حسن روحاني يشكر جواد ظريف على صموده أمام الضغوطات (AFP)
تابعنا

ما المهم: أعلن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، الذي يعدّ أبرز مهندسي الاتفاق النووي بين بلاده والدول العظمى في 2015، استقالته من منصبه.

تأتي الاستقالة المفاجئة في ظل ظروف صعبة تعيشها إيران سياسياً واجتماعياً خاصة مع الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي والعقوبات المفروضة على طهران.

وتزامنت استقالة ظريف مع زيارة مفاجئة قام بها رئيس النظام السوري بشار الأسد إلى طهران؛ حيث التقى كلاًّ من المرشد الأعلى للجمهورية علي خامنئي والرئيس روحاني، بدون حضور وزير الخارجية.

غموض أسباب الاستقالة فتح الباب أمام قراءات عديدة من قبل مراقبين للشأن الإيراني بين ما هو متعلّق بالشأن الداخلي الإيراني، وما هو ملتصق بالتداخل بين العسكري والسياسي في السياسة الخارجية الإيرانية.

المشهد: أعلن وزير الخارجية الإيراني في رسالة نشرها على حسابه على انستغرام نص استقالته في خطوة لم تكن مرتقبة من المتابعين للشأن الإيراني.

وقال ظريف في رسالته إنه "يعتذر عن عدم قدرته على الاستمرار في منصبه، وعلى أي تقصير خلال أدائه مهامه"، مضيفاً أنه "ممتنّ جداً للشعب الإيراني ولقيادته المحترمة" على الدعم "الذي لقيه منهما خلال الأشهر الـ67 الأخيرة".

ودعا ظريف الدبلوماسيين في الخارجية الإيرانية إلى البقاء في مناصبهم ومواصلة عملهم في الدفاع عن مصالح إيران، وذلك غداة إعلان استقالته المفاجئة، حسب وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية.

وتأتي هذه التصريحات بعد شائعات مفادها أن عددا كبيراً من الدبلوماسيين الايرانيين يستعد للاستقالة دعماً له في حال قبِل الرئيس الايراني حسن روحاني استقالته.

وأعرب ظريف الثلاثاء عن أمله في أن تشكل هذه الاستقالة "تنبيهاً لعودة وزارة الخارجية الى مكانتها القانونية في العلاقات الخارجية".

من ناحيته، قال الرئيس الإيراني، حسن روحاني، إن "نجاح السياسات الإقليمية الإيرانية يتوزع بين الحرس الثوري ووزارة الخارجية وقدرات اقتصاد البلاد".

وعبّر خلال كلمة له، عن شكره لوزير الخارجية "الذي تحمل كل الضغوطات وصمد في الخط الأول للمواجهة"، مشيراً إلى أن "بشار الأسد وجه خلال لقاءاته في طهران شكراً خاصاً لظريف وعمل وزارة الخارجية الإيرانية".

وذكرت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية أن ظريف لم يكن حاضراً لم يكن حاضراً في اللقاءين اللذين عقدهما بشار الأسد مع المرشد علي خامنئي والرئيس روحاني.

الخلفية والدوافع: بعد يوم من إعلانه الاستقالة، قال محمد جواد ظريف في مقابلة نشرتها صحيفة الجمهورية الإسلامية إن الصراع بين الأحزاب والفصائل في إيران له تأثير "السُّمّ القاتل" على السياسة الخارجية.

وأضاف ظريف في المقابلة أنه "يتعيّن علينا أولاً أن نبعد سياستنا الخارجية عن قضية صراع الأحزاب والفصائل، السُّم القاتل بالنسبة للسياسة الخارجية هو أن تصبح قضية صراع أحزاب وفصائل".

وتشير الصحيفة إلى أن استقالة ظريف بسبب ضغوط من عناصر محافظة عارضت دوره في التفاوض على الاتفاق النووي عام 2015.

في ناحية أخرى، زعمت وسائل إعلام إيرانية، أن الزيارة التي أجراها رئيس النظام السوري، بشار الأسد لطهران، الإثنين، كانت السبب في تقدم وزير الخارجية، محمد جواد ظريف باستقالته من منصبه.

جاء ذلك بحسب ما ذكره الموقع الإخباري الإيراني "انتخاب"، مساء الإثنين، نقلًا عن تصريحات أدلى بها ظريف لمراسل الموقع.

وقال ظريف لمراسل الموقع المذكور رداً على زيارة الأسد لطهران "بعد الصور التي التقطت خلال مباحثات اليوم لم يعد لجواد ظريف اعتبار في العالم كوزير للخارجية".

بدورها ذكرت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية أن المباحثات التي قصدها ظريف في تصريحاته، هي اللقاء الذي جمع الاثنين، بشار الأسد بالرئيس الإيراني حسن روحاني، والمرشد الأعلى علي خامنئي.

فيما أشار رئيس لجنة الأمن الوطني والسياسة الخارجية بالبرلمان الإيراني، حشمت الله فلاحت بيشه إلى أن الوزير سبق وأن تقدّم باستقالته مرات عديدة.

وأوضح فلاحت بيشه، إنه كان من المقرر أن يتوجه مع الوزير ظريف إلى مدينة جنيف السويسرية، الإثنين للمشاركة في فعاليات الجلسة الأربعين لمجلس حقوق الإنسان الذي بدأ الأحد، غير أن الزيارة ألغيت يوم السفر.

ردود الأفعال: تعليقًا على استقالة ظريف قال علي رضا رحيمي، عضو الهيئة الرئاسية في البرلمان الإيراني، "لا يوجد ظريف ثاني، فالشخص الذي سيحلّ مكانه إن تأكدت استقالته، إما أن يطيع الإدارة الضارة أو يقضي على بعض المكاسب باسم الثورة".

في السياق ذاته، طالب 150 نائباً في البرلمان الإيراني، الثلاثاء، الرئيس حسن روحاني، بعدم الموافقة على قرار استقالة وزير الخارجية جواد ظريف.

وقال الناطق باسم لجنة الأمن الوطني والعلاقات الخارجية في البرلمان الإيراني، علي نجفي خوشرودي، إن أغلب نواب البرلمان يريدون بقاء ظريف على رأس مهامه بوزارة الخارجية.

في المقابل، أعلن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الإثنين أنّه "أخذ علماً" باستقالة نظيره الإيراني محمد جواد ظريف، معتبراً إيّاه واجهة لـ"مافيا دينية فاسدة".

وقال بومبيو في تغريدة على حسابه في تويتر "سنرى ما إذا كانت هذه الاستقالة ستصمد"، مضيفاً أن"في كلتا الحالتين، فإنّ ظريف وحسن روحاني ما هما إلا واجهتان لمافيا دينية فاسدة. نحن نعرف أنّ خامنئي هو صاحب كل القرارات النهائية".

واستخدم رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في معرض تعقيبه على استقالة وزير الخارجية الإيراني، جواد ظريف، مثلا عربياً قديماً، يُستخدم في الدعاء على "الغائب بعدم الرجوع"، حيث قال:" إلى حيث ألقت". وأضاف نتنياهو في بيان مكتوب "تعقيبي على استقالة وزير الخارجية الإيراني ظريف: رحل ظريف.. إلى حيث ألقت، ما دمت أنا هنا، فلن تمتلك إيران أسلحة نووية".

بين السطور: يعتبر جواد ظريف، أبرز مهندسي الاتفاق النووي بين بلاده والدول العظمى في 2015، وتولّى حقيبة الخارجية في مطلع الولاية الأولى لروحاني، وقد أعيد تعيينه في المنصب نفسه بعد إعادة انتخاب روحاني لولاية ثانية.

وكان ظريف كبير المفاوضين الإيرانيين في المباحثات النووية بين بلاده ومجموعة الدول الستّ والتي أثمرت في فيينا في تموز/يوليو 2015 اتفاقاً وضع حدّاً لأزمة استمرّت 12 عاماً حول البرنامج النووي الإيراني.

لكنّ ظريف، العدو اللدود للجناح المتشدّد في تيّار المحافظين، ما انفكّ يتعرّض لانتقادات متزايدة منذ قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترمب الانسحاب من الاتّفاق بصورة أحادية في مايو/أيار 2018.

ظريف يقدم استقالته على حسابه على إنستغرام
TRT عربي
الأكثر تداولاً