لم يسجل الأردن إصابات بفيروس كورونا لليوم السادس على التوالي (Reuters Archive)
تابعنا

عادت الشوارع في المملكة الأردنية الهاشمية، بخاصة شوارع العاصمة عمان، تمتلئ بالمارة والسيارات بعد قرار الحكومة تخفيف حظر تجول استمر 40 يوماً لوقف تفشي فيروس كورونا، ليستأنف المواطنون حياتهم الطبيعية بعد توقف الحركة وتعطل أنشطة الشركات بسبب تفشي فيروس كورونا.

وأعلنت السلطات الأردنية الأحد، السماح لجميع القطاعات الاقتصادية بالعمل اعتباراً من الأربعاء، بالتزامن مع عدم تسجيل أي إصابات جديدة بفيروس كورون الليوم السادس على التوالي، حسب أمر الدفاع رقم11 الذي أصدره رئيس الوزراء الأردني عمر الرزاز.

وقال وزير الصناعة الأردني طارق الحموري في مؤتمر صحفي: "تقرر فتح جميع القطاعات الاقتصادية، اعتباراً من الأربعاء، بما فيها التي لم يكن سُمح لها بالعمل بشكل كامل، كما تقرر لها السماح بالعمل بكامل طاقتها الإنتاجية شريطة أن لا تقلّ نسبة العمالة الأردنية فيها عن 75%".

ويمثل الأردن نموذجاً للدول التي واجهت وباء كورنا بحزم أدى إلى تلاشيه شيئاً فشيئاً، بعدما سجلت المملكة 463 حالة إصابة وتسع وفيات، حسب وزارة الصحة الأردنية، إذ إن الإجراءات كانت حازمة وحاسمة منذ البداية، وكان تأثيرها فيما بعد فاعلاً، إذ أتت أكلها وأصبح الأردن الدولة العربية الوحيدة التي لا تسجل أي إصابات بالفيروس لعدة أيام متتالية.

ورغم هذه التسهيلات فإن الحكومة الأردنية قررت إلزام أصحاب المنشآت اتباع أقصى درجات الحذر والحدّ من ممارسات نقل العدوى، "وفرض عقوبات وغرامات مالية على المخالفين".

وشدد وزير الصحة الأردني سعد جابر على ضرورة أخد الاحتياطات كافة بعد تخفيف الحظر، والاستمرار في وضع الكمامات والتباعد الاجتماعي، مشيراً إلى أن عدد الحالات الكلي وصل إلى 461، فيما لم تُسجَّل حالات شفاء ولا وفاة للمرضى، وبقيت 64 حالة تحت العلاج.

وأضاف: "كلنا قاسينا الفترة الماضية، لكننا الآن نقطف الثمار أصحاء".

وكتب الكاتب الأردني أسامة عواد في صحيفة الرأي الأردنية تحت عنوان "الأردن وكورونا تجربة وطنية فريدة"، أن الأردن وجد نفسه أمام ظروف لم يمرّ بها من قبل، لكن سرعان ما تمكن هذا البلد الصغير محدود الإمكانيات من وضع خطة لمواجهة الفيروس.

وأضاف: "سارعت الحكومة الأردنية إلى إصدار قوانين دفاع متتابعة منذ بداية انتشار الوباء طبقت فيها إجراءات حظر التجول ومنعت التجمعات وأغلقت المدارس والمتاجر والأسواق، وكانت من أوائل الدول التي أرسلت طائرات لإجلاء مواطنيها من دول أخرى".

ويرى الكاتب أن "امتلاك الأردن نظاماً صحياً قوياً ساهم في تشكيله تجربة مثمرة ومثالاً يُحتذى في العالم في التعاطي غير المسبوق في مواجهة الأوبئة دون اهتمام أو خوف من آثار ذلك على ميزانية الدولة أو الأوضاع الاقتصادية".

انكماش اقتصادي

وكغيره من البلدان، تأثر الأردن بشكل مباشر من الجائحة، إذ قال وزير المالية الأردني محمد العسعس إن "من المتوقع انكماش اقتصاد المملكة، الذي يعاني من ضغوط مالية بنحو 3% في العام الجاري نتيجة تأثير فيروس كورونا"، منوهاً بأن تأثير الضربة الاقتصادية القوية التي عصفت بالاقتصاد المحلي عميق وسيستمر.

وأضاف الوزير: "سيكون الأثر الاقتصادي لهذا التحدي أسوأ على الاقتصاديات وعلى الشركات التي تعاني أيضاً من نقاط ضعف صعبة".

وكان صندوق النقد الدولي، الذي وافق في مارس/آذار الماضي على برنامج بقيمة 1.3 مليار دولار مع الأردن، توقع في السابق نمو اقتصاد المملكة بنحو 2.1% في 2020 وارتفاعه تدريجياً في الأعوام القليلة التالية إلى 3.3%.

وكثفت الحكومة الأردنية في الآونة الأخيرة خطواتها لإعادة الحياة إلى طبيعتها، فسمحت لمعظم الشركات بالعودة للعمل بعد إجراءات عزل عام صارمة لنحو شهرين مع تفاقم التأثير الاقتصادي وتزايد المخاوف من تأثير تسريح العمال على الاقتصاد الوطني.

وتمثل رواتب موظفي الدولة الجزء الأكبر من الإنفاق في بلد لديه أحد أعلى معدلات الإنفاق الحكومي في العالم بالنسبة إلى حجم اقتصاده.

ويُلزِم صندوق النقد الدولي المملكة المضيّ قدماً في إصلاحات هيكلية وضبط مالي لخفض الدّين العام البالغ 42 مليار دولار، وهو ما يعادل 97% من الناتج المحلي الإجمالي.

ورغم كل هذه الظروف فإن الحكومة الأردنية ما زالت ملتزمة سداد ديونها المحلية والأجنبية ورواتب موظفيها، وستتخذ إجراءات مالية عميقة توضح قدرة البلد على تحمل الصدمات الخارجية وتبين للمانحين أنها تتقدم نحو الإصلاحات التي تمسّ الحاجة إليها، وفق مسؤولين أردنيين.

رهان على السياحة الداخلية

ويراهن الأردن على السياحة الداخلية لتعويض جزء من خسائر القطاع بعد توقف توافد السياح نتيجة أزمة وباء كورونا، حسب تصريحات لرئيس هيئة تنشيط السياحة الأردنية عبد الرزاق عربيات، الذي قال: "لسنا الوحيدين الذين سنركز على برامج السياحة الداخلية العام الحالي، لأن هذا يطبق في باقي دول العالم نتيجة إغلاق الطيران مع كورونا".

وعادة ما يعوّل الأردن في نموّه الاقتصادي على قطاع السياحة الذي بلغت إيراداته العام الماضي 5.8 مليار دولار ويسهم بنسبة 15% من الناتج المحلي الإجمالي.

وأوضح عبد الرزاق أن الهيئة ستدعم تكلفة برامج السياحة الداخلية للمواطنين بنسبة 40% لتشجيعهم على زيارة المواقع السياحية في أنحاء البلاد، لافتاً إلى أنه خطة مبدئية، مضيفاً: "لكن مع أي مستجدات وفتح للطيران فنحن جاهزون لبرامج السياحة الوافدة، ووقتها لكل حادثة حديث".

TRT عربي
الأكثر تداولاً