طوابير طويلة تصطف أمام مسجد آيا صوفيا بإسطنبول / صورة: AA (AA)
تابعنا

في مشهد يعكس الحجم الكبير للسياحة في مدينة إسطنبول، تصطفّ طوابير لمسافة طويلة يومياً في منطقة السلطان أحمد، أمام المعالم السياحية الحيوية، وأبرزها مسجدا آيا صوفيا والسلطان أحمد.

ففي هذه المنطقة التي تعدّ مركزية في المدينة تتكثف حركة السياحة كونها واحدة من أكثر المناطق حيويةً في إسطنبول، حيث لا يمكن لأي زائر أو سائح إلا أن يزورها نظراً لقدمها وتاريخها العريق، وكثرة المتاحف والمواقع التاريخية المنتشرة فيها.

وقبل أيام، أعلن وزير الثقافة والسياحة التركي محمد نوري أرصوي، أن تركيا استقبلت 40.25 مليون سائح خلال الشهور الـ9 الأولى من العام الجاري، بزيادة بلغت 87% عن العام الماضي.

تشهد منطقة السلطان أحمد بإسطنبول ازدحاما كبيراً من السياح لوجود "المسجد الأزرق" ومسجد "آيا صوفيا" بها (AA)

وبيّن أرصوي أن عائدات السياحة حققت نحو 35 مليار دولار خلال 9 أشهر، بزيادة بلغت 68% عن الفترة المقابلة من عام 2021، وكشف عن أن الحكومة تهدف إلى رفع عدد السياح إلى أكثر من 50 مليون بنهاية العام الجاري، والعائدات السياحية إلى 44 مليار دولار.

طوابير لا تنتهي

يعدّ جامع آيا صوفيا وجامع السلطان أحمد، من أبرز معالم منطقة السلطان أحمد التاريخية، حيث يقعان بشكلٍ متجاور يُظهر عظمة إسطنبول وعراقتها، كمعبر تاريخيّ للدول والحضارات يعكس هوية المدينة العابقة بالعراقة والحداثة على حدّ سواء.

ونظراً للإقبال الشديد على المنطقة، يتطلب الدخول إلى الجامعين وقوفاً لمدة طويلة في الطوابير أمام أبوابهما، بخاصة جامع آيا صوفيا، الذي يحظى باهتمام كبير منذ إعادته مكاناً للعبادة قبل أكثر من عامين، بعد أن ظلّ متحفاً لعقود طويلة.

وتصطف الطوابير الطويلة من مختلف الأعمار والأعراق والجنسيات، من السائحين الأجانب، فضلاً عن الزائرين للمدينة من عموم تركيا، بانتظار وصول الدور إليهم للدخول إلى جامع آيا صوفيا، حيث لا يتردد من في الخارج بانتظار أن يخرج من سبقوهم بالدخول.

يعتبر "مسجد آيا صوفيا" تراثاً مشتركاً للإنسانية، يفتح أبوابه للجميع مسلمين وغير مسلمين (AA)

ويحرص الزائرون والسائحون على دخول جامع آيا صوفيا لأجل العبادة والصلاة، وبخاصة من قبل المسلمين، فيما يهدف بقية السياح على اختلاف مشاربهم إلى زيارة المكان بصفته معلماً تاريخياً مهماً، نظراً إلى كثافة الإقبال عليه.

وفي 24 يوليو/تموز 2020، أقيمت صلاة الجمعة في مسجد آيا صوفيا الكبير لأول مرة بعد 86 عاماً من تحويله إلى متحف عام 1934، كان قبلها مسجداً لمدة 481 عاماً، ما جعله يعدّ من أهم المعالم المعمارية في تاريخ الشرق الأوسط، التي تقدم مثالاً حياً على توالي الحضارات العظمى عليه، من الرومانية إلى العثمانية.

أربعة فصول من الازدحام

ورغم حلول فصل الخريف، إلا أن حجم الإقبال على المنطقة لم يخفت، ورغم برودة الطقس فإن فضول السياح لاكتشاف المنطقة يجعل الطوابير تتواصل دونما نهاية وتتعرّج بشكل لافت.

وبمجرد التنقل في المدينة، يلاحظ المرء كيف تعجّ ميادين وشوارع إسطنبول بشكل غير مسبوق بالسياح، رغم انتهاء فصل الصيف والعطلات وحلول الخريف وبدء المدارس وبرودة الطقس، فالمدينة تسحر عشاقها في كل المواسم.

تستقبل منطقة السلطان أحمد السياح من كل دول العالم في كل الفصول (AA)

خريف إسطنبول تتداخل فيه الألوان بين زرقة البحر وخضرة الحدائق وأوراق الأشجار المصفرّة التي تتسابق للتساقط، ما يشكّل لوحة طبيعية خلابة تلفت أنظار السائحين.

وفي كل المواسم وبكل الإطلالات تتمتع إسطنبول بجاذبية لا تنتهي تجعلها قبلة للسائحين والمولعين بالطبيعة الخلابة من مختلف بقاع العالم، حيث الغابات والمياه وعبق التاريخ وتعاقب الحضارات.

تنوع بالمواقع الفريدة

تعتمد السياحة في تركيا بشكل كبير على مجموعة متنوعة من المواقع التاريخية والطبيعية، وعلى المنتجعات الشاطئية على طول سواحل بحر إيجه والبحر الأبيض المتوسط، كما تحوّل البلد مؤخراً إلى وجهة مفضلة للثقافة والدراسة والسياحة العلاجية.

وتتكثف حركة السياح في ميادين المدينة وشوارعها ومناطقها السياحية من الأعراق والأجناس كافة، حيث يجوبون مختلف المتاحف والمراكز التاريخية والجوامع.

كما تكثر الحركة السياحية في الأسواق التاريخية والمركزية في المدينة القديمة، حيث تشهد ازدحاماً من قبل السياح الذين يخصصون جزءاً من وقتهم لمتعة التسوق وشراء الهدايا التذكارية والحلويات والمنتجات التركية المميزة.

ويضيف فصل الخريف سحراً لهذه المناطق مع تساقط أوراق الأشجار وتبدّل ألوانها، لتكسب جمالاً له عشاقه الدائمون.

مقومات سياحية هائلة

تعتبر إسطنبول واحدة من أهم المواقع السياحية في تركيا والعالم، إذ تضمّ عدداً كبيراً من مناطق الجذب الرئيسية المستمدة من وضعها التاريخي كعاصمة للإمبراطوريتين البيزنطية والعثمانية.

كما تضم تركيا 18 موقعاً تراثياً مدرجاً على قائمة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونسكو"، أشهرها موقع "غوبكلي تبه" الذي يعتبر من أقدم دور العبادة على وجه الأرض ويعود تاريخه إلى العصر الحجري.

وتعتبر تركيا واحدة من أبرز وجهات السياحة الشتوية، إذ تضم 51 مركزاً للتزلج، أبرزها "أولوداغ" في ولاية بورصة القريبة من إسطنبول، و"أرجيس" بولاية قيصري، و"بالان دوكان" في ولاية أرضروم.

كما تحتوي تركيا على العديد من المناطق والهضاب الطبيعية، لا سيما في منطقة البحر الأسود، من بينها هضبة "آيدر" المميزة بولاية "ريزة".

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً