انتقل الممثل الأوكراني المشهور فولوديمير زيلينسكي من المسرح الكوميدي إلى المسرح السياسي بفوزه على نظيره الرئيس الحالي بترو بوروشنكو بفارق كبير، ليمتلك بذلك زمام قيادة بلد يقع على خط المواجهة في أزمة بين الغرب وروسيا.
وإن كان زيلينسكي لم يمارس السياسة مطلقاً، فإنه ارتبط بها عن طريق نقده الدائم لكل ما يحدث بالبلاد بطريقة هزلية، ليتحول بذلك أحد مسلسلاته "خادم الشعب" والذي مثّل فيه دور رئيس البلاد إلى حقيقة. فما الذي يفسر فوزه بهذه النسبة العالية؟ وكيف تلقّى العالم نبأ فوزه؟ وإلى أين ستتجه أوكرانيا التي تقع على خط مواجهة بين الغرب وروسيا؟.
من الكوميديا إلى رئاسة الجمهورية
اشتهر زيلينسكي بتقديمه شخصية رئيس الجمهورية في مسلسل تلفزيوني ساخر باسم "خادم الشعب"، مثّل فيه دور مدرس تاريخ أصبح رئيساً للجمهورية بالصدفة، وعمل خلال حكمه على محاربة الفساد ورموز السلطة الفاسدة.
لعلّ هذا الأمر هو ما شجع عدداً كبيراً من الشعب لانتخابه، ظهر ذلك في مشاركة العديد من الشباب في حملته الانتخابية بشكل تطوعي، دافعهم في ذلك إيمانهم برسالته النقدية للسياسة وإن لم يطالها يوماً، إلى جانب عدم وجود ما يسيء إلى سمعته، حسب تقرير بثته قناة دويتشه فيليه.
ويرى مراقبون أن تقدم زيلينسكي، البالغ من العمر 41 عاماً، يعكس سخط الأوكرانيين على الساسة والمسؤولين، وعدم رضاهم عن مؤسسات الدولة.
يؤكد ذلك الصحفي محمد فرج الله لـTRT عربي بقوله "أصبحت أوكرانيا دولة ديمقراطية، وأتت ثورة الميدان للشعب بأحد مطالبه، إذ إن الشعب الأوكراني سئم من جميع الوجوه السياسية السابقة".
ويضيف فرج الله أن طبقة الأثرياء كانت في المشهد السياسي منذ استقلال أوكرانيا عام 1991، إلا أن الشعب الأوكراني الآن يريد أن يقوده من يأتي من الشعب ذاته.
ويشير إلى وجود استياء عام في الشارع الأوكراني من استمرار الحرب وإنهاك البلاد، ولذا فهم يضعون آمالهم على الرئيس الشاب لقيادة البلاد نحو السلام.
ماذا يحمل زيلينسكي في جعبته؟
لم يكن ذلك غائباً عن زيلينسكي، إذ تعهد ليلة الإثنين وهو يعلن الفوز أمام مؤييده، بألا يخذل الشعب الأوكراني.
ويعد الفوز الساحق لفولوديمير زيلينسكي ضربة قاسية للرئيس بترو بوروشنكو الذي سعى لحشد الأوكرانيين وتوحيدهم بتقديم نفسه بوصفه حصناً ضد العدوان الروسي ومناصراً للهوية الأوكرانية، وفق ما نقلته وكالة رويترز.
ردود عالمية
قال رئيس الوزراء الروسي ديمتري مدفيديف، الإثنين، في أول رد فعل لمسؤول روسي رفيع عقب الفوز الكبير الذي حققه زيلينسكي، إن لدى موسكو فرصة في تحسين العلاقات مع أوكرانيا بقيادة فولوديمير زيلينسكي، لكنه أكد أنه "ليس لديه أوهام" في هذا الشأن. جاء ذلك في ما كتبه على صفحته الخاصة في فيسبوك.
وتعهد الرئيس الأمريكي دونالد ترمب في اتصال هاتفي مع زيلينسكي بدعم وحدة أراضي أوكرانيا، وهنأ دونالد توسك رئيس المجلس الأوروبي الشعب الأوكراني على ما وصفه بمشهد للنضج الديمقراطي، في الوقت الذي أشاد فيه الاتحاد الأوروبي بتمسُّك أوكرانيا القوي بالديمقراطية.
وحسب مراقبين فإن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا، سيراقبون عن كثب بيانات زيلينسكي المتعلقة بالسياسة الخارجية لمعرفة ما إذا كان سيسعى لإنهاء الحرب ضد الانفصاليين المؤيدين لروسيا.
واتصل الرئيس الأمريكي دونالد ترمب هاتفياً بزيلينسكي وتعهد بدعم وحدة أراضي أوكرانيا، بينما هنأ دونالد توسك رئيس المجلس الأوروبي الشعب الأوكراني على ما وصفه بمشهد للنضج الديمقراطي.
زيلينسكي ليس الأول الذي دخل المسرح السياسي من عالم الكوميديا، إذ وصل دونالد ترمب إلى الرئاسة عندما ظهر في شخصية كرتونية ضمن المسلسل الكرتوني "عائلة سيمبسون" والذي تنبأ بوصوله إلى الرئاسة في الولايات المتحدة الأمريكية.
يذكر أن العلاقات بين أوكرانيا وروسيا متوترة منذ انتفاضة 2014 التي أطاحت بالرئيس الموالي للكرملين، وقامت روسيا على إثرها بضم القرم ودعمت انفصاليين في نزاع في الشرق الأوكراني أودى بحياة نحو 13 ألف شخص.
