بريطانيا بصدد رفع مخزونها من الأسلحة النووية (مواقع التواصل)
تابعنا

خلال لقائه مع إذاعة "BBC4"، أعلن وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب، رفع مخزون بلاده من الأسلحة النووية في أعقاب مراجعة حكومية للشؤون الدفاعية والأمنية والسياسة الخارجية.

راب برّر رفع مخزون الأسلحة النووية بـ"تغير الظروف وتغير التهديدات"، مشيراً إلى أن المملكة المتحدة تحتاج إلى الحفاظ على الحد الأدنى من مستوى الردع الموثوق بها، مضيفاً أن بريطانيا "تمتثل لكامل التزاماتها الدولية، وتريد عالماً خالياً من الأسلحة النووية، لكنها في المقابل ليست ساذجة بشأن التهديدات التي تواجهها".

لم تخلُ هذه الخطوة من الطابع الدولي الذي تطغى عليه عودة الأقطاب القديمة للبروز في العالم، ما تعتبره بريطانيا تهديداً دائماً، وهو ما يطرح سؤالاً جدياً حول السبب الحقيقي للخطوة التي تُعد الأولى منذ الحرب الباردة.

صفحة جديدة خارج التكتل الأوروبي

تصريحات راب تتزامن مع عرض رئيس الوزراء بوريس جونسون تقريرا حول الشؤون الدفاعية والأمنية والسياسة الخارجية في إطار المراجعة الحكومية، التي أشارت إلى تهديدات ناشئة تجعل من غير الممكن مواصلة الوفاء بالتزامها تقليل الرؤوس النووية الحربية، حسب موقع "يورونيوز" الأوروبي.

ووفقاً للوثيقة، فإن هذا التغيير الذي يُتخذ بعد الالتزام الذي قطعته لندن عام 2010 بتقليص التسلح بحلول منتصف العقد 2020، تبرره "مجموعة متزايدة من التهديدات التكنولوجية والعقَدِية".

وكتب بوريس جونسون في مقدمة المراجعة: "أظهر التاريخ أن المجتمعات الديمقراطية هي أقوى داعم لنظام دولي منفتح وقادر على الصمود"، وأضاف: "لكي نكون منفتحين، يجب أن نكون أيضاً في أمان"، وهذا يتطلب، حسب قوله، تعزيز البرنامج النووي البريطاني.

وفي وقت سابق الثلاثاء، كشفت صحف بريطانية أن المملكة المتحدة "سترفع بأكثر من 40 بالمئة سقف الرؤوس الحربية النووية المسموح بتخزينها"، مستندة إلى وثيقة رسمية "مسربة" مؤلفة من 100 صفحة.

وأضافت أن المملكة تخطّط لزيادة العدد الأقصى للرؤوس الحربية التي يُسمح للبلاد بتخزينها إلى 260، بعدما التزمت سابقاً خفض مخزونها إلى 180 رأساً حربياً بحلول منتصف 2020.

وأوضحت الصحف أن رئيس الوزراء يستند في خطة الحكومة الجديدة إلى "مجموعة من التهديدات الأمنية والتكنولوجية المتزايدة" لتبرير القرار الذي يعد الأول ضمن مجال التسلح النووي في بريطانيا منذ الحرب الباردة.

ويأتي هذا التحول فيما تسعى لندن، وفق "الغارديان"، لإعادة فرض نفسها بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي، قوة رئيسية على الساحة الدولية، حسب المصدر ذاته.

رداً على روسيا والصين

هذه المراجعة الاستراتيجية، وهي الأولى منذ انسحاب المملكة المتحدة الكامل من الاتحاد الأوروبي، وإحدى أهم المراجعات منذ الحرب الباردة، تعتبر روسيا أيضاً تهديداً كبيراً للبلاد وتُظهِر رغبة في التركيز على منطقة المحيطين الهندي والهادئ.

إذ يحذّر التقرير من "احتمال" نجاح جماعة إرهابية في "شن هجوم كيميائي أو بيولوجي أو إشعاعي أو نووي بحلول عام 2030"، لكن أيضا من "التهديد النشط" من روسيا و"التحدي المنهجي" من الصين.

ويُعتبر التحديث السريع في روسيا للترسانة العسكرية، المحرك الرئيسي وراء الاندفاعة البريطانية إلى رفع مخزونها من الرؤوس النووية، حسب الغارديان، كما أصبحت نشاطات روسيا العسكرية، المعلنة وغير المعلنة، ومنها داخل الأراضي البريطانية مثل حادثة اغتيال العميل سيرغي سكريبال، مصدر قلق متنامٍ للندن.

وحسب "الغادريان"، فإن السبب أيضاً هو تأكيد الالتزام للولايات المتحدة بشأن النسخة الجديدة من الرؤوس النووية. وتحذر المراجعة من "خطر واقعي" أيضاً، يتمثل في أن تنجح "مجموعة إرهابية في إطلاق هجوم كيميائي أو إشعاعي أو نووي" بحلول 2030.

وتمهد الزيادة لصرف 10 مليارات جنيه إسترليني لإعادة التسليح، رداً على "أخطار من الصين وروسيا". كذلك تعتزم بريطانيا أن تستبدل بغواصات "فانغارد" الأربع، المشغلة من البحرية الملكية البريطانية، التي دخلت الخدمة في تسعينيات القرن الماضي، عدداً مطابقاً من طراز "دريدنوت" ابتداءً من بداية العقد المقبل، بميزانية تصل إلى 43 مليار جنيه إسترليني.

انتقادات لحكومة جونسون

رأت "الحملة الدولية للقضاء على الأسلحة النووية" أن هذا التغيير "ينتهك الالتزامات التي تعهدت بها لندن في إطار معاهدة حظر انتشار الاسلحة النووية"، إذ قالت رئيسة هذه المنظمة غير الحكومية بياتريس فين: "قرار المملكة المتحدة زيادة مخزونها من أسلحة الدمار الشامل في خضمّ جائحة هو قرار غير مسؤول وخطير وينتهك القانون الدولي".

من جهتها ترى مجموعة "حملة نزع السلاح النووي" أنها "خطوة أولى نحو سباق تسلُّح نووي جديد"، واصفة قرار المملكة المتحدة بأنه "استفزاز كبير على الساحة الدولية". وقالت الأمينة العامة للمنظمة كايت هدسون: "فيما يحارب العالم الوباء والفوضى المناخية، من المدهش أن تختار حكومتنا زيادة الترسانة النووية البريطانية"، وهي خطوة من شأنها "إثارة التوترات العالمية وإهدار مواردنا، وهي نهج غير مسؤول وقد يكون كارثياً".

من جهته، انتقد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون بشأن خطته النووية، فيما يعبّر عن قلقه من مزاعم عن مسعى إيران لامتلاك أسلحة ذرية.

وقال ظريف على تويتر: “في نفاق مطلق، يشعر بوريس جونسون بالقلق من تطوير إيران سلاحاً نووياً… وفي نفس اليوم أعلن أن بلاده ستزيد مخزونها من الأسلحة النووية”.

وأضاف: “تعتقد إيران، على النقيض من المملكة المتحدة، أن الأسلحة النووية وجميع أسلحة الدمار الشامل وحشية يجب القضاء عليها”.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً