ممثلو السلطة والمعارضة الفنزويلية توصلوا إلى الاتفاق إثر مفاوضات عُقدت بأحد فنادق العاصمة المكسيكية / صورة: Reuters (Reuters)
تابعنا

حقّقت السلطة والمعارضة الفنزويليّتان اختراقاً السبت، في المفاوضات الدائرة بينهما في العاصمة مكسيكو، بتوصّلهما إلى “اتّفاق اجتماعي واسع النطاق” رحّبت به الإدارة الأمريكيّة، التي سمحت لشركة “شيفرون” النفطيّة باستئناف عملها في البلاد.

ومن شأن الاختراق الذي تحقّق أن يُترجَم تخفيفاً محتملاً للعقوبات الاقتصاديّة والسياسيّة الصارمة التي تفرضها واشنطن على كاراكاس. وسيكون لخطوة من هذا النوع تأثير كبير في أسواق النفط العالميّة، وقد تخفض تدفّق اللاجئين من فنزويلا على دول المنطقة.

وقال وزير الخارجيّة المكسيكي مارسيلو إيبرارد، الذي بذل جهود وساطة بين الطرفين، إنّ الاتّفاق المتوصَّل إليه في قاعة اجتماعات أحد فنادق مكسيكو يشكّل “أملاً لأمريكا اللاتينيّة برمّتها”.

وقد اتّفقت السلطة والمعارضة على اتّخاذ كلّ الخطوات اللازمة للإفراج عن “الأموال المشروعة” لفنزويلا و”المجمّدة في النظام المالي الدولي”.

وستُغذّي هذه الأموال “صندوق الحماية الاجتماعيّة للشعب الفنزويلي” لتلبية الاحتياجات الأكثر إلحاحاً للبلاد (النظام الصحّي، شبكة الكهرباء، التعليم، الاستجابة لمشكلة الأمطار الغزيرة الأخيرة التي أودت بحياة ما يقرب من 80 شخصاً في أكتوبرمتشرين الأوّل".

ومن أجل إنشاء هذا الصندوق وإدارته، سيطلب الطرفان دعم الأمم المتحدة، وفقاً للاتّفاق الذي تلاه ممثّل النرويج، الدولة الوسيطة في الحوار بين الفنزويليّين في المكسيك.

وقال كبير ممثّلي السلطة الفنزويليّة رئيس الجمعيّة الوطنيّة خورخي رودريغيز: “من خلال هذا الاتّفاق، سننقذ أكثر من ثلاثة مليارات دولار”.

وأعلن ممثّل المعارضة خيراردو بلايد أنّ الصندوق ستُديره الأمم المتحدة مع برنامج للمشاريع التي سيجري تنفيذها.

والسبت وقّع طرفا الأزمة الفنزويليّة اتّفاقاً إنسانياً يتمحور حول التعليم والصحّة والأمن الغذائي والاستجابة للفيضانات وبرامج للكهرباء.

كذلك اتّفقا على مواصلة المحادثات حول الانتخابات الرئاسيّة المقرّر تنظيمها عام 2024.

وأشادت الولايات المتحدة السبت، بالاتّفاق الذي وُقّع في مكسيكو بين السلطة والمعارضة الفنزويليّتَين، واعتبر مسؤول أمريكي رفيع أنّه “مرحلة مهمّة في الاتّجاه السليم”.

في وقتٍ لاحق رحّبت الولايات المتحدة والاتّحاد الأوروبّي والمملكة المتحدة وكندا في بيان مشترك، بـ”قرار استئناف الحوار” بين الفنزويليّين، داعيةً إيّاهم إلى “إظهار حسن نيّة من أجل التوصّل إلى اتّفاق شامل يؤدّي إلى انتخابات حرّة ونزيهة في 2024، وإلى إعادة تأهيل المؤسّسات الديمقراطيّة وإنهاء الأزمة الإنسانيّة في فنزويلا”.

وأضافت الكتلة الأوروبّية والدول الأنغلوسكسونيّة الثلاث أنّها ستواصل “العمل مع شركائها الدوليّين لتلبية الاحتياجات الملحّة للفنزويليّين داخل بلادهم وخارجها”، مؤكّدةً “استعدادها لمراجعة حزمة العقوبات في حال إحراز تقدّم كبير من جانب النظام” في كاراكاس.

تفاقمت الأزمة السياسيّة التي تشهدها فنزويلا منذ أعلن الرئيس المنتهية ولايته حينها نيكولاس مادورو فوزه بولاية جديدة في الانتخابات التي أُجريَت عام 2018 وطعنت المعارضة، وكذلك جهات دوليّة عدّة، في شرعيّتها.

وفور إعلان توقيع الاتّفاق في مكسيكو، أجازت وزارة الخزانة الأمريكيّة لمجموعة شيفرون النفطيّة أن تستأنف جزئياً أنشطة التنقيب في فنزويلا التي تختزن أكبر احتياطات نفطيّة في العالم.

وأشارت الوزارة إلى أنّ الإجازة ستكون صالحة لمدّة ستّة أشهر، ستدرس خلالها إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن مدى وفاء حكومة مادورو بالتعهّدات التي قطعتها في الاتّفاق الموقّع السبت.

واكتسبت الجهود الدوليّة المبذولة لحلّ الأزمة الفنزويليّة زخماً كبيراً منذ بدأت روسيا غزو أوكرانيا، مع ما رافق ذلك من ضغوط على إمدادات الطاقة العالميّة.

على الرغم من اختزان بلادهم أكبر احتياطات نفطيّة في العالم، يُعاني الفنزويليون الفقر وأزمة سياسيّة، مما دفع نحو سبعة ملايين فنزويلي إلى الهرب من البلاد في السنوات الأخيرة حسب الأمم المتحدة.

وغالباً ما تشهد البلاد شحّاً في السلع الأساسيّة، على غرار الموادّ الغذائيّة والأدوية وورق المراحيض.

تطالب المعارضة الفنزويليّة بتنظيم انتخابات رئاسيّة حرّة ونزيهة يُفترض أن تجرى عام 2024. في المقابل، تطالب كاراكاس المجتمع الدولي بالاعتراف بمادورو رئيساً شرعياً وبرفع العقوبات، خصوصاً الحظر الذي تفرضه الولايات المتحدة على النفط الفنزويلي.

ولدى وصوله إلى مكسيكو قال عضو الوفد الحكومي المفاوض خورخي رودريغيز إنّ أحد الأهداف التي تسعى إليها كاراكاس هو التوصُّل إلى “عقد اجتماعي واسع النطاق” مع المعارضة.

“العيش في سلام”

بعد انتخابات 2018 المطعون على شرعيّتها، اعترف نحو 60 دولة، بينها الولايات المتحدة، بزعيم المعارضة خوان غوايدو رئيساً بالوكالة.

وكان رودريغيز الذي يرأس أيضاً الجمعيّة الوطنيّة، أشار قُبيل مغادرته كاراكاس إلى أنّ فريقه سيدافع عن “حقّنا... في العيش بسلام”.

من جهتها طالبت “المنصّة الموحَّدة” للمعارضة باتّخاذ خطوات ملموسة لحلّ “الأزمة الإنسانيّة واحترام حقوق الإنسان... خصوصاً (تقديم ضمانات) بشأن تنظيم انتخابات حرّة” بحضور مراقبين.

لكنّ مصدراً مطّلعاً على سير المفاوضات قال في تصريح لوكالة فرانس برس، إنّ المعارضة لم تتوصّل إلى توافق بشأن الشروط المطلوبة للمشاركة في انتخابات 2024.

في السنوات الأخيرة انحسر تأثير غوايدو، بعدما خسر حلفاء أساسيّين له محلّيّاً وإقليميّاً، مع وصول يساريّين إلى الرئاسة في بلدان عدّة.

واستحال الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو لاعباً أساسياً في المحادثات، منذ أصبح في أغسطس/آب أوّل يساري يتبوّأ سدّة الرئاسة في بلاده.

ويسعى بيترو لتحسين الروابط بين بلاده وفنزويلا، وقد استأنف العلاقات الدبلوماسيّة معها للمرّة الأولى منذ عام 2019 حين رفض الرئيس إيفان دوكي الاعتراف بفوز مادورو بولاية رئاسيّة جديدة.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً