تونس تحيي الذكرى العاشرة لاندلاع ثورتها من مدينة سيدي بوزيد (the guardian)
تابعنا

لم تكن صورة محمد البوعزيزي التي تتوسط قلب مدينة سيدي بوزيد، سوى تذكير دائم للمارين بأن هذه المدينة هي من حملت على عاتقها شرارة التغيير في تونس وفي العالم العربي فيما بعد.

يعود السابع عشر من ديسمبر من هذا العام حاملاً معه رمزية زمنية مهمة، وهي مرور عشر سنوات على الثورة التونسية، بين آمال كان سقفها للتغيير عالياً وواقع يبدو صعباً إلى الآن، خاصة مع الظروف الاقتصادية المتردية التي تمر بها البلاد، ومع الوضع السياسي الذي فتح الباب أمام رجالات النظام القديم للعودة بقوة.

ومع المؤشرات السلبية للاقتصاد التونسي، الذي أنهكه فيروس كورونا أكثر، تحل الذكرى العاشرة لاندلاع الثورة وسط احتجاجات اجتماعية كبيرة تجوب عدة مناطق في البلاد نظراً لغياب أهم أسس العيش مثل الماء والغاز، مما جعل وسائل إعلام تطرح تساؤلات حول ثورة جديدة في البلاد.

ليس أكثر من حرية

ككل عام لم تفوت الصحف العالمية فرصة السابع عشر من ديسمبر للحديث عن تونس، إذ جعلت صحيفة "لوفيغارو" من تونس موضوع افتتاحيتها التي حملت عنوان "الأوهام الضائعة".

تقول الصحيفة إن النار التي أشعلها محمد البوعزيزي والتي ما زالت تستعر هي "نار توق الشعوب لمزيد من الديمقراطية ولشروط معيشية لائقة"، بل إنها مطالب سياسية، اقتصادية واجتماعية لم تتحقق في أي من بلدان الربيع العربي".

وأفادت الصحيفة أن "الانتخابات في هذه البلدان لم تتمخض عن أنظمة ديمقراطية يديرها أصحاب الكفاءات، لا بل إن الانتفاضات أدت إما إلى الحروب الاهلية أو التطرف أو العسكرة، وأحياناً إلى الثلاثة معاً.

بدورها سلطت صحيفة التايمز الضوء على الحدث وتشير الصحيفة إلى الاضطرابات التي انتشرت تقريباً في كل مكان بتونس بسبب معدلات البطالة التي لا تزال عالية وكلفة الحياة المرتفعة والتخبط الذي يعانيه من هم في السلطة.

وأشارت الصحفية إلى الثقافة الجديدة للانتخابات النزيهة وحرية التعبير في تونس لم يرافقها تحسن الحياة اليومية خاصة في المناطق المحرومة في داخل البلاد والتي انطلقت منها شرارة الثورة.

إذ كان أهم شعار في الثورة التونسية هو "الشغل" لكن البطالة ارتفعت من 13% في 2010
إلى 16.2% عام 2020. وارتفعت بين الشباب الذين وفروا الطاقة للتظاهرات إلى 35.7%.
وتضاعف عدد العاطلين عن العمل بين المتخرجين من الجامعات من 130.000 عام 2010 إلى 300.000 عاطل في الوقت الحالي.

ففي سيدي بوزيد -مهد الثورة- على سبيل المثال تجاوزت نسبة الفقر 23.1% وفق تقرير خاص بخريطة الفقر في تونس أصدره المعهد الوطني للإحصاء بالتعاون مع البنك الدولي في سبتمبر/أيلول الماضي، في حين قُدّرت نسبة البطالة فيها بـ15.4%، حسب آخر إحصائيات المعهد لسنة 2016.

كما كشف تقريرٌ صادرٌ عن لجنة التشغيل والاستثمار بالمجلس الجهوي بالمحافظة ارتفاع نسبة طلبات الشغل على قائمة الانتظار بنحو 90%، خلال النصف الأول من السنة الحالية.

ولم تخمد نار التحركات الاجتماعية في سيدي بوزيد المطالِبة بالتنمية العادلة والتشغيل، حيث احتلت المرتبة الثالثة وطنيّاً في قائمة المحافظات الأكثر احتجاجاً من الأول من يناير/كانون الثاني إلى 30 نوفمبر/تشرين الثاني الماضييْن بـ885 تحركاً احتجاجيّاً، بحسب المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية.

الحرس القديم يعود

على الصعيد السياسي، تزامنت الذكرى هذه السنة مع ظهور تسجيل صوتي للرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي، يخاطب فيه محاميه في تونس منير بن صالحة، ويتنصّل فيه من كل مسؤولية عما حصل في تونس إبان الثورة من عمليات قتل للمتظاهرين، كما أكد أنه "كان يقوم بحماية المعارضين لنظامه من أي اعتداء قد يصيبهم عكس ما كانوا يدعون".

لم يأت التسجيل مفاجئاً للتونسيين، بل كان بمثابة مرآة للواقع السياسي داخل البرلمان، إذ ترفع عبير موسي وحزبها "الدستوري الحر" لواء الدفاع عن بن علي. وموسي هي أحد أذرع نظام بن علي وتتفاخر بذلك، بل هي من الذين لا يعترفون بالثورة ويعتبرونها "مؤامرة على تونس".

بل إن آخر استطلاع رأي لنوايا التصويت لشهر ديسمبر/كانون الأول الحالي الذي تنجزه مؤسسة "سيغما" بالتعاون مع جريدة "المغرب" يظهر تقدم للحزب الدستوري الحرّ في الانتخابات التشريعية، مقابل تراجع حركة النهضة وصمود كل من قلب تونس وائتلاف الكرامة.

وتعكس هذه الأرقام مدى تأثير الوضع الاقتصادي على الطبقة السياسية "الجديدة"، إذ أصبح صوت المتباهين بالنظام القديم -رغم قمعه واستبداده- عالياً، بل إن بعض وسائل الإعلام المحلية أصبحت متماهية مع هذه الأصوات.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً