سفراء عُمان والإمارات العربية والبحرين خلال إعلان ترمب عن تفاصيل صفقة القرن (مواقع التواصل الاجتماعي)
تابعنا

لأول مرة في التاريخ، تُطرح على الفلسطينيين خطة سلام تنتقص من حقوقهم كافة وتسلبهم حقّهم الأساسي في مدينة القدس التي تُعَدّ إحدى أبرز المدن الفلسطينية وثالث مدينة مقدسة لدى المسلمين، وعلى الرغم من ذلك فإن الإعلان عن هذه الخطة تحت اسم "صفقة القرن" لم يؤجّج أي نوع من الاحتجاجات في العالَم العربي والإسلامي، فيما لم يحظَ ببيانات عربية مستنكرة اعتاد العرب والفلسطينيون سماعها، بل على النقيض من ذلك حظيت خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بدعم بعض الدول العربية البارزة، فيما اكتفت أخرى بمباركتها والدعوة إلى الحوار.

حالة الصمت العربية إزاء الإعلان عن صفقة القرن، أو "النكبة الثالثة" كما يسمّيها الكاتب الإسرائيلي في صحيفة هآرتس جدعون ليفي، كان لها وقع كبير في العالَم العربي، مما دفع البعض إلى القول إن وقع الصمت كان أكبر من وقع إعلان الصفقة ذاته، وإلى جانب وقعه في الدول العربية، كان لصمت الزعماء العرب وقعه أيضاً في إسرائيل.

لدى الدول العربية اليوم ما يشغلها عن التفكير في القضية الفلسطينية ومستقبل الشعب الفلسطيني

أستاذ شؤون الشرق الأوسط في جامعة تل أبيب - إيال زيسر

يقول أستاذ شؤون الشرق الأوسط في جامعة تل أبيب إيال زيسر في مقال على صحيفة "يسرائيل هيوم"، إن العالَم العربي لأول مرة "لم يحبس أنفاسه قُبيل إعلان الرئيس الأمريكي تفاصيل صفقة القرن، بل سادت حالة من ضبط النفس في الدول العربية، أو ربما صمت مُطبِق ومدوّ".

ويضيف في مقاله الذي جاء تحت عنوان "العرب ضد الفلسطينيين"، أنه "على عكس التوقعات، وهذه أخبار جيدة، لم يتحدث أي أحد في العالَم العربي ضدّ صفقة القرن بنبرة غضب، حتى عندما تضمنت الاعتراف بأن القدس الموحدة عاصمة لإسرائيل، ورغم مطالبة أمريكا بالاعتراف بإسرائيل دولةً يهودية".

ويشير إلى أن لدى الدول العربية اليوم ما يشغلها عن التفكير في القضية الفلسطينية ومستقبل الشعب الفلسطيني؛ "يريدون للفلسطينيين أن يتخذوا قرارهم المصيري بأنفسهم لأول مرة".

ويرى زيسر أن الشرق الأوسط لم يعد يقتصر على القضية الفلسطينية؛ "الشرق مقسَّم إلى محاور ثانية، تتمثل بإيران وداعميها من جهة، وإسرائيل والدول العربية والولايات المتحدة من جهة أخرى، وعندما يرفض الفلسطينيون صفقة القرن فإنهم يختارون أن يكونوا في المحور غير السليم تاريخيّاً وجغرافيّاً، العالَم العربي يدرك ذلك جيداً".

في السياق ذاته يقول موقع "روتر" الإسرائيلي، إن "خشية الدول العربية السنية من التمدد الإيراني جعلها تدفع باتجاه تَقبُّل صفقة القرن ودعمها".

وأشار إلى أن الدول العربية تعتقد أن صفقة القرن من شأنها أن تساهم في تقليل اعتماد الفلسطينيين على الدعم الخارجي، وقد تساهم إلى حد بعيد في ابتعاد حركة حماس على وجه الخصوص عن إيران.

من جانبه يرى الكاتب الإسرائيلي رون بروشاؤور في مقال نشره موقع "غلوبوس"، أن "قواعد اللعبة كلها تغيرت في الوقت الراهن؛ لم يعُد الحوار فلسطينيّاً-إسرائيليّاً فحسب، اليوم بات لنا حوار بمشاركة الدول العربية".

بدوره يقول المستشرق الإسرائيلي والإعلامي عوديد غرانوت، إن "الضجَّة التي اجتاحت المنطقة مؤخَّراً لم تكُن صفقة القرن بحد ذاتها، بل الصمت العربي المطبق بعدها".

كنا نتوقع أن تجتاح الجماهير الشوارع في العالم العربي وأن تهتز المنطقة بعد الإعلان عن صفقة القرن وأن نستمع إلى تهديدات من زعماء العرب وحكامهم، ولكن كل ذلك لم يحدث

المستشرق الإسرائيلي والإعلامي - عوديد غرانوت

ويضيف: "كنا نتوقع أن تجتاح الجماهير الشوارع في العالَم العربي وأن تهتزّ المنطقة بعد الإعلان عن صفقة القرن التي سحبت البساط من تحت أرجل الفلسطينيين والعرب الذين كانوا يطالبون بإقامة دولة فلسطينية على كامل الضفة الغربية، وأن نستمع إلى تهديدات من زعماء العرب وحكامهم، ولكن كل ذلك لم يحدث".

ويعتقد غرانوت أن صمت الدول العربية ودعمها لصفقة القرن ينبع من تَغيُّر الأولويات لديها، "فالهزة التي أحاطت بالعالَم العربي خلال السنوات الماضية وما زالت مستمرة، نجحت في هدم أنظمة، كما أدّت إلى مقتل أكثر من مليونَي إنسان وتهجير ملايين من منازلهم، وهذه الهزة باعتقادي ساهمت في تبدل الأولويات الموضوع على طاولات الزعماء العرب، في هذه الأثناء أُلقِيَ الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي في الزاوية".

ويشير إلى أن "ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لديه ما يشغله أكثر من القضية الفلسطينية، مثل الحرب التي لا تنتهي في اليمن، وتَعرُّض منشآت أرامكو النفْطية للقصف بصواريخ إيرانية، كل ذلك يؤرّقه أكثر من تقسيم الأراضي بين إسرائيل والفلسطينيين في الضفة الغربية".

ويقول إن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي "مهتمّ أكثر بأن لا تقوم دولة للإخوان المسلمين في ليبيا، وهو منشغل بالحرب هناك ولا يحمل همّ ضمّ غور الأردن لإسرائيل".

محلل الشؤون العربية في صحيفة يديعوت أحرونوت، يرون فريدمان، يشير إلى أن مجرد حضور سفراء الإمارات والبحرين وسلطنة عمان مؤتمر إعلان صفقة القرن في البيت الأبيض، يُعَدّ دعماً للصفقة".

ويشير إلى أن هذه الدول تنحاز لمصالحها الاقتصادية والأمنية على حساب أي أمر آخر، "بخاصة أنها بحاجة إلى الولايات المتحدة الأمريكية في ظل تزايد التهديد الإيراني في الخليج".

إيال زيسر يقول في مقاله إن "العالم العرب ضد الفلسطينيين". (صحيفة يسرائيل هيوم)
TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً