سنوات، إذ صُدّق على ما معدله 6989 وحدة سنويّاً، أي ما يقرب من ضعف متوسط ​​الوحدات السكنية في السنوات الثلاث التي سبقتها والتي كانت 3635 وحدة سكنية.

يقيم نحو 653,621 مستوطناً في 150 مستوطنة و116 بؤرة استيطانية، في الضفة الغربية المحتلة ومدينة القدس، 47% منهم في محيط القدس

جهاز الإحصاء المركزي الفلسطيني

وتغطي المستوطنات نحو 10% من أراضي الضفة الغربية، فيما تسيطر إسرائيل على 18% من أراضي الضفة الغربية بدواعٍ عسكرية، في حين يعزل الجدار نحو 12% من أراضي الضفة الغربية، حسب آخر الإحصائيات الصادرة عن جهاز الإحصاء المركزي الفلسطيني.

وتستغلّ إسرائيل تقسيم الضفة الغربية إلى ثلاث مناطق، وفق اتفاق أوسلو الموقَّع عام 1995مع منظمة التحرير الفلسطينية، لإحكام السيطرة على 60% من أراضي الضفة الغربية المصنفة "ج"، وتخضع لسيطرتها الأمنية والإدارية.

رفض دولي للاستيطان

الحكومة الفلسطينية طالبت المجتمع الدولي بالتدخل لكبح الاستيطان، فقد حذرت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، حنان عشراوي، في تصريحات لوكالة الأناضول في أغسطس/آب الماضي، من أنه "إذا لم يتدخل المجتمع الدولي ويخضع إسرائيل للمساءلة، فلن يردعها شيء وستستمر في انتهاكاتها ومخططاتها الاستيطانية".

وعلقت على الغطاء الأمريكي قائلة إنه "يشجع إسرائيل على التصعيد المجنون الأهوج في بناء المستوطنات وضم الأراضي الفلسطينية، والقضاء على احتمالات السلام، أو أي احتمال لإقامة دولة فلسطينية".

ويخالف الاستيطان القانون الدولي، بدليل إصدار مجلس الأمن في 23 ديسمبر/كانون الأول 2016 القرار رقم 2334، الذي يطالب بـ"وقف فوري للأنشطة الاستيطانية كافة في الأراضي الفلسطينية المحتلة".

الموافقة على خطط الاستيطان جزء من سياسة حكومية كارثية تهدف إلى منع السلام وحل الدولتين، وضمّ بعض أو كل الضفة الغربية

منظمة "السلام الآن" الإسرائيلية

وأعربت الخارجية التركية في بيان الأربعاء، عن رفضها قرار إسرائيل بناء أكثر من ألفَي وحدة استيطانية جديدة في الضفة الغربية المحتلة، وأشارت إلى أن "زيادة العدد الإجمالي للوحدات السكنية الإضافية، التي صدّقَت عليها السلطات الإسرائيلية في 2019، بمقدار النصف تقريباً مقارنة بالعام الماضي، مؤشر ملموس على هدف إسرائيل المتمثل في تدمير رؤية حل الدولتين".

من جانبها أدانت بريطانيا مضيّ إسرائيل مؤخراً في خططها لبناء أكثر من 2,300 وحدة سكنية في أنحاء الضفة الغربية.

ونشرت القنصلية البريطانية في القدس عبر حسابها في فيسبوك، أن المستوطنات غير قانونية بموجب القانون الدولي، وتحد من إمكانية الوصول إلى حل الدولتين، مبيّنة أن المملكة المتحدة تطالب إسرائيل بوقف هذا الإجراء الذي يؤتي نتائج عكسية.

واعتبر الاتحاد الأوروبي سياسة الاستيطان الإسرائيلية في الأرض الفلسطينية المحتلة "غير قانونية"، قائلاً في بيان صحفي إن "موقف الاتحاد الأوروبي من سياسة الاستيطان الإسرائيلية في الأرض الفلسطينية المحتلة واضح ويظل دون تغيير، كل النشاط الاستيطاني غير قانوني بموجب القانون الدولي ويقوض قابلية حل الدولتين للحياة واحتمالات السلام الدائم، كما أكّده قرار مجلس الأمن 2334".

تدين #المملكة_المتحدة🇬🇧 مضي #إسرائيل🇮🇱 مؤخرا في خططها لبناء أكثر من 2,300 وحدة سكنية في أنحاء...

Posted by UK in Jerusalem on Wednesday, 6 November 2019

ودعا الاتحاد الأوروبي إسرائيل إلى "إنهاء جميع الأنشطة الاستيطانية، تماشياً مع التزاماتها كقوة محتلة، مؤكداً أنه "سيواصل دعمه لاستئناف عملية هادفة نحو حل الدولتين عن طريق التفاوض، وهو السبيل الواقعي الوحيد القابل للتطبيق لتحقيق الطموحات المشروعة لكلا الطرفين".

"وعد إلهي"

على الرغم من كل الإدانات الدولية والفلسطينية لسياسة الاستيطان، فإن الاحتلال الإسرائيلي ما زال يواصل سياسة قضم الأرض، ساعياً لإضفاء صبغة دينية على انتهاكاته، إذ اعتبر نائب مستشار الأمن القومي الإسرائيلي رؤوفين عازر أن الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة هو "تحقيق لوعد إلهي".

ونقلت صحيفة هآرتس الإسرائيلية الخميس عن عازر، زعمه أن "انبعاث الشعب اليهودي في أرض إسرائيل، هو وعد إلهي يتحقق"، واستخدم عازر التعبير التوراتي للضفة الغربية، قائلاً إن "عودة اليهود إلى يهودا والسامرة ليست نقمة، إنها نعمة لجميع سكان المنطقة"، رافضاً دعوات إجلاء المستوطنين.

وتنتشر المستوطنات على رؤوس الجبال أو فوق الأحواض المائية، واستخدمت إسرائيل مجموعة من القوانين للاستيلاء على الأراضي، أهمها قانون أملاك الغائبين الذي يخوّل إلى الاحتلال استغلال أراضي الفلسطينيين الذين يملكون الأرض ويعيشون في الخارج، وقانون أملاك الدولة، إذ استخدمت إسرائيل مجموعة مختلفة من القوانين العثمانية والبريطانية والأردنية بالإضافة إلى الأوامر العسكرية، بحيث جرى وضع اليد على أكثر من 40% من مساحة الضفة الغربية كأملاك دولة.

ويتجاهل الاحتلال الإسرائيلي القوانين والمواثيق الدولية التي "تحظر على المحتل توطين سكانه في الأراضي المحتلة"، وتنكر أي صفة قانونية للاستيطان الإسرائيلي، وتطالب بإلغائه وتفكيك المستوطنات، بما في ذلك الاستيطان في القدس.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً