مشروع حفتر وداعميه يذبل أمام انتصارات الحكومة الليبية (Reuters)
تابعنا

فتحت سيطرة قوات حكومة الوفاق الليبية على قاعدة الوطية الاستراتيجية بعد دحر مليشيات حفتر منها، باباً لانتصارات جديدة بالمنطقة الغربية والجنوبية من العاصمة طرابلس، كان أولها تحرير مدينتي بدر وتيجي جنوب قاعدة الوطية دون أي مقاومة من مليشيات حفتر.

وبتحرير قاعدة الوطية تكون صفحة حفتر قد انتهت في الغرب الليبي ولم يبقَ سوى ترهونة لتحرير تلك المنطقة منه بالكامل، إذ يُعتبر تحرير الوطية ثاني سقوط لغرفة عمليات رئيسية تابعة لمليشياته في المنطقة نفسها، بعد سقوط مدينة غريان، في يونيو/حزيران الماضي.‎

ترهونة.. المعركة التالية

ميدانيّاً، أعلن الجيش الليبي فجر الثلاثاء تنفيذ 4 ضربات جوية استهدفت آليات وإمدادات عسكرية تابعة للجنرال الانقلابي خليفة حفتر جنوب مدينة سرت شمالي البلاد.

وقال المتحدث باسم الجيش الليبي محمد قنونو، إن الضربات الجوية "دمرت آليتين عسكريتين، وسيارة محملة بالذخائر، وسيارة وقود لدعم ميليشيا حفتر الارهابية"، وتابع بأن العملية أسفرت عن وقوع 5 عناصر بين قتلى وجرحى من مليشيات حفتر.

#عملية_بركان_الغضب: المتحدث الرسمي باسم الجيش الليبي عقيد طيار محمد قنونو : سلاح الجو وجّه يوم الاثنين اربع ضربات جوية...

Posted by ‎عملية بركان الغضب‎ on Monday, 18 May 2020
وأشار القائد الميداني محمد العريق لـTRT عربي، إلى أن المعركة التالية الأهمّ ستكون في ترهونة، فمنطقة الغرب الليبي تُعتبر بالكامل تحت سيطرة الحكومة الشرعية باستثناء ترهونة.

وأضاف: "مليشيات حفتر بدأت تنسحب من الجنوب الليبي، وهو الأمر الذي بررته مليشيات حفتر التي ادّعت أن ما حصل ليس انتصاراً للوفاق بل انسحاب تكتيكي، وهو ما اعتادت التبرير به عند كل خسارة".

وتابع: "مدينة ترهونة وما حولها خليط بين أنصار حفتر وأنصار القذافي، وكلٌّ يرى في الآخر فرصة للقضاء على ثورة فبراير والسيطرة على الدولة الليبية".

سيناريو عسكري ورفض للحوار

وبعدما حاولت الحكومة الليبية السير في طريق الحوار مع خليفة حفتر الذي رفض تلك الطريق واستمر في قتل المدنيين محاولاً السيطرة على العاصمة الليبية منذ أبريل/نيسان 2019، وانتهك مخرجات عديد من المؤتمرات والدعوات الدولية التي قادت إلى الهدن والاتفاقيات، قررت حكومة الوفاق الليبية تلقينه درساً وإنهاء سيطرته على بعض المناطق الليبية بقوة السلاح التي يستخدمها هو.

ويواصل حفتر القتال متحدياً قراراً تبناه مجلس الأمن الدولي، في 12 فبراير/شباط الماضي، يطالب بوقف إطلاق النار، متجاهلاً خطورة جائحة فيروس كورونا.

وبعد نفاد جميع السبل للحوار، قال رئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا خالد المشري، إنه لا حوار مع مَن رفع السلاح قتل الليبين وجلب المرتزقة إلى ليبيا، مشيراً إلى أن محاولة مصر والإمارات إدخال حفتر في أي حوار سياسي قادم هي أمر مرفوض بالكامل، بخاصة أن التحالفات الإقليمية للحكومة الشرعية المبنية على المصالح المشتركة غيرت موازين القوى.

ويشير حديث المشري إلى السيناريوهات المتوقعة في الأيام القادمة، التي تتمثل في تحرير كامل التراب الليبي من سيطرة مليشيات حفتر، والوصول إلى ترهونة وتطهيرها بالكامل منه، وهو ما أكده رئيس الحكومة الليبية فائز السراج في بيان إثر تحرير الوطية، حين قال إن "انتصار اليوم لا يعني انتهاء المعركة، بل يقرّبنا أكثر من أي وقت مضى من يوم النصر الكبير، بتحرير المدن كافة والقضاء على مشروع الهيمنة والاستبداد".

وبينما يستمر النزاع في ليبيا، وجهت الأمم المتحدة الاثنين رسالة إلى جميع الأطراف المعنية بالصراع الليبي، مفادها ضرورة "وقف العنف، وإسكات البنادق، واستئناف العملية السياسية"، فيما استنكر السراج صمت الاتحاد الأوروبي، وعبر عن استيائه الشديد من عدم اتخاذه موقفاً أكثر حزماً وفاعلية تجاه الجرائم التي تُرتكب بحق المدنيين.

وقال السراج خلال مكالمة هاتفية مع منسق السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، إن هذه الانتهاكات تُرتكب على نحو ممنهج، وهي تُعد جرائم حرب، وجرائم ضدّ الإنسانية، وانتهاكاً جسيماً لقواعد القانون الدولي الإنساني.

من جانبه قال الناطق باسم المركز الإعلامي لبركان الغضب مصطفى المجعي لـTRT عربي، إن "عملية تحرير الوطية هي بداية لعمليات عسكرية أوسع وأشمل".

وأكد المجعي أهمية السيطرة على قاعدة الوطية، قائلاً إن هذه العملية هي بداية لاستكمال مشوار التحرير.

وتؤكد هذه التصريحات إصرار الحكومة الليبية على سيناريو التحرير، بعدما حققت عديداً من الإنتصارات التي أطاحت بحفتر وداعميه.

الأمر ذاته أكده الخبير الأمني والعسكري محمد بومديس في حديث لـTRT عربي، قائلاً إن تحرير قاعدة الوطية يعني المرور إلى مرحلة أخرى من المعركة هي تحرير الجنوب الليبي بداية من مدينة ترهونة.

وأضاف: "تُعتبر قاعدة الوطية منطقة استراتيجية محصنة لحفتر، وخطّ إمداد لقواته ونقطة انطلاق له لشن غارات على المدنيين والعاصمة طرابلس، لكن الخطة العسكرية التي اتُّبعت اليوم أربكت حفتر".

وأشار الخبير العسكري إلى إن تحرير قاعدة الوطية يعني بداية انهيار قوات حفتر، منوهاً بأنها فقدت الاتصال بالقيادة الرئيسية، مما يعني أن من المستحيل العودة إلى منطقة الساحل الغربية بعد تحرير القاعدة.

وفي لقاء آخر للخبير العسكري مع TRT عربي، قال إنه سيجري الانتقال إلى تحرير جنوب طرابلس، في الوقت الذي تحاصر فيه القوات الحكومية مدينة ترهونة بشكل خانق.

وأضاف: "مليشيات حفتر فقدت الغطاء الجوي عقب السيطرة على قاعدة الوطية".

بدء نهاية حفتر وداعميه

ولا يقتصر الأمر بتحرير المناطق التي تسيطر عليها مليشيات حفتر على إنهاء نفوذها، بل يمهد الطريق لإنهاء نفوذ داعمي تلك المليشيات في المنطقة، فبعدما أكّد وزير الداخلية الليبي فتحي باشاغا، أن الجنرال الانقلابي خليفة حفتر "أصبح الآن صفراً على الشمال"، أكّد الوزير الليبي ضرورة أن يعيد داعموه تفكيرهم في محاولتهم تقويض حلم الليبيين في الديمقراطية، مشيراً إلى أن فعل مثل هذا الأمر يعتبر من الحكمة.

وذكر باشاغا دولاً من بينها الإمارات وروسيا، وفي تغريدة عبر حسابه الموثق بتويتر، قال باشاغا: "أصبح حفتر الآن صفراً على الشمال، وباتت فرصة نجاحه معدومة".

وتقود هذه الانتصارات المجتمع الدولي إلى التحرك من أجل معاقبة حفتر وداعميه على جرائمهم، إذ كشف مندوب ليبيا باللأمم المتحدة، طاهر السني عبر تويتر، أن بلاده ستقدّم الثلاثاء إحاطة لمجلس الأمن، للنظر في جرائم الجنرال خليفة حفتر، وما وجد من أسلحة لديه تُقدَّم من دول (لم يسمِّها) لقتل الليبيين.

من جانبها، تعهدت وزارة الخارجية الليبية الاثنين، بالعمل مع جميع الوزارات المعنية على توثيق انتهاكات الدول الداعمة لخليفة حفتر، من خلال الأسلحة التي عُثِر عليها في قاعدة الوطية الجوية.

وقال وزير الخارجية الليبي محمد سيالة في بيان نشره على صفحة الوزارة الرسمية على فيسبوك، إن "كل الانتهاكات ستُقدَّم إلى مجلس الأمن الدولي ولجنة العقوبات".

معالي وزير الخارجية محمد الطاهر سيالة: سنعمل مع كل الوزارات المعنية على توثيق كل انتهاكات الدول الداعمة لحفتر من خلال...

Posted by ‎وزارة الخارجية الليبية‎ on Monday, 18 May 2020

والاثنين قال المتحدث باسم الخارجية الليبية محمد القبلاوي، إن حكومة بلاده ستُقدِّم أدلة على تورط الإمارات في سفك دماء الليبيين، وخرق القرارات الدولية، وإنه سيجري حصر ما عُثِر عليه من أسلحة بقاعدة الوطية، و"سنتوجه به إلى مجلس الأمن كأدلة على انتهاك دول عدة قرار حظر تصدير السلاح إلى ليبيا، لا سيما منظومة بانتسير الروسية التي دعمت بها أبو ظبي حفتر".

وأضاف: "خاطبنا ممثل ليبيا لدى المحكمة الجنائية الدولية لمقاضاة الإمارات على ما سببته من سفك دماء الليبيين"، لافتاً إلى أن "العمل على توثيق الأسلحة سيكون لصالح الدولة الليبية أمام مجلس الأمن، وسيُحرج داعمي حفتر، بخاصة الإمارات ومصر والأردن".

وفي حوار له مع TRT عربي، قال القبلاوي إن "الدول التي تدعم حفتر انتهكت بشكل صارخ قرارات مجلس الأمن الدولي".

وذكر أن حكومة الوفاق الليبية ضبطت أسلحة إماراتية ومصرية وروسية خلال سيطرتها على قاعدة الوطية الجوية صباح الاثنين، منوهاً بأن "هذه الأسلحة دخلت ليبيا قادمة من مصر والإمارات عبر سوريا إلى قاعدة الخادم في الشرق الليبي لتنقل بعد ذلك إلى قاعدة الوطية، أقصى غربي البلاد".

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً