المرتزقة الروس "فاغنر" يتورطون في جريمة قفل إمدادات النفط الليبي بدعم من الإمارات (AA)
تابعنا

لم تكتفِ دولة الإمارات العربية بصب الزيت على نار الحرب في ليبيا، بدعمها العسكري واللوجستي لمليشيا حفتر، ضد حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دولياً، بل ملكت سجلاً حافلاً من الدعم المباشر والمالي للمرتزقة الذين يساندون حفتر، وتحديداً المرتزقة الروس المعروفين باسم "فاغنر".

وكشف تقرير أممي سري أن شركة "فاغنر" الروسية أوفدت إلى ليبيا ما بين 800 و1200 فرد متخصص في المهمات العسكرية، بمن فيهم قنّاصة، في تعزيز كبير لمليشيات حفتر، وفق وكالة رويترز.

وتحاول الإمارات جني حصتها من الجغرافيا والمال الليبي، والاستحواذ على النفط بدعمها للمرتزقة الروس الذين يفرضون سيطرتهم على آبار النفط بعدما جعلوا من قاعدة ومطار الجفرة مركزاً لقيادتهم وتمددهم للسيطرة على حقول النفط بجنوب البلاد، وهو ما جعل حكومة الوفاق ترى أن "تحرير سرت والجفرة من المرتزقة الروس والعصابات الإجرامية بات أمراً ملحّاً أكثر من أي وقت مضى"، على حد تعبير المتحدث باسم الجيش الليبي عقيد طيار محمد قنونو.

وقال قنونو: "سرت أصبحت أكثر الأماكن خطورة على الأمن والسلم ببلادنا بعدما باتت بؤرة للمرتزقة الروس والعصابات الإجرامية بعد طردها من العاصمة طرابلس ومدينة ترهونة".

#عملية_بركان_الغضب: بيان وزارة الخارجية بشأن وجود مجموعات ارهابية و مرتزقة بالحقول النفطية الليبية: نؤكد على الاستمرار...

Posted by ‎عملية بركان الغضب‎ on Saturday, 27 June 2020

وأعربت المؤسسة الوطنية الليبية للنفط، الجمعة، عن قلقها إزاء وجود مرتزقة من شركة فاغنر الروسية ومن جنسيات أخرى، في حقل الشرارة النفطي، والذي يعد الأكبر في البلاد بمتوسط إنتاج يومي 300 ألف برميل، من إجمالي الإنتاج البالغ مليون برميل يومياً في الوضع الطبيعي.

وقالت المؤسسة في بيان إن قافلة من عشرات السيارات العسكرية دخلت حقل الشرارة، الخميس، لمنع استئناف الصادرات بعد حصار دام أشهراً.

من جانبه، دعا مندوب ليبيا لدى الأمم المتحدة، الطاهر السني، السبت، الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا لفرض عقوبات على مرتزقة "فاغنر" الروسية و"الجنجويد" السودانية، الذين عجز مجلس الأمن عن معاقبتهم بعد خرقهم لكل القرارت الدولية.

وأضاف أنه "حان الوقت على الولايات المتحدة وأوروبا أن تفرضا عقوبات مباشرة على هؤلاء وتجميد أرصدتهم ومن يمولهم، شأنهم شأن الكيانات الإرهابية".

جفرة وسرت ورفض التفاوض

وأثارت مسألة السيطرة على الآبار النفطية ووجود المرتزقة الروس حفيظة الليبيين الذين رأوا أن "الدعوة للتفاوض مع حفتر هي مهزلة سياسية"، حسب تصريحات رئيس المكتب السياسي للتجمع الوطني لثوار السابع عشر من فبراير سامي الأطرش.

وقال الأطرش لـTRT عربي: "أقل رد ممكن أن يقال على دعوات الجلوس على طاولة مفاوضات إنه لا يمكن لأي دولة تمتلك سلطة تنفيذية وشرعية دولية أن تجلس على طاولة حوار في الوقت الذي تقوم به قوى أجنبية وخاصة روسية باحتلال آبارها النفطية".

وأضاف: "حتى قبل ظهور مرتزقة فاغنر الروسية وبدء احتلال مصادر اقتصادية ليبية قلنا لا تفاوض ولا هدنة على أي مسار سياسي أو اقتصادي أو عسكري قبل فرض سيادة السلطة الشرعية المعترف بها على كامل الأرض".

وأوضح أن "حكومة الوفاق في موقف متعنت تجاه التفاوض لأنه لا مجال لأي حوار ما دامت هناك قوى أجنبية على أرضنا وتحتل آبار نفطنا في الجنوب، والتفاوض يقلل من قيمة الشعب الليبية، وفيه عدم احترام لقواعد القانون الدولي".

الإمارات.. "سبب الكوارث"

وسبق وحمل المتحدث باسم الجيش الليبي المسؤولية لدول عربية وأجنبية (لم يسمها)، قال إنها دعمت المرتزقة وتحاول اليوم حمايتهم بجعل أماكن وجودهم في ليبيا خطوطاً حمراء، مشيراً إلى أنه "من غير المقبول الحديث عن وقف إطلاق النار، في الوقت الذي يحتل فيه المرتزقة الأجانب سرت والجفرة، ويسيطرون على حقول النفط الليبي مصدر قوت الليبيين".

في هذا السياق، قال وزير الداخلية في حكومة الوفاق الليبية فتحي باشاغا "إن دولة الإمارات سبب الكوارث في ليبيا كلها، وإنها تريد استمرار الفوضى فيها إلى ما لانهاية"، كما اتهم الوزير الليبي قوات تابعة لشركة فاغنر الروسية باستخدام غاز الأعصاب جنوبي العاصمة الليبية، وذلك في ظل توارد تقارير إعلامية تفيد بدعم الإمارات لمرتزقة فاغنر وغيرها.

من ناحية أخرى، قال باشاغا إن مقاتلي حكومة الوفاق تعرضوا في محور صلاح الدين جنوب العاصمة لغاز الأعصاب الذي أطلقته مليشيات حفتر، مضيفاً أنه نتج عن ذلك شل حركة المقاتلين ثم قتلهم، و"هذا العمل لا يتم إلا من فاغنر".

الإمارات تدفع رواتب فاغنر

ولا يتصرف المرتزقة الروس على أمزجتهم، بل يتبعون أجندة الدول التي تمولهم وتدفع رواتبهم، وهو ما كشفه تحقيق سابق لصحيفة "إندبندنت" البريطانية التي قالت "إن النظام الحاكم في دولة الإمارات يتورط في تغطية التمويل الرئيسي للمرتزقة في ليبيا خدمة لمؤامرات أبو ظبي في نشر الفوضى والتخريب ونهب مقدرات البلاد".

هذه الحقيقة كشفتها أيضاً صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية، وقالت "إن الإمارات على الأغلب هي من يدفع رواتب مرتزقة فاغنر الروس"، بالإضافة إلى مرتزقة سودانيين، وتشاديين، وسوريين، يصلون تباعاً إلى ليبيا بدعم من الإمارات ومصر.

ولم تنفِ روسيا يوماً وجود شركات عسكرية روسية على الأرض في ليبيا، إلا أنهم يتلقون المكافآت السخية من الإمارات، ولولا هذا التمويل لما وُجدوا هناك، حسب محللين روس، لأن تلك الشركات الأمنية تهتم بالأرباح ولا تهمها السياسة الدولية في شيء.

شغلّت الإمارات جسراً جوياً لتوريد السلاح إلى حليفها حفتر في ليبيا، وحقق خبراء من الأمم المتحدة في 37 رحلة جوية إماراتية من أصل مئات الرحلات الموثقة في مواقع تتبع الطيران خلال شهري يناير وفبراير الماضيين

تقرير سري للأمم المتحدة نشرته وكالة "بلومبيرغ" الأمريكية

ووسعت الإمارات وحلفاء حفتر نطاق دعمهم لفاغنر، بعد تكبد الأخيرة خسائر كبيرة جراء هجمات قوات الوفاق عليها، وهو ما أشارت إليه صحيفة "NEWS.RU" الإلكترونية الروسية في مقال بعنوان "جنود الحظ الروس يخيبون آمال حفتر".

وذكرت الصحيفة أن "عجز حفتر عن الحفاظ على سيطرته على المدن الساحلية الليبية أثار قلق حلفائه الخليجيين، مع شنّ الإمارات حملة دبلوماسية بهدف زيادة عدد الدول الداعمة له."

ولدى الإمارات تاريخ طويل في إرسال المليشيات إلى ليبيا واليمن، وتدريبهم في شركات أمنية خاصة، إما بشكل مباشر، أو عن طريق خداعهم كما حصل مع شبان سودانيين استقدمتهم للعمل معها في شركات أمنية، ثم حولتهم رغماً عنهم إلى مرتزقة، حيث قامت بتدريبهم وإرسالهم للقتال في ليبيا.

وكانت صحيفة الغارديان البريطانية، قد نشرت تقريراً في ديسمبر/كانون الأول الماضي، يتحدث عن استمرار تدفق آلاف المرتزقة السودانيين إلى ليبيا، حيث قال قادة عسكريون تابعون لمليشيات حفتر للصحيفة، إنهم استقبلوا مئات المجندين السودانيين الجُدد مؤخراً، مشيرين إلى أنه يوجد ما لا يقل عن 3000 مقاتل سوداني في ليبيا، وهذا رقم أعلى من التقديرات السابقة.

وأشارت تقارير الأمم المتحدة لوجود مقاتلين مرتزقة سودانيين في ليبيا جرى خداعهم وشراؤهم من قبل شركة "بلاك شيلد" الأمنية الإماراتية.

وانسحب معظم المرتزقة الروس الذين كانوا يقاتلون مع مليشيات خليفة حفتر نحو وسط ليبيا عبر مدينة بني وليد، في أواخر مايو/أيار، في حين واصلت قوات حكومة الوفاق تقدمها جنوبي طرابلس.

وعلى الرغم من صغر مساحتها (71 ألف كيلو متر مربع) بعدد سكان أقل من 10 ملايين نسمة (يشكل السكان الأصليون منهم نسبة أقل من 12%)، تستحوذ دولة الإمارات على ما يصل إلى 3.4%من حجم الإنفاق العسكري في العالم، وهي ثامن أكبر دولة بحجم الإنفاق العسكري في العالم ما بين عامي 2015 و2019، حسب وكالة الأناضول.

فاغنر.. نموذج الحرب الروسية بالوكالة

وتعود ملكية الشركة الأمنية الروسية الأشهر إلى رجل الأعمال "يفغيني بريغوجين"، المقرب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والملقب بـ"طباخ بوتين"، نظراً لأنه يدير شركة "كونكورد" التي كانت تنظم حفلات الاستقبال بالكرملين، لكنها تخضع لعقوبات أمريكية منذ نهاية 2016.

وحسب وكالة الأناضول، تتولى فاغنر، تنفيذ المهام الخارجية التي لا ترغب موسكو بتبنيها رسمياً، حيث تعرف بدورها في ضم القرم، والانخراط في الاشتباكات شرقي أوكرانيا، إلى جانب الانفصاليين، وإرسال المرتزقة إلى سوريا ودول إفريقية، حسب وكالة الأناضول.

وبرز اسم الشركة في الآونة الأخيرة، مع احتدام الصراع في ليبيا، وقتالها في صفوف مليشيات حفتر الذي يشن هجمات للسيطرة على العاصمة طرابلس. وارتفعت أعداد المرتزقة الروس في ليبيا، حسب تقرير لوزارة الدفاع الأمريكية من 200 في سبتمبر/أيلول 2019، إلى ما بين 800 و1400 مرتزق في نهاية العام ذاته، بينما قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في فبراير/شباط الماضي، إن أعدادهم وصلت إلى 2500 مرتزق بليبيا.

ولا تكتفي "فاغنر" بإمداد حفتر بالمرتزقة، بل تسعى لخدمة الأجندة الروسية، من خلال "خدماتها الاستشارية" الإعلامية والسياسية والمالية.

وتسعى شركة "فاغنر" الروسية إلى تشكيل رأي عام مؤيد لـ"سيف الإسلام القذافي" نجل الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، ولحفتر، وفق دراسة نشرها "مركز السياسات السيبرانية"، في جامعة "ستانفورد" الأمريكية.

وأظهر تقرير أعدته مؤسسة "دوسير" للأبحاث، ومقرها لندن، أن شركة "فاغنر" أقدمت على أنشطة من قبيل "الدخول في شراكة بقناة (الجماهيرية) تلفزيونية تعود لنظام معمر القذافي السابق، والقيام ببث برامج لصالح "سيف الإسلام" نجل معمر القذافي، وحفتر.

TRT عربي
الأكثر تداولاً