الممارسات القمعية الإسرائيلية باتت تمس فلسطينيّي الداخل (AP)
تابعنا

تداعى الهدوء الذي ساد في إسرائيل، لفترة طويلة، بفعل هجمات نفّذها فلسطينيون، يحمل ثلاثة منهم الجنسية الإسرائيلية، وأوقعت 11 قتيلاً.

ولم تتبنَّ أي فصائل فلسطينية الهجمات الأخيرة، ما يشير إلى أنها عمليات فردية غير منظّمة ويصعب السيطرة عليها.

وتمثل العمليات الفردية حسب المحللين تحدياً صعباً لأجهزة الأمن الإسرائيلية التي كانت تضع في تقديراتها إمكانية تزايد مستوى التوتر مع اقتراب شهر رمضان الذي يبدأ السبت فلكياً.

وفي الفترة الأخيرة أعرب مسؤولون إسرائيليون عن خشيتهم اندلاع توترات واحتجاجات في الداخل والأراضي الفلسطينية المحتلة، كالتي حدثت في مايو/أيار 2021.

لكن إسرائيل وفق المحللين تفاجأت بأربع عمليات منذ 15 مارس/آذار الماضي أوقعت 11 قتيلاً، وأخذت على غير العادة طابعاً مسلحاً، بما يفيد بفشل على مستوى التقديرات الأمنية.

وفي مايو/أيار 2021 شهدت المدن العربية في الداخل الفلسطيني مواجهات عنيفة بين مواطنين من جهة والشرطة ويمينيين إسرائيليين، بالتزامن مع عدوان إسرائيلي على حي الشيخ جراح وسط القدس المحتلة والمسجد الأقصى وقطاع غزة.

ووفق أحدث إحصاء رسمي يبلغ عدد فلسطينيي الداخل نحو مليون و982 ألفاً، ويشكلون 21% من عدد سكان إسرائيل البالغ نحو 9 ملايين و391 ألفاً.

قلق إسرائيلي

قال المختص بالشأن الإسرائيلي خلدون البرغوثي للأناضول إن "العمليات التي نفذت (داخل إسرائيل) مؤخراً باستخدام السلاح الناري أثارت حالة جادة من القلق لدى إسرائيل".

وتابع: "أخطر هذه العلميات، حسب وجهة النظر الإسرائيلية هي عملية الثلاثاء التي نفّذها الفلسطيني من جنين ضياء حمارشة في مدينة بني براك قرب تل أبيب (وسط)، وأودت بحياة 5 أشخاص".

إلا أن العملية الأخيرة حسب البرغوثي "جاءت في سياق وطني فلسطيني، في حدث لم تشهد الساحة شبيهاً له منذ سنوات".

واستكمل: "أكثر ما أثار قلق إسرائيل في بداية هذه العمليات إمكانية تنفيذ عمليات مماثلة".

واعتبر أن دخول الفلسطينيين في الداخل على خط تنفيذ هذه العمليات كان "مؤلماً لإسرائيل"، الأمر الذي ألقى بظلال على السياق الفلسطيني كله.

طابع مسلح

ووفق البرغوثي فإن "نظرة إسرائيل إلى إمكانية التصعيد في الضفة والداخل تغيّرت بشكل جدي، حيث رفعت حالة الاستنفار إلى أعلى درجات التأهب، وهو ما لم يحدث إلا في التصعيد الأخير في مايو/أيار 2021".

وتابع أن أول عملية إطلاق نار من سلاح فلسطيني "لفتت نظر إسرائيل إلى السلاح المنتشر لدى فلسطينيي الداخل وأهملته على مدار سنوات".

وأردف أنه "حسب تقارير فإن لدى فلسطينيي الداخل نحو 200 ألف قطعة سلاح على الأقل، ما يعني أن داخل إسرائيل يوجد جيش صغير".

وأفاد بأنه "يسهل على فلسطينيي الداخل اقتناء الأسلحة بشكل أكبر من فلسطينيي الضفة، وذلك لامتلاكهم هوية إسرائيلية تمنحهم حرية حركة".

وأعرب عن اعتقاده أن "حجم الرد الإسرائيلي على تلك العمليات قد يدفع بالأحداث سواء في الداخل أو الضفة أو غزة، إلى التطور بخاصة في ظل تخوفات من عودة التوتر مع اقتراب رمضان".

واعتبر أن "الخطة الإسرائيلية التي تسمح بمشاركة حرس الحدود والجيش في قمع فلسطينيي الداخل تشير إلى وجود تغيّر استراتيجي بموقف فلسطينيي الداخل حول مواجهة اعتداءات إسرائيل بحقهم".

إحباط فلسطيني

أما المختص في الشأن الإسرائيلي وديع أبو نصار فقال للأناضول إن "الطابع الفردي لهذه العمليات يشير إلى إحباط لدى الشبان الفلسطينيين داخل إسرائيل بسبب السياسات والقوانين العنصرية بحقّهم".

وتابع: "أفراد محبطون يتخذون قرارات فردية بهذه العمليات لتفريغ إحباطهم، وهنا تكمن الخطورة ويزيد تعقيد المشهد".

وأفاد بوجود حالة من "القلق داخل إسرائيل من إمكانية تكرار العمليات التي سببت خسائر بالأرواح".

واستكمل: "العمليات أضرت بصورة إسرائيل، لا سيما أن منفّذيها من الأفراد واستطاعوا إيقاع خسائر ودب الرعب والهلع في قلوب الكثير من الإسرائيليين".

إلا أن البعض يعتبرونها "عمليات إرهابية تضرب العمق الإسرائيلي وتودي بحياة المدنيين"، على حدّ قوله.

تهديد وفرصة

وحسب أبو نصار فإن هذه العمليات من شأنها أن تنعكس سلباً على الفلسطينيين سواء في الداخل أو الضفة أو غزة.

وتحدث عن وجود تخبّط داخل الأروقة الرسمية الإسرائيلية "حول الخطوات الأنجع لمواجهة العمليات، هل ستكون برفع وتيرة سياسات العصا أم الجزرة".

بالمقابل ربما تشكل هذه العمليات وفق أبو نصار حافزاً لإسرائيل والمجتمع الدولي لتحريك المياه الراكدة في مسار استئناف جدي لمفاوضات حل الصراع مع الفلسطينيين".

واستطرد: "تراكم العمليات يؤدي إلى نوع من الحلحلة البسيطة، بخاصة أن الإدارة الأمريكية تضغط لوقفها".

وشدد أبو نصار على أنه "رغم التطبيع العربي مع إسرائيل، فهذه العمليات تشير إلى أن مفتاح الصراع والاستقرار يبقى بيد الفلسطينيين".

وتوقع أن "تشهد إسرائيل والأراضي الفلسطينية مع حلول رمضان هبوطاً وصعوداً في التوتر من دون الوصول إلى الاستقرار".

واعتبر أن هذا سيبقى قائماً من دون وجود حل سياسي، بخاصة أن إسرائيل تنظر إلى الفلسطيني باعتباره "مشكلة أمنية" وليس "إنساناً له الحق في تقرير المصير".

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً