السيسي يحذر من المساس بحق مصر في مياه النيل ويقول إنها "خط أحمر" (مواقع تواصل اجتماعي)
تابعنا

في أول انتقادات بهذه الحدة، قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الثلاثاء، إن استقرار المنطقة بأسرها سيتأثر بردّ فعل مصر في حالة المساس بإمداداتها من المياه بسبب سد النهضة الإثيوبي.

وتسعى مصر والسودان للتوصل إلى اتفاق مُلزِم قانوناً في ما يتعلق بعمليات سد النهضة الإثيوبي الذي تقول أديس أبابا إنه ضروري لنموّها الاقتصادي.

وعلى الرغم من ذلك تعثرت المحادثات مراراً، وبدأت إثيوبيا في ملء خزان السد العام الماضي دون اتفاق.

ومن المتوقع أن تبدأ المرحلة الثانية لملء السد للعام الثاني بعد بدء الأمطار الموسمية هذا الصيف.

وقال السيسي رداً على سؤال بشأن وجود أي خطر على مصر: "أنا ماباهددش حد، وعمرنا ما هدّدنا، وحوارنا رشيد جداً".

وتابع: "ماحدش هيقدر ياخد نقطة مياه من مصر، واللي عاوز يجرّب يقرّب. إحنا مابنهددش حد، وإلا هيبقى في حالة عدم استقرار في المنطقة لا يتخيلها أحد، ولا يتصور أحد إنه بعيد عن قدرتنا. المساس بمياه مصر خط أحمر، وسيؤثر على استقرار المنطقة بشكل كامل".

وتسبب بناء السد على النيل الأزرق قرب حدود إثيوبيا مع السودان في تصاعد التوتر الإقليمي، إذ تضغط دولتا المصب، مصر والسودان، من أجل التوصل إلى اتفاق.

وتخشى مصر من أن يعرِض السد إمداداتها من مياه النيل للخطر بينما يشعر السودان بقلق بخصوص سلامة السد وتنظيم تدفق المياه عبر السدود ومحطات المياه الخاصة به.

وقال رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد الأسبوع الماضي "إثيوبيا ليس لديها أي رغبة على الإطلاق في التسبب في ضرر لا لمصر ولا للسودان. لكننا لا نريد أيضاً أن نعيش في ظلام".

تغير النبرة

وتغيرت نبرة حديث الرئيس المصري بعدما قال العام الماضي إن بلاده حريصة على التعامل مع أزمة سد النهضة من خلال التفاوض لا الخيار العسكري، داعياً الإعلام المصري إلى عدم الحديث عن عمل عسكري محتمَل.

وعبّر الرئيس المصري عن تفهمه لما وصفه بـ"مخاوف المصريين" من تعثُّر المفاوضات حول سدّ النهضة الإثيوبي، وتأثير ذلك على حصة مصر من مياه النيل، مؤكداً أن "معركة المفاوضات طويلة".

وحاولت الولايات المتحدة في وقت سابق التوسط، لكن إثيوبيا لم تحضر اجتماع التوقيع على الاتفاق، واتهمت إدارة الرئيس دونالد ترمب بالانحياز لمصر.

ويُخشى أن يتحول النزاع إلى صراع عسكري، بخاصة أن مصر -التي تواجه ما تصفه بالتهديد الوجودي- وصلت مراراً إلى طريق مسدود في محاولتها إبرام صفقة مع أديس أبابا، وعادة ما يلمّح معلقون في وسائل إعلام مصرية موالية للحكومة إلى اتخاذ إجراءات لوقف إثيوبيا.

لكن وزير الخارجية سامح شكري صرّح العام الماضي بقوله: "لم تُشِر مصر مطلقاً خلال السنوات الست الماضية بشكل غير مباشر إلى مثل هذه الاحتمالات"، لكنه قال إنه "إذا لم يتمكن مجلس الأمن من إعادة إثيوبيا إلى طاولة المفاوضات ووقف ملء السد، فسوف نجد أنفسنا في وضع يتعين علينا التعامل معه".

وأوضح أنه "عندما يحين الوقت، سنكون صريحين وواضحين للغاية في الإجراء الذي سنتخذه"، ودعا الولايات المتحدة وأعضاء مجلس الأمن الآخرين، إلى جانب الدول الإفريقية، للمساعدة في التوصل إلى اتفاق "يأخذ في الاعتبار مصالح الدول الثلاث".

تعثُّر مخيّب للآمال

تتمثّل النقاط الشائكة في المحادثات مع إثيوبيا في كمية المياه التي ستطلقها إثيوبيا في اتجاه مجرى النهر من السد في حالة حدوث جفاف ممتدّ لعدة سنوات، وكيف ستحلّ إثيوبيا ومصر والسودان أي نزاعات مستقبلية.

كما ترفض أديس أبابا من جانبها مقترحاً سودانياً-مصرياً باستئناف المفاوضات برعاية رباعية، وأعلنت تمسُّكها بآلية رعاية الاتحاد الإفريقي للمفاوضات، وهو الدور الذي ترى القاهرة أنه غير فعَّال ولم يأتِ بأي نتيجة حتى الآن.

ويرى بعض المراقبين أن التحركات المصرية المكثفة، سواء على المستوى الأوروبي والعالمي أو على محور القاهرة-الخرطوم، يمكن أن تكون تمهيداً لخيارات من نوع مختلف، خصوصاً وأن السودان تحول في هذه اللعبة الإقليمية من موقع المناوئ لمصر، في تنسيق مشترك الآونة الأخيرة.

هل يحمل التنسيق مع السودان رسالة عسكرية؟

قامت وزيرة الخارجية السودانية، مريم الصادق المهدي، مطلع مارس/آذار، بزيارة إلى العاصمة المصرية القاهرة التقت خلالها بنظيرها المصري، سامح شكري، بالتزامن مع زيارة رئيس أركان الجيش المصري إلى السودان، فيما بدا أنه تنسيق للجهود بين القاهرة والخرطوم لمواجهة أديس أبابا في ظل زيادة التوتر بين العواصم الثلاث إزاء ملفي سد النهضة والحدود.

وأعرب وزيرا خارجية مصر والسودان عقب لقائهما، عن أهمية التوصل إلى "اتفاق قانوني مُلزِم حول ملء وتشغيل سدّ النهضة الإثيوبي يحقّق مصالح الدول الثلاث ويحفظ الحقوق المائية لمصر والسودان ويحدّ من أضرار هذا المشروع على دولتَي المصب".

كما شدد الوزيران على أن قيام إثيوبيا بتنفيذ المرحلة الثانية من ملء سد النهضة بشكل أحادي سيشكل تهديداً مباشراً للأمن المائي لكل من مصر والسودان.

وبالتزامن، زار رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية، الفريق محمد فريد، السودان، ووقع خلال الزيارة اتفاقية تعاون عسكري مع الخرطوم.

ويربط مراقبون بين ملف سد النهضة وتجدُّد التوتر الحدودي بين الخرطوم وأديس أبابا من جهة، والتقارب المصري السوداني من جهة أخرى.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً